قام البرهان العـقلي على أن الله تعالى ليس بمتحـيز في جهـة
2 نوفمبر 2016التَّحذير من فِعلِ الصَّغَائِرِ
2 نوفمبر 2016الله فرض على اﻷهل أنْ يهتموا بتعليم أولادهم شرع الله من نحو الاعتقاد ومسائل الطهارة والعبادات
الله تعالى فرض على اﻷهل أنْ يهتموا بتعليم أولادهم شرع الله من نحو الاعتقاد ومسائل الطهارة والعبادات، وحض الشرع على تربيتهم على الأخلاق الحسنة ومكارم الأخلاق وذلك قبل سنّ البلوغ وأنّ التقصير في الواجب ممنوع شرعا.
ذكر القرءان رَجلا حكيما يقال له لقمان هذا الرجل اختلف الفقهاء في نبوته، والأرجح أنه رجل صالح ءاتاه الله الحكمة وليس بنبيّ، قال الله تعالى في سورة لقمان (ولقد ءاتينا لقمان الحكمة) هذا الرّجُلُ العظيم وَعَظ ابنه بكلام مُلِئَ حكمة، قال الله تعالى إخبارا عنه (وإذ قال لقمانُ لابنه وهو يَعِظهُ يا بُنيّ لا تشركْ بالله إنّ الشرك لظلمٌ عظيم) استفتح لقمان بنصْحِ ابنه بالابتعاد عن الشرْكِ وحَذرَهُ منه ووَصفهُ بأنه ظلمٌ عظيم وهذا دأبُ الأنبياء والصالحين، أي الأمرُ بإفراد الله بالعبادة والابتعادُ عن الشرك دأب الأنبياء والصالحين.
هذا أهمّ ما يُوَجّهُ بهِ العبد على الإطلاق (اﻹشراك كالذي يتخيل أنّ الله جسم قاعد على العرش هذا أشرك) وإبراهيم ويعقوب عليهما السلام حذرا قال الله تعالى (ووَصى بها إبراهيمُ بنيهٍ ويعقوبُ يا بَنِيّ إنّ الله اصطفى لكم الدِّينَ فلا تمُوتنّ إلّا وأنتم مسلمون) سورة البقرة، هذه هي الوصِيّة العظمى، الوصية بأنْ لا يموتوا إلّا على الإسلام، قال الله تعالى في سورة البقرة (أمْ كنتم شهداءَ إذْ حَضَرَ يعقوبَ الموتُ إذ قالَ لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبُد إلهك وإله ءابائكَ إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ إلهاً واحداً ونحنُ له مسلمون) فهذا سيِّدُنا يعقوبُ عندما كان على فراش الموتِ أراد أنْ يوصي بالعقيدة ولم يسألْ عن المتاع والأموال وعن جهة صرْفها، هذا هو همّ الأنبياء ولم يكن همّهم في شيء من حطام الدّنيا.
وبالعودة إلى سورة لقمان نجدُ أنّ سيِّدَنا لقمان بعدَ أنْ حذرَ ولده من الشرْكِ يقول له (يا بُنيّ إنها إنْ تكُ مثقالَ حبّةٍ منْ خردلٍ فتكنْ في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأتِ بها الله إنّ الله لطيفٌ خبير) فبعد أن حذره من الشرك ها هو يعطيه درساً في التوحيد يعلمه أنّ الله على كلّ شيء قدير وأنّ الله أحاط بكلّ شيء علما، حتى لو كانت مثقالَ ذرةٍ لا تعْجِز الله، فالله يأتي بها ولو كانتْ في أبعدِ مكان، وهذا الكلام يذكرنا بحديث جندبَ ابنِ عبدِ الله (كنا مع النبيّ ونحن فتيانٌ حَزاورة أي أشداء فتعلمنا الإيمان قبل أنْ نتعلم القرءان ثم تعلمنا القرءان فازددنا به إيمانا) رواه ابن ماجه.
وبعد أنِ انتهى سيّدُنا لقمانُ من تلقين ولده الأصول كلمه في الفروع فقال (يا بُنيّ أقمِ الصلاة وأمر بالمعروف وانْهَ عن المنكر واصبْرْ على ما أصابك إنّ ذلك من عزمِ الأمور) سورة لقمان 17، كلم في الفروع في عظته بعدما تكلم في الأصول، فأمر ولده بأهمّ الفرائض بعد الإيمان بالله، أمره بالصلاة التي كانت فرضا على كلّ الأمَمِ السّابقة، ثم أمره بأن يلتزم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما من الأركان التي يقوم عليها المجتمع الصالح وذلك بأن يأمرَ بالفرائض والواجبات، وأعظمها الإيمان بالله، وينهى عن المنكرات، وأخطرها الكفر بأنواعه والعياذ بالله (الكفر الاعتقادي كالذي يعتقد أن الله جسم قاعد فوق العرش (1) والكفر الفعلي كالذي يرمي المصحف في القاذورات والكفر القولي كالذي يسّب رب العالمين) ثم أرشده إلى الصبر، فالصّبر ضياء، بعد ذلك راح سيّدُنا لقمان يعلمه مكارم الأخلاق فقال لولده (ولا تصَعِّرْ خدّك للناس ولا تمشِ في الأرض مَرَحا إنّ الله لا يحبّ كلّ مختالٍ فخور) سورة لقمان 18، وقوله (لا تصَعّرْ) معناه لا تعْرَضْ عنهم تكبرا وقوله (ولا تمشِ في الأرض مرحا) معناه لا تمش في الأرض متبخترا متكبرا.
(1) قال الله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (سورة الشورى آية 11)، أي أن الله تعالى لا يشبه شيئًا من خلقه بوجه من الوجوه، ففي هذه الآية نفي المشابهة والمماثلة، فلا يحتاج إلى مكان يحُل فيه ولا إلى جهة يتحيز فيها، بل الأمر كما قال سيدنا عليّ رضي الله عنه (كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان) رواه أبو منصور البغدادي.
وقال القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي أحد أكابر المالكية وهو من أصحاب الوجوه المتوفى سنة 422 هجرية في شرحه على عقيدة مالك الصغير ص 28 ما نصه (ولا يجوز أن يثبت له كيفية لأن الشرع لم يرد بذلك ولا أخبر النبي عليه السلام فيه بشْيء ولا سألته الصحابة عنه ولأن ذلك إلى التنقل والتحول وإشغال الحيز والافتقار إلى الاماكن وذلك يؤول إلى التجسيم وإلى قدم الأجسام وهذا كفر عند كافة أهل الإسلام).