يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَنْبِيَاءِ اللهِ فَلَا يَكُوْنَ مَجْبُوْلًا عَلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ

قَول الله تَعَالَى (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)
قَول الله تَعَالَى (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)
30 أغسطس 2018
بعض الأذكارِ الواردةِ عن الحبيبِ المصطفى صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ
بعض الأذكارِ الواردةِ عن الحبيبِ المصطفى صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ
30 أغسطس 2018
قَول الله تَعَالَى (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)
قَول الله تَعَالَى (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)
30 أغسطس 2018
بعض الأذكارِ الواردةِ عن الحبيبِ المصطفى صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ
بعض الأذكارِ الواردةِ عن الحبيبِ المصطفى صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ
30 أغسطس 2018

يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَنْبِيَاءِ اللهِ فَلَا يَكُوْنَ مَجْبُوْلًا عَلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ

يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَنْبِيَاءِ اللهِ فَلَا يَكُوْنَ مَجْبُوْلًا عَلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ

الحمد لله ربّ العالمين صلوات الله وسلامه على سيّدنا محمّد أشرف المرسلين وعلى آله الطٌيبين الطٌاهرين،

انْظُرُوا إِلَى سِيَرِ الأَنْبِيَاءِ وَأَخْلَاقِهِم، هَذَا يُوْسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ قَصَّ اللهُ تَعَالَى فِي القُرْءَانِ الكَرِيْمِ قِصَّتَهُ الَّتِي فِيْهَا حِكَمٌ كَثِيْرَةٌ، ذَكَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَنَا عَنْهُ أَنَّهُ لَقِيَ مِنْ إِخْوَتِهِ لِأَبِيْهِ وَهُم عَشَرَةٌ مَا لَقِي، حَاوَلُوا أَنْ يَقْتُلُوْهُ حَدًّا مِنْهُم لِأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ مَحَبَّةٌ فِي قَلْبِ وَالِدِه لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ مَحَاسِنِ الأَخْلَاقِ، حَاوَلُوا أَنْ يَقْتُلُوْهُ ثُمَّ عَدَلُوا عَنِ القَتْلِ إِلَى أَنْ يُلْقُوْهُ فِي الجُبِّ أَيِ البِئْرِ فَأَلْقَوْهُ فَحَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الهَلَاكِ وَمِنْ أَنْ يُعْطَبَ فِي هَذِهِ البِئْرِ. ثُمَّ ءَالَ أَمْرُهُم إِلَى أَنَّهُم صَارُوا مُحْتَاجِيْنَ إِلَيْهِ، صَارُوا يَذْهَبُوْنَ مِنْ أَرْضِهِم إِلَى مِصْرَ لِيَجْلِبُوا الطَّعَامَ مِنْ شِدَّةِ حَاجَتِهِم إِلَيْهِ، ثُمَّ هُوَ عَرَفَهُم فَلَم يَنْتَقِمْ مِنْهُم بِقَتْلٍ وَلَا قَطْعِ أَطْرَافٍ وَلَا حَبْسٍ فِي السُّجُوْنِ. وَكَانَ قَدْ عَرَفَهُم وَهُم لَم يَعْرِفُوْهُ وَلَكِنْ كَانَ أَمْرُهُ مَعَهُم بَعْدَ عَشَرَاتِ السِّنِيْنَ أَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِم مَعَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أُوْتِيَ مَقْدِرَةً عَلَى الانْتِقَامِ مِنْهُم. ثُمَّ هُم تَابُوا، رَجَعُوا إِلَى الإِسْلَامِ، فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِم، لَكِنْ لَا يَكُوْنُوْنَ أَهْلًا لِلنُّبُوَّةِ لِأَنَّ النُّبُوَّة لَا يَسْتَأْهِلُهَا إِلَّا مَنْ نَشَأَ عَلَى الخُلُقِ الحَسَنِ، عَلَى الصِّدْقِ، عَلَى الوَفَاءِ، عَلَى الصِّيَانَةِ، وَهَؤُلَاءِ إِخْوَةُ يُوْسُفَ سَبَقَتْ لَهُم هَذِهِ السَّوَابِقُ الخَبِيْثَةُ فَلَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُم أَنْ يَنَالَ النُّبُوَّةَ، فَمَنْ قَالَ مِنَ المُؤَرِّخِيْنَ وَالعُلَمَاءِ: إِنَّهُم صَارُوا بَعْدَ  يُوْسُفَ أَنْبِيَاءَ فَقَدْ كَذَبَ.

فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَنْبِيَاءِ اللهِ فَلَا يَكُوْنَ مَجْبُوْلًا عَلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ وَلَا مُتَخَلِّقًا بِالكِبْرِ بَلْ يَكُوْنُ خُلُقُهُ التَّوَاضُعَ، وَفِي ذَلِكَ جَاءَ حَدِيْثٌ حَسَنُ الإِسْنَادِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِيْنًا) أَيْ مُتَوَاضِعًا (وَأَمِتْنِي مِسْكِيْنًا) أَيْ وَاجْعَلْ ءَاخِرَ أَحْوَالِي فِي الدُّنْيَا التَّوَاضُعَ (وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِيْنِ) أَيِ المُتَوَاضِعِيْنَ، لَيْسَ مَعْنَى الحَدِيْثِ أَنْ لَا يَرْزُقَهُ كِفَايَتَهُ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا فِي القُرْءَانِ بِأَنَّهُ رُزِقَ كِفَايَتَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ وَمَعْنَى ﴿فَأَغْنَى﴾ أَيْ أَنَالَهُ كِفَايَتَهُ، فَهَذَا الحَدِيْثُ مُتَّفِقٌ مَعَ الآيَةِ.

هَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ المَالُ الكَثِيْرُ، أَنْفَقَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الهِجْرَةِ أَرْبَعِيْنَ أَلْفًا، وَالأَرْبَعُوْنَ أَلْفًا فِي ذَلِكَ الوَقْتِ تُسَاوِي أَضْعَافَ أَضْعَافِهَا فِي هَذَا الزَّمَنِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ مِنَ المُتَوَاضِعِيْنَ، كَان يُخْفِّفُ  صَوْتَهُ حِيْنَ يَقْرَأُ القُرْءَانَ، أَحْيَانًا مَا كَانَ يُسْمِعُ النَّاسَ حِيْنَ يَغْلِبُهُ البُكَاءُ إِسْمَاعًا جَيِّدًا، وَالَّذِي عَنَاهُ الرَّسُوْلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُوْنَ مِسْكِيْنًا بِمَعْنَى المُتَوَاضِعِ، وَمِنْ شَأْنِ المُتَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يَكُوْنُ أَلَدّ إِذَا جَادَلَ، إِنَمَّا يُحَاوِلُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إِلَى إِحْقَاقِ الحَقِّ وَإِبْطَالِ البَاطِلِ.

أَمَّا الَّذِيْنَ يُجَادِلُوْنَ لِيَتَرَفَّعُوا عَلَى النَّاسِ فَإِنَّهُم فِي خَطَرٍ عَظِيْمٍ لِأَنَّ حُبَّ الجَدَلِ قَدْ يَسُوْقُ صَاحِبَهُ إِلَى المَهَالِكِ، قَدْ يَخْرُجُ بِهِ عَنِ الشَّرِيْعَةِ إِلَى البَاطِلِ الصِّرْفِ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ.
فَعَلَى المُؤْمِنِ أَنْ يَتَوَخَّى إِذَا حَاوَلَ أَنْ يُجَادِلَ أَنْ يَكُوْنَ كُلُّ هَمِّهِ إِحْقَاقَ الحَقِّ وَإِبْطَالَ البَاطِلِ وَيَغْلِبُ نَفْسَهُ مِنْ أَنْ يَتَغَيَّرَ قَصْدُهُ إِلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ وَنُصْرَةِ رَأْيِهِ بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *