مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الْوَاجِبَةِ الإِخْلاص وهُوَ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ
11 مارس 2018إجماع الأمة على تنزيه الله عن المكان (من كتاب الفَرْقُ بين الفِرَقِ للإمام الأصولي العالم أبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي الإسفرائيني التميمي المتوفى 429هـ)
14 مارس 2018مَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الذَّبَائِحِ وَعَلَى إرْسَالِ الْكَلْبِ وَالسَّهْمِ وَغَيْرِهِمَا إلَى الصَّيْدِ
حكم التسمية على الذبيحة والصيد
مَسْئَلَةٌ فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الذَّبَائِحِ وَعَلَى إرْسَالِ الْكَلْبِ وَالسَّهْمِ وَغَيْرِهِمَا إلَى الصَّيْدِ
في الإشراف على نكت مسائل الخلاف للقاضي أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي (422 هـ)، كتاب الذكاة، مسألة (الظاهر من مذاهب أصحابنا أن تارك التسمية عامداً غير متأول لا تؤكل ذبيحته، فمنهم من يقول إنها سنة، ومنهم من يقول إنّها شرط مع الذكر وقال الشافعي لا تحرم بتركها فدليلنا قوله تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) وقوله صلى الله عليه وسلم (إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله تعالى فكل) فجعلها شرطاً كالإرسال، وفي حديث عائشة لما قالت (تجيء الأعراب بذبائح لا ندري أسموا عليها أم لا) فقال صلى الله عليه وسلم (سم الله وكل) فلو لم تكن واجبة لقال لا يضر إن تركوها، ولأن ذلك طريق إلى الاستخفاف بالسنن والاستهزاء بالشريعة.
وفي التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب لخليل بن إسحاق بن موسى ضياء الدين الجندي المالكي المصري (المتوفى 776هـ) قال في المدونة وليقل بسم الله والله أكبر، وليس بموضع صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يذكر هنا إلا الله عز وجل وإن شاء قال في الأضحية بعد التسمية اللهم تقبل مني وإلا فالتسمية كافية.
وأنكر مالك قوله (اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ) وقال هذا بدعة وقال ابن حبيب أما قوله في الأضحية اللهم تقبل مني فلابد منه وإن شاء قال اللهم منك وإليك قال في البيان أي منك الرزق وبك الهدى ولك النسك وحكاه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو قول سحنون قال وإنما كره مالك التزام ذلك على وجه كونه مشروعاً في ذبح النسك كالتسمية فمن قال على غير هذا الوجه في بعض الأوقات أجزئ على ذلك إن شاء الله تعالى.
وفي باب الصيد من التوضيح أيضا (وَيُسَمِّي عِنْدَ الإِرْسَالِ فَلَوْ تَرَكَهَا عَامِداً مُتَهَاوِناً أَوْ غَيْرَ مُتَهَاوِنٍ لَمْ يُؤْكَلْ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَناسِياً تَصِحُّ) للحديث المتقدم وما ذكره من الفرق بين النسيان والعمد هو مذهب المدونة واختلف أصحابنا فى تأويله فمنهم من حمله على التحريم ثم افترق هؤلاء على فرقتين:
الأولى أن التسمية سنة وحرم الأكل مع العمد لئلا يستخف بالسنن وهو تأويل عبد الوهاب.
الثانية أنها واجبة مع الذكر ساقطة مع النسيان ومنهم من حمله على الكراهة وهو اختيار الأبهرى وابن الجهم وهذا هو مقابل المعروف ونقله صاحب الإكمال عن مالك نصّاً فقال وحكى منذر بن سعيد عن مالك فى ترك التسمية عمداً أنها لا تؤكل.
وحكى ابن يونس عن اشهب ثالثاً فقال وقال أشهب إن ترك التسمية مستخفّاً بها فلا يؤكل وأما من لا يعلم ما عليه فى تركها فإنها تؤكل.
ابن بشير وإن تركها ناسياً لم يضر اتفاقاً وقد تقدمت نظائر هذه المسألة عند الكلام على إزالة النجاسة.
ومَذْهَبُ الشَّافِعِيّة أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، فَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا حَلَّتْ الذَّبِيحَةُ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ (لَكِنْ تَرْكُهَا عَمْدًا مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ) قَالَ الْعَبْدَرِيُّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ (وَرُوِيَ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ التَّسْمِيَةُ شَرْطٌ لِلْإِبَاحَةِ مَعَ الذِّكْرِ دُونَ النِّسْيَانِ وَهَذَا مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَعَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ (وَالثَّانِي) كَمَذْهَبِنَا، وَعَنْ أَحْمَدَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ (الصَّحِيحَةُ) عِنْدَهُمْ وَالْمَشْهُورَةُ عَنْهُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ لِلْإِبَاحَةِ، فَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فِي صَيْدٍ فَهُوَ مَيْتَةٌ (وَالثَّانِيَةُ) كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ (وَالثَّالِثَةُ) إنْ تَرَكَهَا عَلَى إرْسَالِ السَّهْمِ نَاسِيًا أُكِلَ وَإِنْ تَرَكَهَا عَلَى الْكَلْبِ وَالْفَهْدِ لَمْ يُؤْكَلْ، قَالَ وَإِنْ تَرَكَهَا فِي ذَبِيحَةٍ سَهْوًا حَلَّتْ، وَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد لَا تَحِلُّ سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا) هَذَا نَقْلُ الْعَبْدَرِيِّ، وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا أَنْ يَقُولَ فِي ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ (اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك فَتَقَبَّلْ مِنِّي) وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَرِهَهُ ابْنُ سِيرِينَ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الذَّبْحِ فَمُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَنَا، وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّكْبِيرِ مَعَ التَّسْمِيَةِ فَيَقُولُ بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ (يَخْتَارُ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنْ يُكَبِّرَ اللهَ تَعَالَى قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَبَعْدَهَا ثَلَاثًا فَيَقُولُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ) وَاللهُ أَعْلَمُ.
كَذَا مِنَ الْمَجْمُوعِ لِلْحَافِظِ النَوَوِي.