اعلم أن اسم الصوفي لم يكن في الصدر الأول لكن المعنى كان موجودا
اعلم أن اسم الصوفي لم يكن في الصدر الأول لكن المعنى كان موجودا
9 أغسطس 2017
القول الصحيح في الحلاج
القول الصحيح في الحلاج
11 أغسطس 2017

كرامات الأولياء‎ ‎

كرامات الأولياء‎ ‎

كرامات الأولياء‎ ‎

قال الله تعالى في القرءان الكريم (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ ‏آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ ‏الْعَظِيمُ (64)) سورة يونس.‏‎ ‎

وقال الإمام القشيري (الولي من توالت طاعاته، ومن تولى الحق سبحانه حفظه، وإنّما يديم توفيقه ‏الذي هو قدرة الطاعة قال الله تعالى (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)) سورة الأعراف، ولا يكون ‏معصوما كالأنبياء بل يكون محفوظا حتى لا يصر على الذنوب)‏‎.
وقال الله تعالى (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ‏ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا(16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت ‏تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ (17)) سورة الكهف، الآية‎.

وقد بسط الكلام في تفسير هذه الآية على اثبات كرامات الأولياء الفخر الرازي في تفسيره الكبير ‏فقال (احتج أصحابنا الصوفية بهذه الآية على صحة القول بالكرامات).‏‎

ومن دلائل الكرامات نص القرءان في قصة صاحب سليمان عليه السلام ءاصف بن برخيا في قوله ‏تعالى (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (40)) سورة النمل، ولم يكن نبيا، والأثر عن أمير ‏المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيح أنه قال يا سارية الجبل الجبلَ في حال خطبته يوم ‏الجمعة، وتبليغ عمر إلى سارية في ذلك الوقت حتى تحرزوا من مكامن العدو من الجبل تلك الساعة، وأنشدوا (الرجز)‏‎


وأثبتن للأوليا الكرامهْ *** ومن نفاها فانبذن كلامهْ‎ ‎

واعلم أن كرامات الأولياء ثابتة بالقرءان والحديث وما تواتر من أخبار على مر العصور والأزمان، ‏وهذا هو الحق عند جمهور أهل السنة، وهي أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ولا هو ‏مقدمة لها يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم متابعة نبيّ كلف بشريعته، مصحوب بصحيح ‏الاعتقاد والعمل الصالح علم بها أو لم يعلم، فامتازت بعدم الاقتران (أي بدعوى النبوة) المذكور عن ‏المعجزة، كما وأنها تختلف عن الإرهاص، والإرهاص ما يحصل للنبي قبل نزول الوحي عليه ‏كتسليم الحجر على رسول الله في شعاب مكة، وامتازت بظهور الصلاح عما يسمى معونة كالتي ‏تظهر على يد بعض عوام المسلمين تخليصا لهم من المحن والمكاره، وبالتزام متابعة نبي كلف ‏بشريعته عن الخوارق المؤكدة لكذب الكذابين وتسمى إهانة كبصق مسيلمة الكذاب في بئر عذبة الماء ‏ليزداد ماؤها حلاوة فصار ملحا أجاجا.‏‎ ‎

وليس إنكار الكرامة من أهل البدع بعجيب إذ لم يشاهدوا ذلك من أنفسهم ولم يسمعوا به من رؤسائهم ‏مع اجتهادهم في العبادات صورة واجتناب السيئات بزعمهم، فوقعوا في أولياء الله تعالى أهل ‏الكرامات يأكلون لحومهم ويمزقون أديمهم جاهلين كون هذا الأمر مبنيا على صفاء العقيدة ونقاء ‏السريرة واقتفاء الطريقة واصطفاء الحقيقة.‏‎ ‎

وقال الإمام القشيري قال أوحد فنه في وقته القاضي أبو بكر الأشعري رضي الله عنه (إن المعجزات ‏تختص بالأنبياء، ولا تكون للأولياء معجزة لأن من شرط المعجزة اقتران دعوى النبوة بها، ‏والمعجزة لم تكن معجزة لعينها إنّما كانت لحصولها على أوصاف كثيرة، فمتى اختل شرط من تلك ‏الشرائط لا تكون معجزة وأحد تلك الشرائط دعوى النبوة، والولي لا يدعي النبوة، فالذي يظهر عليه ‏لا يكون معجزة) قال القشيري وهذا القول الذي نعتمده ونقول به، فشرائط المعجزة شكلها أو أكثرها ‏توجد في الكرامة الا هذا الشرط الواحد.‏‎ ‎

واعلم أن كل كرامة لولي هي معجزة للنبي الذي يتبعه ذلك الولي، وما جاز أن يكون معجزة لنبي ‏جاز أن يكون كرامة لولي الا ما كان من خصائص النبوة، وانشدوا قولهم (الكامل)‏

والأوليا اذكرهم بخير انهم *** تبعوا الرسول بصحة الآداب‎ ‎
خدموا الشريعة وما اتبعوا الهوى *** مـتمسكين بأشرف الأنساب‎
صـحت ولايتهم بشاهد حالهم *** فَـعَلَوا وصاروا وجهة الطلاب‎‎
لهم الكرامات التي ظهرت بنا *** كـالشمس ما حجبت ببرد سحاب

فاذا عرفت ذلك فاعلم أن الذي يدل على جواز كرامات الأولياء القرءان والأخبار والآثار.‏‎ ‎

فأما الأول ما جاء في قصة مريم عليها السلام وولادتها عيسى دون زوج، وكفالة زكريا لها عليه ‏الصلاة والسلام، وكان لا يدخل عليها غيره وإذ خرج من عندها أغلق عليها سبعة أبواب، وكان يجد ‏عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، ومن قصة أصحاب الكهف ولبثهم‎ ‎في ‏كهفهم سنين بلا طعام ولا شراب، ومن قصة ءاصف بن برخيا واتيانه بعرش بلقيس قبل ارتداد ‏طرف سليمان عليه السلام، وكذلك قصة إماتة عزير مائة عام ، ومن ذلك قصة ذي القرنين وتمكينه ‏في الأرض وملكه تلك المساحة الشاسعة في المدة القليلة.‏‎ ‎
والثاني ما ورد في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن الصالح جريج الذي ‏أكرمه الله بأن أنطق له غلاما في المهد وخبر الثلاثة الذين ءاواهم المبيت الى غار فدخلوه فسدت ‏عليهم الغار صخرة فأكرمهم الله بأن نجاهم بصالح أعمالهم.‏‎
وكذلك قوله النبي صلى الله عليه وسلم (رُبَّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره) رواه ‏مسلم والأخبار كثيرة، ومنها ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه أنّه قال (فاذا أحببته ‏كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها) رواه البخاري، ويقول الامام ‏الرفاعي رضي الله عنه في شرح هذا الحديث: الصقوا بأولياء الله، الولي من وادَّ الله وءامن به ‏واتقاه، فلا تحادّوا من وادّ الله، الله ينتقم لأولياءه ممن يؤذيهم، عليكم بمحبتهم والتقرب إليهم تحصل ‏لكم البركة‎.

أما الآثار فمنهما أن الملائكة كانت تسلم على عمران بن الحصين، وكان سليمان وأبو الدرداء يأكلان ‏في صحفة فسبحت الصحفة وسبح ما فيها، وعباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما طرف السوط فلما افترقا اقترق الضوء معهما رواه ‏البخاري وغيره، وخرجت أم أيمن مهاجرة وليس معها زاد ولا ماء فكادت تموت من العطش فلما ‏كان وقت الفطر وكانت صائمة سمعت حسا على رأسها فرفعته فاذا دلو برشاء أبيض معلق فشربت ‏منه حتى رويت وما عطشت بقية عمرها.

وسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرَ الأسدَ ‏أنه رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فمشى معه الأسد حتى أوصله إلى مقصده.
وخالد بن الوليد ‏حاصر حصنا فقالوا لا نسلم حتى تشرب السم، فشربه فلم يضره، وعمر رضي الله عنه نادى سارية ‏من المنبر والقصة مشهورة، ومثله كثير‎.
‎ومثل ما جرى لأبي مسلم الخولاني الذي مشى هو ومن معه من العسكر على دجلة وهي ترمى ‏بالخشب من مدها، ثم التفت إلى أصحابه فقال هل تفقدون من متاعكم شيئا حتى أدعوا الله فيه، فقال ‏بعضهم فقدت مخلاة فقال اتبعني فاتبعه فوجدوها قد تعلقت بشىء فأخذوها، وطلبه الأسود العنسي ‏الذي ادعى النبوة فقال له أشهد أني رسول الله فقال ما أسمع، فأمر بنار فألقي فيها فوجده قائما ‏يصلي وقد صارت بردا وسلاما، قال عمر رضي الله عنه حين علم بذلك الحمد لله الذي لم يمتني ‏حتى أراني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بابراهيم خليل الله.
وكذلك وصلة ‏بن أشيم مات فرسه وهو في الغزو فقال اللهم لا تجعل لمخلوق عليّ منة ودعا الله سبحانه فأحياه له، ‏فلما وصل الى بيته قال يا بني خذ سرج الفرس فإنّه عارية، فأخذ سرجه فمات (أي الفرس).
وكان ‏سعيد بن المسيب في أيام الحرة يسمع الأذان من قبر النبي صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة وكان ‏المسجد قد خلا فلم يبق غيره.
وكان إبراهيم التميمي يقيم الشهر والشهرين لا يأكل شيئا، وكان ‏عبد الواحد بن زيد أصابه الفالج فسأل ربه سبحانه أن يطلق له أعضاءه وقت الوضوء و الصلاة، فكانت ‏تطلق له أعضاؤه.

ثم نذكر ما حصل أيضا لعبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه رجع من سفر كان فيه ‏مرة فوجد جماعة على الطريق فقال ما هذه الجماعة، فقالوا الأسد قد قطع الطريق عليهم فنزل عن ‏دابته ومشى إليه فأخذ بأذنه ونحاه عن الطريق.

ولا يخفى ما وقع للإمام علي الرضا ابن الامام ‏موسى الكاظم حيث روي أن المتوكل أمر خدام السباع أن يجوعوا منها ثلاثة ويحضروهم إلى قصره ‏ففعلوا وقعد هو في المنظرة مع أصحابه وأغلق الدرج، وبعث إلى الإمام علي الرضا حتى يحضر ‏وأمر أنه إذا دخل من باب القصر يغلق الباب، فلما دخل أغلق الباب ودخل بين السباع وقد أصمت ‏بزئيرها الأسماع فلما مشى في الحصن يريد الدرجة مشت إليه السباع وقد سكتت وما سمع لها حس ‏حتى تمسحت به ودارت حوله وهو يمسح رءوسها بكمه ثم ضربت السباع بصدرها الأرض ‏وربضت، فما هاجت ولا زأرت حتى صعد الدرجة وتحدث عند المتوكل مليا ثم نزل ففعلت السباع ‏كفعلها الأول وربضت وما سمع لها حس ولا زئير حتى خرج الإمام رضي الله عنه.
وقال أويس ‏القرني لهرم بن حيان حين سلم عليه (وعليك السلام يا هرم بن حيان) ولم يكن رءاه قبل ذلك، وهذا ‏من باب الكشف وهو من الكرامات.‏‎ ‎
ولا يخفى ما حصل لشيخ العريجا السيد الجليل أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه ما أخبر به الامام ‏الرافعي من أن امرأة وضعت بنتا لها حدباء، فلما كبرت وءان أوان مشيها اذا بها عرجاء، ثم سقط ‏شعر رأسها لعاهة، ففي يوم من الأيام حضر السيد أحمد الكبير محلة الحدادية حيث البنت‎ ‎‏ فاستقبله أهلها والعرجاء فاطمة بين الناس وبنات الحدادية يستهزئن بها، فلما أقبلت قالت للسيد أحمد ‏رضي الله عنه أي سيدي أنت شيخي وشيخ والدتي وذخري أشكو إليك ما أنا فيه لعل الله ببركة ‏ولايتك وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعافيني مما أنا فيه فقد زهقت (تعبت) روحي ‏من استهزاء بنات الحدادية، فأخذته الشفقة عليها وبكى رحمة لحالها ثم ناداها ادني مني فدنت منه ‏ووضع شيئا من ردائه عليها ومسح بيده المباركة على رأسها وظهرها ورجليها فنبت بإذن الله ‏شعرها وذهب احديدابها وتقومت رجلاها وحسن حالها، وكراماته كثيرة رضي الله عنه.‏‎ ‎

وفي هذا القدر كفاية لبلوغ المقصود ونيل المرام ولو أردنا الزيادة لأطلنا.‏‎ ‎

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *