مَذْكُورٌ فِي بَعْضِ الكُتُبِ الفِقْهِيَّةِ أنَّهُ يُكْرَهُ تَكْرَارُ العُمْرَةِ فِي السَّنَةِ عِنْدَ المَالِكِيَّةِ
17 نوفمبر 2016مَذْكُورٌ فِي بَعْضِ الكُتُبِ الفِقْهِيَّةِ أنَّ الأَمْرَدَ يَحْرُمُ الاخْتِلاءُ بِهِ وَلَمْسُهُ عِندَ الشَّافِعِيَّةِ
17 نوفمبر 2016إثْبَاتُ أَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ عَوْرَةً
إثْبَاتُ أَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ عَوْرَةً
رَوَى التِرمِذيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت نَذَرْت إنْ رَدَّك اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْك بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنْ كُنْتِ نَذَرْت فَاضْرِبِي وَإِلَّا فَلَا)، فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ) الحديثَ.
قال الحافِظُ زَينُ الدِينِ العِراقِيُّ في طَرح التثريب شرح التقريب ما نَصُّه (اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ إذْ لَوْ كَانَ عَوْرَةً مَا سَمِعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّ أَصْحَابَهُ عَلَى سَمَاعِه).
وثَبَتَ في الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلى الله عليه وسلم وقالَت يَارَسُولَ اللهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فاجْعَلَ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأتي فيهِ إِلَيْكَ فَتُحَدِّثَنَا فَقَال (تَعَالَيْنَ في يَوْمِ كَذَا وَكَذَا) فَجِئْنَ إِلَيْهِ فَوَعَظَهُنَّ فَقَالَ (يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فإِنِّي رَأيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ) فَقَالَتِ امْرَأَةٌ لِمَاذَا يَا رسولَ اللهِ؟ فَقالَ (لأنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ) ثُمَّ نَزَلَ بِلالٌ فَبَسَطَ رِدَاءهُ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي فَتْخَهَا (1) وَحُلِيَّهَا صَدَقَةً.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ (وَفي الْحَدِيثِ دَليلٌ عَلى أنَّ كَلامَ الأَجْنَبِيَّةِ مُبَاحٌ سَمَاعُهُ وَأَنَّ صَوْتَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ).
وَفي سُنَنِ ابْنِ مَاجَه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِبَعْضِ الْمَدِينَةِ فَسَمِعَ جَوَارٍ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَتَغَنَّيْنَ يَقُلْنَ:
نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ **** يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ (اللهُ يَعْلَمُ إِنِّي لأُحِبُّكُنَّ).
وَقَدْ قَالَ أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ إِنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ عَوْرَةً، وَقَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ صَوْتُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ مُرَادُهُمْ الصُّوتُ الَّذي يَجُرُّ إِلى الشَّرِّ إِلى الْحَرَامِ، وَقَدْ فَنَّدَ الْخَرْشِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَا نُسِبَ إِلى مَالِكٍ أَنُّهُ قَالَ صَوْتُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ.
فإن قيل أليس في قوله تعالى ﴿اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ (سورة الأحزاب 32) تحريم الاستماع إلى صوت المرأة؟
فالجواب أنّ الأمر ليس كذلك، قال القرطبي في تفسيره (أمرهنّ الله (يعني نساء النبي) أن يكون قولهنّ جزلا وكلامهنّ فصلا ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللّين كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه مثل كلام المُريبات والمومسات، فنهاهنّ عن مثل هذا). اهـ
وقال ابن عابدين الحنفي ناقلا عن كتاب القِنية (ويجوز الكلام المباح مع امرأة اجنبية، وفي المجتبى رامزًا وفي الحديث دليلٌ على أنّه لا بأس بأن يُتكلم مع النساء بما لا يُحتاج إليه، وليس هذا من الخوض فيما لا يعنيه). اهـ
وذكر النووي في شرح صحيح مسلم في شرح حديث كيفية بيعة النساء ما نصّه (وفيه أنّ كلام الاجنبية يباح سماعه عند الحاجة وأنّ صوتها ليس بعورة). اهـ
فأَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ على أنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ عَوْرَةً.
وَعِنْدَ التَّفْصِيلِ يُقَالُ مَنِ اسْتَمَعَ إِلى صَوْتِ الْمَرْأَةِ لِلتَّلَذُّذِ لِلشَّهْوَةِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَهَذَا يَدْخُلُ تَحْتَ حَدِيثِ (وَالنَّفْسُ تَزْني) وَقَدْ فَسَّرَ الرَّسُولُ زِنى النَّفْسِ فقالَ (وَالنَّفْسُ تَمَّنَّى وَتَشْتَهِي) أَيْ أنَّ الشَّخْصَ يُفَكِّرُ أَنَّهُ يُضَاجِعُ أَجْنَبِيَّةً وَيَتَلَذَّذُ بِهَا، هَذَا زِنى النَّفْسِ، زِنَى الْقَلْبِ.
فَمَنِ اسْتَمَعَ إلى صَوْتِ الْمَرْأَةِ الْحَسَنْ لا لأنَّهُ صَوْتٌ حَسَنٌ فَقَطْ بَلْ يَجِدُ مَيْلاً إِلى التَّلَذُّذِ بِهَا فَعلى هَذَا الْوَجْهِ حَرَامٌ، كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِنِ اسْتَمَعَتْ لِصَوْتِ رَجُلٍ حَسَنِ الصَّوْتِ عَلَى وَجْهِ التَّلَذُّذِ بِهِ تَمَنِّي تَقْبِيلِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا حَرَامٌ، أمَّا الاسْتِمَاعُ لِصَوْتِ رَجُلٍ حَسَنِ الصَّوْتِ كَأَنْ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْءانَ بِصَوْتٍ حَسَنٍ عَمَلاً بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم (زَيِّنُوا الْقُرْءَانَ بِأَصْوَاتِكُم فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْءَانَ حُسْنًا) رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَهَذَا لا بَأسَ بِهِ، لَكِنْ الاسْتِمَاعُ الَّذي فيهِ ثَوابٌ هُوَ أَنْ يَسْتَمِعَ لِلْقِرَاءَةِ الصَّحِيحَةِ بِنِيَّةِ التَّقَرُّبَ إِلى اللهِ حَتَّى يَخْشَعَ وَقَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا.
في الْمَاضي كَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَبْكُوا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ يَقُولونَ تَعالَوْا بِنَا نَذْهَبْ إِلى هَذَا الْفَتَى المُطَّلِبِيِّ، يَعْنُونَ الشَّافِعِيَّ، فَيَذْهَبُونَ إِلى الشَّافِعِيِّ فَيَقْرَأُ الشَّافِعِيُّ الْقُرْءانَ فَيَتَسَاقَطُونَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، هَذَا يَقَعُ هَكَذَا وَهَذَا يَقَعُ هَكَذَا، جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْخَاشِعِينَ.
(1) قال الفيومي في المصباح، خ ت م، خَتَمْتُ الْكِتَابَ وَنَحْوَهُ خَتْمًا وَخَتَمْتُ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ طَبَعْتُ وَمِنْهُ الْخَاتَمُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ قَالُوا الْخَاتَمُ حَلْقَةٌ ذَاتُ فَصٍّ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا فَهِيَ فَتَخَةٌ.