حكم الدعاء الفرادي أو الجماعي خلف الصلوات كأن يدعو الإمام والآخرون يؤمنون؟

لا يجوز اعتقاد أن الشيطان يتشبه بسيّدنا محمد يقظة ولا مناماً
لا يجوز اعتقاد أن الشيطان يتشبه بسيّدنا محمد يقظة ولا مناماً
14 نوفمبر 2016
هل أكل لحم الجزور ينقض الوضوء؟
هل أكل لحم الجزور ينقض الوضوء؟
14 نوفمبر 2016
لا يجوز اعتقاد أن الشيطان يتشبه بسيّدنا محمد يقظة ولا مناماً
لا يجوز اعتقاد أن الشيطان يتشبه بسيّدنا محمد يقظة ولا مناماً
14 نوفمبر 2016
هل أكل لحم الجزور ينقض الوضوء؟
هل أكل لحم الجزور ينقض الوضوء؟
14 نوفمبر 2016

حكم الدعاء الفرادي أو الجماعي خلف الصلوات كأن يدعو الإمام والآخرون يؤمنون؟

حكم الدعاء الفرادي أو الجماعي خلف الصلوات كأن يدعو الإمام والآخرون يؤمنون؟

حكم الدعاء الفرادي أو الجماعي خلف الصلوات كأن يدعو الإمام والآخرون يؤمنون؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فإن الدعاء عقب الصلوات المكتوبة مرغب فيه شرعا من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى الترمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال (قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال جوف الليل الأخير ودبر الصلاة المكتوبة)، ومعنى أي الدعاء أسمع أي أقرب للإجابة، ومعنى دبر الصلاة المكتوبة أي بعد الصلاة المكتوبة.
وقد أخرج الطبري من رواية جعفر بن محمد الصادق قال (الدعاء بعد المكتوبة أفضل من الدعاء بعد النافلة كفضل المكتوبة على النافلة) ذكر ذلك ابن حجر العسقلاني في الفتح وسكت عنه في أثناء شرحه لكتاب الدعوات في صحيح البخاري باب الدعاء بعد الصلاة ومما قاله رحمه الله ابن حجر في شرحه لهذا الباب أي المكتوبة وفي هذه الترجمة رد على من زعم أن الدعاء بعد الصلاة لا يشرع. انتهى كلامه رحمه الله
وتسمية البخاري رحمه الله لهذا الباب بهذا الاسم يدل على مشروعية الدعاء بعد الصلاة وقد أرشد كثير من العلماء إلى استحباب الدعاء بعد الصلاة المكتوبة في مصنفاتهم منهم الذين سبق ذكرهم وهم البخاري في جامعه وابن حجر في شرحه لصحيح البخاري والإمام ابن الجزري الدمشقي في كتابه عدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين ومنهم الإمام النووي في كتابه الأذكار وكتابه المجموع شرح المهذب وقد قال فيه فرع قد ذكرنا استحباب الذكر والدعاء للإمام والمأموم والمنفرد وهو مستحب عقب كل الصلوات بلا خلاف فتأملوا رحمكم الله في قوله بلا خلاف.
وفي مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب الرُّعيني المالكي (المتوفى 954 هـ) 2 – 126 (ولا خلاف في مشروعية الدعاء خلف الصلاة فقد قال عليه الصلاة والسلام اسمع الدعاء جوف الليل وأدبار الصلوات المكتوبات).
وفي المدخل لابن الحاج 2 – 280 (والسنة الماضية ألا يترك الذكر والدعاء عقيب الصلاة….) ومن العلماء الذين نصوا على استحباب الدعاء بعد الصلاة الإمام الونشريسي المالكي في كتابه المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب ومنهم الفقيه الحنبلي منصور البهوتي في كتابه كشاف القناع على متن الإقناع وابن قدامه المقدسي الحنبلي في كتابه المغني وغيرهم كثير، هذا فيما يخص الدعاء على العموم.
أما بالنسبة للدعاء على وجه الخصوص فقد وردت كثير من الأحاديث النبوية الصحيحة التي ترغب في أدعية مخصوصة بعد الصلاة المكتوبة، منها على سبيل المثال ما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
ومنها ما رواه البخاري عن سعد بن وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من دبر الصلاة بهؤلاء الكلمات (اللهم إني أعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر).
ومنها ما رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم عن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال يا معاذ والله إني لأحبك ثم قال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول (اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
وهذه الأدعية الواردة في هذه الأحاديث تستحب عقب كل صلاة مكتوبة من الصلوات الخمس كما يستحب عقب صلاة المغرب وعقب صلاة الصبح خاصة أن يضيف المصلي لما سبق الآتي، روى أبو داود عن مسلم بن الحارث رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أسرَّ إليه فقال إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل (اللهم أجرني من النار سبع مرات فإنك إن قلت ذلك ثم مت من ليلتك كتب لك جوار منها وإذا صليت الصبح فقل كذلك فإنك إن مت من يومك كتب لك جوار منها).
وروى البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ قَالَ أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ فَإِنِّي صَائِمٌ ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ فَصَلَّى غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا. الحديث.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري وفيه مشروعية الدعاء عقب الصلاة.
وروى البخاري عن عمرو بن ميمون الأودي قال كان سعد يعلم بنيه هؤلاء الكلمات، كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة، ويقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ منهن دبر الصلاة (اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر)، فحدثت به مصعبا فصدقه. اهـ

وروى النسائي عن مسلم ابن أبي بكرة أنه كان سمع والده يقول في دبر الصلاة اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، وعذاب القبر، فجعلت أدعو بهن فقال يا بني إنى علمت هؤلاء الكلمات؟ قلت يا أبتي سمعتك تدعو بهن في دبر الصلاة فأخذتهن عنك، قال فالزمهن يا بني، فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن في دبر الصلاة.

بقيت مسألتان تتعلقان بهذا الموضوع:

المسألة الأولى متعلقة برفع اليدين في الدعاء فنقول بخصوصها وقد ورد في السنة كثير من الأحاديث ترغب في ذلك منها قوله صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود (إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها) وفي رواية للطبراني بسند رجاله ثقات (سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها) وروى بعض أصحاب السنن وأحمد بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن ربكم تبارك وتعالى حَيِيٌّ كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا) (أي خاليتين) وهذا النص من أعظم المرغبات في الدعاء ورفع اليدين فيه (هذا في العموم).

أما بخصوص رفع اليدين بعد الصلاة تحديدا فقد روى الطبراني بسند قال عنه الهيثمي في مجمع الزائد رجاله ثقات إن محمد بن أبي يحيى قال رأيت عبد الله بن الزبير رأى رجلا رافعا يديه قبل أن يفرغ من الصلاة فلما فرغ من الصلاة قال له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه حتى يفرغ من الصلاة.

وفي حاشية الرهوني على الزرقاني 1 – 409 جاء في (العتبية أن مالكا قال رأيت عامر بن عبد الله بن الزبير يرفع يديه وهو جالس بعد الصلاة يدعو فقيل له أترى بذلك بأسا؟ فقال لا أرى بذلك بأسا ولا يرفعهما جدا.
قال القاضي الفقيه ابن رشد القرطبي إجازة مالك رحمه الله في هذه الرواية لرفع اليدين في الدعاء عند خاتمة الصلاة هو نحو قوله في المدونة لأنه أجاز فيها رفع اليدين في مواضع الدعاء….إلى أن قال لأن خاتمة الصلاة من مواضع الدعاء ترفع الأيدي فيها).
وفي الروض الأنف لأبي القاسم السهيلي الأندلسي وهو محدث فقيه نحوي أصولي 4 – 224 (وذكر لمالك أن عامر بن عبد الله بن الزبير كان يدعو بإثر كل صلاة ويرفع يديه فقال ذلك حسن ولا أرى أن يرفعهما جدا).
وقد قال الإمام الحافظ أبو بكر الطرطوشي المالكي (ت 520 هـ) في كتابه الدعاء المأثور وآدابه قال ما نصه (الحقَّ تعالى مقدَّسٌ عن الجهاتِ وإنما هذا محلٌّ (أي السماء) تعبَّدَ (آي كلّف) الحقُّ سبحانه الخلائق برفع الأكفِّ نحوَهُ، كما تعبَّدهم باستقبال الكعبة بوجوههم في الصلاة واستقبال الأرض، وإلصاق الجبين والأنف بالأرض مع تنزيهه سبحانه عن اختصاصه بالبيت أو بمحلِّ السجود من الأرض، كأنّ السماء قبلة الدعاء).

المسألة الثانية تتعلق بالدعاء جماعة بعد الصلوات، فقد قال بجوازه مجدد القرن الثامن ابن عرفة المالكي وأنكر الخلاف في كراهيته).
وفي جواب الفقيه العلاّمة أبي مهديّ الغبرينيّ ما نصّه (ونقرّر أوّلاً أنّه لم يرد في الملّة نهي عن الدّعاء دبر الصّلاة، على ما جرت به العادة اليوم من الاجتماع، بل جاء التّرغيب فيه على الجملة) فذكر أدلّةً كثيرةً ثمّ قال فتحصل بعد ذلك كلّه من المجموع أنّ عمل الأئمّة منذ الأزمنة المتقادمة مستمرّ في مساجد الجماعات، وهو مساجد الجوامع، وفي مساجد القبائل، وهي مساجد الأرباض والرّوابط، على الجهر بالدّعاء بعد الفراغ من الصّلوات، على الهيئة المتعارفة الآن، من تشريك الحاضرين، وتأمين السّامعين، وبسط الأيدي، ومدّها عند السّؤال، والتّضرّع والابتهال من غير منازع) وكرهه مالك وجماعة غيره من المالكيّة لما يقع في نفس الإمام من التّعاظم ..) انتهى.
وفي مواهب الجليل 2 – 127) خرج الحاكم على شرط مسلم من طريق حبيب بن مسلمة الفهري رضي الله تعالى عنه لا يجتمع قوم مسلمون فيدعو بعضهم ويؤمن بعضهم إلا استجاب الله تعالى دعاءهم وقد أنكر جماعة كون الدعاء بعدها على الهيئة المعهودة من تأمين المؤذن بوجه خاص وأجازه ابن عرفة والكلام في ذلك واسع وقد ألف الشيخ أبو إسحاق الشاطبي فيه ورام ابن عرفة وأصحابه الرد عليه وحجتهم في ذلك ضعيفة وذكر ابن ناجي الكراهة عن القرافي ثم قال واستمر العمل على جواز ذلك عندنا بإفريقية وكان بعض من لقيته ينصره).
وفي الفواكه الدواني 1 – 214 (خاتمة قد تقدم في باب صفة العمل في الصلاة أن المطلوب بأثر الصلاة المفروضة للذكر وأما الاشتغال بالدعاء زيادة على ذلك فقال إنه بدعة لم يرد به عمل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن السلف الصالح ولذا قال القرافي كره مالك وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقب الصلوات المكتوبة جهرا للحاضرين فيحصل للإمام بذلك نوع من العظمة بسبب نصب نفسه واسطة بين الرب وعبده من تحصيل مصالحهم على يديه من الدعاء
ثم قال ابن ناجي قلت وقد استمر العمل على جوازه عندنا بأفريقية وكان بعض من لقيته يصرح بأن الدعاء ورد الحث عليه من حيث الجملة قال تعالى ادعوني أستجب لكم لأنه عبادة فلذا صار تابعا فعله بل الغالب على من ينصب نفسه لذلك التواضع والرقة فلا يهمل أمره بل يفعل وما كل بدعة ضلالة بل هو من البدع الحسنة والاجتماع فيه يورث الاجتهاد فيه والنشاط وأقول طلب ذلك في الاستسقاء ونحوه شاهد صدق فيما ارتضاه ابن ناجي).
وورد عن الإمام مالك أنه كره ذلك خشية أن يدخل الشيطان في نفس الإمام بالتعظيم فيفتتن كما تقدم (بهذا القيد) وفي الفروق للقرافي 4 – 300 ونقله عنه في الثمر الداني 1 – 161 وفي كفاية الطالب 1 – 391 (كره مالك رضي الله عنه وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقب الصلوات المكتوبة جهرا للحاضرين فيجتمع لهذا الإمام التقديم وشرف كونه ينصب نفسه واسطة بين الله تعالى وبين عباده في تحصيل مصالحهم على يديه في الدعاء فيوشك أن تعظم نفسه ويفسد قلبه ويعصى ربه في هذه الحالة أكثر مما يطيعه…).
فممن قال بالجواز المطلق منصور البهوتي الحنبلي كما في كتابه كشاف القناع ووردت فتاوى لبعض علماء المالكية كذلك ذكرها الإمام الونشريسي في كتابه المعيار ولا سيما إذا أراد الإمام تعليم المأمومين بأن الدعاء مشروع بعد الصلاة فيجهر بذلك ويبسط يديه كما قال الشافعي في كتابه الأم، ونستأنس لذلك بما ورد عن الصحابي الجليل حبيب بن مسلمة الفهري، وكان مجاب الدعوة قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول (لا يجتمع ملأ، فيدعو بعضهم، ويؤمن البعض، إلا أجابهم الله) رواه الحاكم.
وقد ورد في السنة ما يدل على الجهر بالذكر عقب الصلاة فروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم  وقال ابن عباس رضي الله عنهما كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ، وفي لفظ كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بِالتَّكْبِيرِ.
وروى النسائي في سننه من حديث أُبَيِّ بن كعب وعبد الرحمن بن أَبْزَى رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في الوتر بـ سبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ، فإذا سلّم قال (سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ) ثلاثَ مرات، زاد عبد الرحمن في حديثه يرفع بها صوته، وفي رواية يرفع صوته بالثالثة.
وقد قال صاحب مراقي الفلاح في أمر الإسرار بالذكر والدعاء والجهر بهما (إن ذلك يختلف بحسب الأشخاص والأحوال والأوقات والأغراض فمتى خاف الرياء أو تأذى به أحد كان الإسرار أفضل ومتى فُقِد ما ذُكِر كان الجهر أفضل). اهـ

ونقول فمن شاء جهر ومن شاء أسر وهذا جائز وهذا جائز وليتق الله الذين يفتون بغير علم ويحرمون ما أحل الله لأنهم بذلك يفترون على الله وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب وكفى به إثما مبينا، والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *