الرسولُ صلى الله عليه وسلم وعلى ءالهِ حَذَّرَنا منَ الاعتِمادِ على صُوَرِ الأعمالِ بدونِ تصحيحِها

اتفاقُ الصحابةِ في العقيدةِ
اتفاقُ الصحابةِ في العقيدةِ
24 ديسمبر 2020
الثباتُ على عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ معَ ذِكرِها
الثباتُ على عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ معَ ذِكرِها
26 ديسمبر 2020
اتفاقُ الصحابةِ في العقيدةِ
اتفاقُ الصحابةِ في العقيدةِ
24 ديسمبر 2020
الثباتُ على عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ معَ ذِكرِها
الثباتُ على عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ معَ ذِكرِها
26 ديسمبر 2020

الرسولُ صلى الله عليه وسلم وعلى ءالهِ حَذَّرَنا منَ الاعتِمادِ على صُوَرِ الأعمالِ بدونِ تصحيحِها

الرسولُ صلى الله عليه وسلم وعلى ءالهِ حَذَّرَنا منَ الاعتِمادِ على صُوَرِ الأعمالِ بدونِ تصحيحِها

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين لهُ النعمةُ ولهُ الفضلُ ولهُ الثناءُ الحسَنُ وصلّى اللهُ على سيّدنا محمدٍ وعلى ءالهِ وسلّم، أما بعدُ، فإنَّ اللهَ تباركَ وتعالى قالَ في كتابهِ العزيزِ في سورةِ التحريـمِ ﴿يا أيُّها الذينَ ءامَنُوا قُوا أنْفُسَكُم وأهْليكُم نارًا وَقُودُها الناسُ والحِجارةُ﴾، هذهِ الآيةُ تأمرُ المؤمنينَ بأنْ يـحفَظُوا أنفُسَهُم وأهلِيهِم مِنْ نارِ جهَنَّمَ، فسَّرَ هذهِ الآيةَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهُ والتابعيُّ الجليلُ عطاءُ بنُ أبي رباحٍ، أما عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه فقد قالَ (علِّمُوا أنفُسَكُم وأهليكُم الـخيرَ) (1) أي عِلمَ الدينِ، وأما عطاءٌ رضي الله عنهُ فقد قالَ (أنْ تتعلمَ كيفَ تُصلِي وكيفَ تصومُ وكيفَ تـحُجُّ وكيفَ تبيعُ وتشتري وكيفَ تنْكِحُ وكيفَ تُطَلِّقُ).
الـمعنى الـمفهومُ مِنْ تفسيرِ سيّدنا عليٍّ رضيَ اللهُ عنهُ وتفسيرِ عطاءِ بنِ أبي رَباحٍ لهذهِ الآيةِ الكريـمةِ أنَّ الـمؤمنَ إذا تعلَّمَ لنفسِهِ وعلَّمَ أهلَهُ أمورَ الدينِ فقدْ حَفِظَ نفسَهُ وأهلَهُ من نارِ جهنَّمَ تلكَ النار التـي وَقُودُها الناسُ والحجارةُ، ففي هذهِ الآيةِ تـهديدٌ وتوعُّدٌ لِمَنْ أهـملَ ما يلزَمُهُ تعلُّمُهُ مِنْ علمِ الدينِ الضروريِّ الذي هوَ فرضٌ على كلِّ بالغٍ عاقلٍ، ففرضٌ على الإنسانِ أنْ يعرِفَ تصحيحَ العقيدةِ وتصحيحَ أعمالِ القلوبِ وتصحيحَ أعمالِ الجوارحِ منَ الطاعاتِ والصلاةِ والصيامِ والزكاةِ والحجِّ ومعرفةُ ما يَـحِلُّ وما يـحرُمُ منَ البيعِ والشراءِ ومعرفةُ ما يَـحِلُّ منَ النكاحِ وما يَـحْرُمُ وما يَصِحُّ منَ الطلاقِ وما لا يصحُّ، فمَنْ أقْدَمَ على هذهِ الأشياءِ تاركًا تعلُّمَ العلمِ وراءَ ظهرِهِ معَ وجودِ مَنْ يُعَلِّمُ فقد عرَّضَ نفسَهُ لنارِ اللهِ النارِ العظيمةِ فإنْ كانَ الشخصُ لا يـجِدُ في بلدِهِ مَنْ يَعْلَمُ هذهِ الضرورياتِ وعَلِمَ أنهُ يوجَدُ بأرضِ كذا مَنْ يَعرِفُ أمورَ الدينِ فلا يـَجُوزُ لهُ أن يَبْقَى في مكانِهِ ويرضى بِـجَهْلِهِ بأمورِ الدينِ بلْ يَـجِبُ عليهِ أن يَرْحَلَ (2)، هذهِ علومُ الدنيا الناسُ يرحَلونَ إليها ويتكلَّفونَ أموالاً عظيمةً في سبيلِ تعلُّمها وتـحْصِيلِها معَ أنَّ الغايةَ منها بُـحبوحةُ العيشِ في الدنيا الزائلةِ، قد يتعبُ الشخصُ سنينَ عديدةً في تـحصيلِ هذهِ العلومِ ثُـمَّ يأتيهِ أجلُهُ قَبْلَ أن يَـمْكُثَ زمانًا كانَ يأمُلُ هو أن يعيشَ فيهِ ببُحبُوحةٍ، يُفاجِئُهُ الـموتُ، كم مِنْ أناسٍ رجَعُوا مِنْ دراساتِهِم في الخارجِ فباغَتَهُمُ الموتُ.

وأما علمُ الدّينِ فنتيجَتُهُ السعادةُ الأبديةُ للنجاةِ منْ تلكَ النارِ قال اللهُ تعالى في سورةِ ءال عمران ﴿فَمَن زُحْزِحَ عنِ النارِ وأُدْخِلَ الجنّةَ فقدْ فازَ﴾ مَنْ سَلِمَ مِنْ تلكَ النارِ فدخلَ الجنّةَ بلا عذابٍ فهذا هوَ الفائزُ، هو الإنسانُ الرابحُ.

أما علومُ الدنيا التـي يَفتَخِرُ الناسُ بـها ويكْدَحُونَ ويتْعَبونَ لِتَحصيلِها سنينَ عديدةً وقصْدُهُم منها بُـحبُوحةُ العِيشةِ في الدنيا فإنَّ الدنيا التي هم يعيشونَـها زائلةٌ هذا يـموتُ بأجَلٍ والآخَرُ يـموتُ بأجَلٍ أقصرَ منهُ أو أطولَ منهُ وأما الآخرةُ فهيَ دارُ القَرارِ هيَ دارُ الـحياةِ الدائمةِ، فمَنْ تَزَوَّدَ مِنْ هذهِ الدنيا أيْ تعلَّمَ علمَ الدينِ القدْرَ الذي لا يستغنـي عنهُ ثـمَّ عَمِلَ بذلكَ فإنهُ مِنَ الفائزينَ الذينَ لا خَوفٌ عليهم ولا هُم يَـحزَنونَ لا في قُبورِهِم ولا في ءاخِرَتِـهِم أمْنٌ بلا خوفٍ راحةٌ بلا تعبٍ حياةٌ بلا موتٍ صِحَّةٌ بلا مرضٍ يَـحْيَونَ حياةً دائمةً لا موتَ بعدَها ولا مرضَ فيها ولا بُؤسَ ولا فاقةَ ولا فَقْرَ فيها.

وأما الذي يتعبُ يُـحاوِلُ أن يتعبَّدَ للهِ تعالى فيَتـرُكُ تعلُّمَ علمِ الدينِ وراءَ ظهرِهِ فهوَ كحاطبِ ليلٍ كالذي يَـحطِبُ الـحطبَ أي يَـجمَعُهُ ليَحْمِلَهُ إلى بيتِهِ في ليلٍ مُظلمٍ يَـجمَعُ مِنْ غيرِ أن يتبصَّرَ أن يكونُ فيما يـحمِلُهُ منَ الـحطبِ ما يَعْطِبُهُ من حيَّةٍ أو عقربٍ أو غيرِ ذلكَ من هوامِّ الأرضِ المؤذيةِ، مَثَلُهُ كمَثَلِ حاطبِ الليلِ، والرسولُ صلى الله عليه وسلم وعلى ءالهِ حَذَّرَنا منَ الاعتِمادِ على صُوَرِ الأعمالِ بدونِ تصحيحِها فقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ (رُبَّ قائمٍ ليسَ لهُ من قيامِهِ إلا السّهرُ ورُبَّ صائمٍ ليسَ لهُ من صيامِهِ إلا الجوعُ والعَطَشُ) (3) الرسولُ صلى الله عليه وسلم اقْتَصَرَ على ذِكرِ هَذَيْنِ في هذا الحديثِ وقصدُهُ إيرادُ الـمِثالِ وإلا فكمْ مِنْ حاجٍّ ليسَ لهُ مِنْ حجِّهِ إلا التّعبُ وإنفاقُ الـمالِ وكمْ مِـمـَّنْ يُـحاولُ أَداءَ الزكاةِ زكاتُهُ غيرُ مقبولةٍ لأنهُ لـم يتعلَّمْ أحكامَ الشرعِ التـي تتعلَّقُ بالزكاةِ.

1- رواهُ الحاكمُ في المستدرك عن علي بن أبي طالب وصححهُ وأقره الذهبي.
2- قال أحمدُ بن رسلان في الزبد مَن لم يكن يعلمُ ذا فليسألِ من لم يَـجِد مُعَلِّمًا فليرحَلِ.
3- رواهُ البيهقيُّ في السنن الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *