بَابُ ذِكْرِ مَسِّ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ الْمُصْحَفَ وَالدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ
بَابُ ذِكْرِ مَسِّ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ الْمُصْحَفَ وَالدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ
6 أغسطس 2022
الحافظ الجليل محمد بن عبد الله بن الجد الفهري المعروف بأبي بكر بن الجد
الحافظ الجليل محمد بن عبد الله بن الجد الفهري المعروف بأبي بكر بن الجد
7 أغسطس 2022
بَابُ ذِكْرِ مَسِّ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ الْمُصْحَفَ وَالدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ
بَابُ ذِكْرِ مَسِّ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ الْمُصْحَفَ وَالدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ
6 أغسطس 2022
الحافظ الجليل محمد بن عبد الله بن الجد الفهري المعروف بأبي بكر بن الجد
الحافظ الجليل محمد بن عبد الله بن الجد الفهري المعروف بأبي بكر بن الجد
7 أغسطس 2022

الرُّوحُ

الرُّوحُ

الرُّوحُ

يَجِبُ الإِيـمَانُ بِالرُّوحِ وَهِيَ جِسْمٌ لَطِيفٌ لا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ إِلَّا اللَّهُ، الْجِسْمُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيفًا كَالشَّجَرِ وَالْحَجَرِ وَالإِنْسَانِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَطِيفًا كَالْهَوَاءِ وَالْجِنِّ وَالْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ، فَالْمَلائِكَةُ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَدْخُلُوا فِي جِسْمِ ابْنِ ءَادَمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ وَيُحِسَّ بِهِمْ، وَالْجِنِّيُّ كَذَلِكَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْخُلَ فِي جِسْمِ الإِنْسَانِ غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ بِهِ كَالْقَرِينِ الَّذِي يُوَسْوِسُ لِلإِنْسَانِ لِيَأْمُرَهُ بِالشَّرِّ يَدْخُلُ إِلَى صَدْرِ الإِنْسَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ بِهِ الشَّخْصُ.

تَنْبِيهٌ: لا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ وَلَوْ كَانَ قَرِينًا أَنْ يَدْخُلَ فِي جِسْمِ نَبِيٍّ، وَمَنِ اعْتَقَدَ ذَلِكَ كَفَرَ، وَإِنَّمَا الشَّيْطَانُ يُوَسْوِسُ لَهُمْ مِنْ خَارِجٍ لَكِنْ لا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ أَيْ لا يَتَمَكَّنُ مِنْهُمْ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الأَوْلِيَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ (سُورَةَ الْحِجْر 42).

فَالرُّوحُ مِنَ الأَجْسَامِ اللَّطِيفَةِ وَقَدْ أَخْفَى اللَّهُ عَنَّا حَقِيقَتَهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (سُورَةَ الإِسْرَاء 85) فَنَتْرُكُ الْخَوْضَ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَقِيقَتِهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَنْ نَصِلَ إِلَيْهِ.

وَقَدْ أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ أَنْ تَسْتَمِرَّ الْحَيَاةُ فِي أَجْسَامِ الْمَلائِكَةِ وَالإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْبَهَائِمِ مَا دَامَتْ تِلْكَ الأَجْسَامُ اللَّطِيفَةُ مُجْتَمِعَةً مَعَهَا، وَتُفَارِقَهَا إِذَا فَارَقَتْهَا تِلْكَ الأَجْسَامُ، وَهِيَ حَادِثَةٌ لَيْسَتْ قَدِيمَةً، فَمَنْ قَالَ إِنَّهَا قَدِيمَةٌ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً فَقَدْ كَفَرَ، فَالأَرْوَاحُ حَادِثَةٌ مَخْلُوقَةٌ وَلَكِنَّهَا بَاقِيَةٌ لا تَفْنَى، وَبَعْدَ أَنْ خَلَقَ اللَّهُ سَيِّدَنَا ءَادَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَخْرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ أَرْوَاحَ ذُرِّيَّتِهِ وَاسْتَنْطَقَهُمْ فَاعْتَرَفُوا كُلُّهُمْ بِأُلُوهِيَّةِ اللَّهِ، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ خَرَجُوا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ اسْتَمَرُّوا أَيْضًا عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ الِاعْتِرَافِ لَكِنَّ اللَّهَ أَنْسَاهُمْ تِلْكَ الْمَفَاهِيمَ ذَهَبَتْ عَنْهُمُ الْمَعْلُومَاتُ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الإِيـمَانَ وَنَشَأَ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْكُفْرَ وَنَشَأَ عَلَيْهِ، فَصَارَ قِسْمٌ مِنَ الْعِبَادِ مُؤْمِنِينَ وَقِسْمٌ مِنْهُمْ كَافِرِينَ.

وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ الْبَهَائِمُ لا أَرْوَاحَ لَهَا فَقَد ارْتَدَّ وَذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِلْقُرْءَانِ وَإِنْكَارٌ لِلْعِيَانِ قَالَ تَعَالَى ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ (سُورَةَ التَّكْوِير 5) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْجَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ، مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْخُذُ الْحُقُوقَ لِأَهْلِهَا حَتَّى يُقَادَ أَيْ حَتَّى يُؤْخَذَ حَقُّ الْجَلْحَاءِ أَيِ الشَّاةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا قَرْنٌ مِنَ الْقَرْنَاءِ الَّتِي ضَرَبَتْهَا فِي الدُّنْيَا، الْقَرْنَاءُ مَعْنَاهُ الَّتِي لَهَا قَرْنٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ تُؤْخَذَ الْقَرْنَاءُ الَّتِي ضَرَبَتِ الأُخْرَى إِلَى النَّارِ كَمَا يَحْصُلُ لَبَنِي ءَادَمَ، بَنُو ءَادَمَ إِذَا ضَرَبَ أَحَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا إِنْسَانًا ظُلْمًا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِنَارِ جَهَنَّمَ، أَمَّا الْبَهَائِمُ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، إِنَّمَا هَذِهِ تَضْرِبُ هَذِهِ كَمَا ضَرَبَتْهَا فِي الدُّنْيَا ثُمَّ تَمُوتُ وَلا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلا النَّارَّ إِنَّمَا تَعُودُ تُرَابًا، وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ نَاقَةَ صَالِحٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَكَذَلِكَ كَلْبُ أَهْلِ الْكَهْفِ فَلا أَصْلَ لَهُ، وَيَجِبُ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *