يَجب التَّحْذِيرُ مِمَّا في بَعْضِ الْكُتُبِ الْمَنْسُوبَةِ لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَدْ وُجِدَ في نُسْخَةٍ مَطْبُوعَةٍ مِنْ كِتَابِ رَدِّ الْمُحْتَارِ على الدُّرِّ الْمُخْتَارِ في كِتابِ الطَّهَارَةِ (أَنَّهُ يَجُوزُ كِتَابَةُ الْفَاتِحَةِ بِالدَّمِ والْبَوْلِ إِنْ عُلِمَ مِنْهُ شِفَاءٌ) وَهَذَا مِنْ أَشْنَعِ الْكُفْرِ، وَالظُّنُّ بِالشَّيْخِ ابْنِ عَابِدِين أَنَّهُ بَرِئٌ مِنْ هَذَا لأَنَّهُ مَذْكُورٌ في كِتَابِ الْجِنَازَةِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مَا يَنْقُضُ هَذَا مِنَ الْمَنْعِ مِنْ كِتَابَةِ يس وَالكَهْفِ وَنَحْوِهِمَا عَلى الكَفَنِ خَوْفًا مِنْ صَديدِ الْمَيِّتِ،
قَالَ (وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلاحِ بِأَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ عَلى الكَفَنِ يس وَالْكَهْفِ وَنَحْوِهِمَا خَوْفًا مِنْ صَدِيدِ الْمَيِّتِ) ثُمَّ قَالَ ابنُ عَابِدِين (الأَسْمَاءُ الْمُعَظَّمَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا فلا يَجُوزُ تَعْرِيضُهَا لِلنَّجَاسَةِ) وَلأَنَّهُ نَقَلَ في ثَبَتِهِ عَنْ شَيْخِهِ الْعَقَّادِ أَنَّهُ قَالَ (وَلا يَجُوزُ كِتَابَتُهَا (يعني الآيَةَ) بِدَمِ الرُّعَافِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ لأَنَّ الدَّمَ نَجِسٌ فَلا يَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ بِهِ كَلامُ اللهِ تعالى) واللائِقُ بِالشَّيْخِ ابنِ عَابِدينَ مَا نَقَلَهُ عَنْ شَيْخِهِ الْعَقَّاد وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ تعالى (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوى الْقُلُوب) فَوَجَبَ التَّحْذِيرُ مِنْ تِلْكَ الْمَقَالَةِ وَلا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مَدْسُوسَةً عَلى ابْنِ عَابِدينَ وَيَحْتَمِلُ أنه أَوْرَدَهَا مَعَ تَزْيِفِها للتَّحْذِيرِ مِنْهَا فَأَسْقَطَ بَعْضُ النُّسَاخِ التَّزيفَ عَنْها فَنَقَلَهَا بِدُونِهَا، فلا يَجُوزُ نِسْبَتُهَا إِلى ابنِ عَابِدينَ.
فَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ جَوَازِ كَتْبِ الْفَاتِحَةِ بِالْبَوْلِ لِلاِسْتِشْفَاءِ إِنْ عُلِمَ فِيهِ الشِّفَاءُ فَهُوَ ضَلالٌ مُبِينٌ بَلْ كُفْرٌ، أَنَّى يَكُونُ فِي ذَلِكَ شِفَاءٌ وَكَيْفَ يَتَصَوَّرُ عَاقِلٌ ذَلِكَ؟! كَيْفَ ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ تَقْلِيبِ أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ بِالإِصْبَعِ الْمَبْلُولَةِ بِالْبُصَاقِ، كَيْفَ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ عِلَّيْشٍ الْمَالِكِيُّ مُفْتِي الْمَالِكِيَّةِ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي فَتَاوِيْهِ بِأَنَّ ذَلِكَ رِدَّةٌ، وَإِنْ كَانَ إِطْلاقُ هَذَا الْقَوْلِ غَيْرَ سَدِيدٍ لَكِنْ تَحْرِيْمُ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ تَرَدُّدٌ بَلْ يَحْرُمُ كِتَابَةُ شَىْءٍ مِنَ الْقُرْءَانِ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا بِالدَّمِ كَدَمِ الشَّخْصِ نَفْسِهِ لِلاِسْتِشْفَاءِ وَغَيْرِهِ.
وَلا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الْمَذْهَبُ الْحَنَفِيُّ بَرِيءٌ مِنْهُ، وَبَعْضُ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ مَنْقُولٍ أَيْ لَيْسَ لَهُ مَصْدَرٌ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ، وَمَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَقَدْ تَقَوَّلَ عَلَيْهِ، بَلِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ فِي ثَبْتِهِ عَنْ شَيْخِهِ الْعَقَّادِ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ عُقُودُ اللآلِئِ (لا يَجُوزُ كِتَابَةُ الْقُرْءَانِ بِالدَّمِ) فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا يُنْسَبُ إِلَى ابْنِ عَابِدِينَ (مِمَّا ذُكِرَ فِي الْحَاشِيَةِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ) مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا فَهُوَ كَذِبٌ مَدْسُوسٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْوُقُوفُ عَلَى سَجَّادَةِ الصَّلاةِ الَّتِي عَلَيْهَا صُورَةُ مَسْجِدٍ فَجَائِزٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، الْكَعْبَةُ أَلَيْسَ يَجُوزُ الصُّعُودُ عَلَى سَطْحِهَا؟.