اعتقاد الإمام العالم أبي الحسن الأشعري هو اعتقاد أهل السنة والجماعة
اعتقاد الإمام العالم أبي الحسن الأشعري هو اعتقاد أهل السنة والجماعة
3 نوفمبر 2016
السّنا مكّي‎
السّنا مكّي‎
3 نوفمبر 2016
اعتقاد الإمام العالم أبي الحسن الأشعري هو اعتقاد أهل السنة والجماعة
اعتقاد الإمام العالم أبي الحسن الأشعري هو اعتقاد أهل السنة والجماعة
3 نوفمبر 2016
السّنا مكّي‎
السّنا مكّي‎
3 نوفمبر 2016

قِيلَ لِنَبَّاش قُبُورٍ كانَ تَابَ ما أَعْجَب ما رأيتَ؟

قِيلَ لِنَبَّاش قُبُورٍ كانَ تَابَ ما أَعْجَب ما رأيتَ؟

من كِتاب القبور للحافِظ ابن أبي الدنيا

روَى الحافِظُ ابنُ أبي الدنيا (1) القرشي الحنبلي في كِتاب القبور عن بَقِيَّةَ الزهرانيِ قال سَمِعت ثابتًا البُنَانيَّ وهو يَقُول بَيْنَا أنا أَمْشِي في المقابر إذَا هاتِفٌ يَهْتِفُ مِن وَرَائي وهو يقول يا ثابِتُ لا يَغُرُّنَّكَ سُكُونُها فَكَم مِن مَغْمُومٍ فِيها، قال فالْتَفَتُّ فلَم أَرَ أَحَدًا.
عن رَجُلٍ قال مَرَرْنا في بعضِ المياه التي بيننا وبين البَصْرَةِ إذ سَمِعْنا نَهِيقَ حِمارٍ فقُلنا ما هذا النهيقُ؟ قال هذا رَجُل كان عندنا فكانت أُمُّه تُكَلِّمُهُ بالشىءِ فيقول لها انْهَقِي نَهِيْقَكِ، فَلَمَّا ماتَ سُمِعَ هذا النَّهِيْقُ عِنْدَ قَبْرِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ.
قِيلَ لِنَبَّاش قُبُورٍ كانَ تَابَ ما أَعْجَب ما رأيتَ؟ قال نَبَشْتُ رَجُلًا فإذا هُو مُسَمَّرٌ بالْمَسَامِير في سائر جسده ومِسْمارٌ كَبِير في رأسه وءاخَرُ فِي رِجْلَيه، وقيل لِنَبَّاشٍ ءَاخر ما كان سَبَبُ تَوْبَتِك؟ قال كانَ عامَّةُ مَن كُنتُ أَنْبُشُ كُنْتُ أَرَاهُ مُحَوَّلَ الوَجْهِ عَن القِبْلَةِ. انتهى من كِتاب القبور

فمما يجب التصديق به إخوة الإيـمان عذاب القبر للكافر ولبعض عصاة المسلمين، فقد قال الإمام أبو حنيفة رضى الله عنه في الفقه الأكبر (وضغطة القبر وعذابه حق كائن للكفار ولبعض عصاة المسلمين) فلا يـجوز إنكار عذاب القبر بل إنكاره كفر، وقال الإمام أبو منصور البغدادِى في كتاب الفرق بين الفرق (وقطعوا أى أهل السنة والجماعة بأن المنكرين لعذاب القبر يعذبون في القبر) أى لكفرهم، وهذا العذاب أيها الأحبة يكون بالروح والجسد لكن الله يحجبه عن أبصار أكثر الناس ليكون إيـمان العبد إيمانًا بالغيب فيعظم ثوابه، ويدل على كون العذاب بالروح والجسد ما ورد عن سيدنا عمر بن الخطّاب رضى الله عنه أنه سأل الحبيب محمدًا صلى الله عليه وسلم (أَتُرَدُّ علينا عقولنا يا رسول الله)؟ فقال صلى الله عليه وسلم (نعم كهيئتكم اليوم)، قال فَبِفيه الحجر أى سكت وانقطع عن الكلام لسماعه الخبر الذى لم يكن يعرفه.
ومن الأدلة على عذاب القبر أيضًا قول الله تبارك وتعالى (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) (سورة غافر ءاية 46) والمراد بآل فرعون أتباعه الذين اتبعوه على الشرك والكفر، هؤلاء يُعرضون على النار أوّلَ النهار مرة وءاخِرَ النهار مرة فيمتلؤون رُعبًا وفـزَعًا وخوفًا وهذا العرض ليس في الآخرة إنما قبل قيام الساعة كما يفُهم من الآية وليس قبل الموت كما هو ظاهر فتعيَّن أن يكون في مدة القبر في البرزخ وهي المدة ما بين الموت والبعث.

وَقَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ طَه ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ أَىْ أَنَّ الْكَافِرَ الَّذِى أَعْرَضَ عَنِ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أَىْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ يُعَذَّبُ فِى قَبْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالآيَةِ ﴿مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ أَىْ مَعِيشَةً ضَيِّقَةً فِى الْقَبْرِ وَقَدْ فَسَّرَهَا النَّبِىُّ ﷺ بِعَذَابِ الْقَبْرِ كَمَا رَوَى ذَلِكَ ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِىُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ضَغْطَةُ الْقَبْرِ فَيَقْتَرِبُ حَائِطَا الْقَبْرِ مِنْ جَانِبَيْهِ حَتَّى تَتَدَاخَلَ أَضْلاعُهُ وَتُسَلَّطُ عَلَيْهِ الأَفَاعِى وَالْعَقَارِبُ وَحَشَرَاتُ الأَرْضِ فَتَنْهَشُ وَتَأْكُلُ مِنْ جَسَدِهِ، فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِىُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ وَيُسَلَّطُ عَلَيْهِ عَقَارِبُ وَثَعَابِينُ لَوْ نَفَخَ أَحَدُهُمْ فِى الدُّنْيَا مَا أَنْبَتَتْ شَيْئًا تَنْهَشُهُ فَتُؤْمَرُ الأَرْضُ فَتُضَمّ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ، وَأَمَّا عُصَاةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَ التَّوْبَةِ فَهُمْ صِنْفَانِ صِنْفٌ يُعْفِيهِمُ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَلا يُصِيبُهُمْ وَصِنْفٌ يُعَذِّبُهُمْ اللَّهُ فِى الْقَبْرِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَيُؤَخَّرُ لَهُمْ بَقِيَّةُ عَذَابِهِمْ إِلَى الآخِرَةِ.
وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ انْزِعَاجُ بَعْضِ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَوَحْشَتِهِ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِىُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِىُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرِ إِثْمٍ أَىْ بِحَسَبِ مَا يَتَوَهَّمُ بَعْضُ النَّاسِ لَيْسَ ذَنْبُهُمَا شَيْئًا كَبِيرًا لَكِنَّهُ فِى الْحَقِيقَةِ ذَنْبٌ كَبِيرٌ لِذَلِكَ قَالَ بَلَى أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ (وَهِىَ نَقْلُ الْكَلامِ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِلإِفْسَادِ) بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ أَىْ لا يَتَنَّزَهُ مِنْهُ بَلْ يُلَوِّثُ جَسَدَهُ بِهِ ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ بِعَسِيبٍ رَطْبٍ أَىْ غُصْنِ نَخْلٍ أَخْضَرَ فَشَقَّهُ اثْنَيْنِ فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا ثُمَّ قَالَ لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا أَىْ لَعَلَّ عَذَابَ الْقَبْرِ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا دَامَ هَذَانِ الشِّقَانِ رَطْبَيْنِ فَقَدْ وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبَاتَ الأَخْضَرَ يُسَبِّحُ اللَّهَ فَإِذَا وُضِعَ عَلَى الْقَبْرِ يُخَفَّفُ عَنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ بِتَسْبِيحِهِ إِنْ كَانَ فِى نَكَدٍ فَيَنْبَغِى وَضْعُ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ عَلَى الْقَبْرِ لِأَنَّهُ يُسَبِّحُ اللَّهَ لَكِنْ نَحْنُ لا نَسْمَعُهُ.

أجَارَنا اللهُ وإيّاكُم مِن عَذَابِ القَبْرِ وعَذابِ الآخِرَة.

(1) عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس، أبو بكر القرشي، الأموي مولاهم، البغدادي الحنبلي، المشهور بابن أبي الدنيا (208 – 281 هـ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *