البدعة بدعتان محمودة ومذمومة
6 أغسطس 2018يوجد بين قبر النبيّ ومِنبره مِساحة قليلة الاتساع ولكنها كثيرة البركة هي الروضة الشريفة
7 أغسطس 2018أود أن تبينوا لي في المذهب الحنفي إذا انقطع دم الحائض ورأت البياض الخالص متى يجوز وطؤها؟
أود أن تبينوا لي في المذهب الحنفي إذا انقطع دم الحائض ورأت البياض الخالص متى يجوز وطؤها؟
الجواب:
إذا انقطع دم الحيض لأقل من عشرة أيام لم يجز وطؤها حتى تغتسل (1) أو يمضي عليها وقت صلاة كاملة (2) وإن انقطع دمها لعشرة أيام جاز وطؤها قبل اغتسالها.
وفي فتح القدير كتاب الطلاق باب الرجعة (وإذا انقطع الدمُ من الحيضة الثالثة لعشرة أيامٍ انقطعت الرجعةُ وإن لم تغتسل، وإن انقطع لأقل من عشرة أيامٍ لم تنقطع الرجعةُ حتى تغتسل أو يمضي عليها وقتُ صلاةٍ كاملٍ) لأن الحيض لا مزيد لهُ على العشرة، فبمُجرد الانقطاع خرجت من الحيض فانقضت العدةُ وانقطعت الرجعةُ، وفيما دُون العشرة يُحتملُ عودُ الدم فلا بُد أن يعتضد الانقطاعُ بحقيقة الاغتسال أو بلُزُوم حُكمٍ من أحكام الطاهرات بمُضي وقت الصلاة.
قولُهُ (أو يمضي عليها وقتُ صلاةٍ) أي بأن يخرُج وقتُها الذي طهُرت فيه فتصيرُ دينًا في ذمتها، فإن كان الطهرُ في آخر الوقت فهُو ذلك الزمنُ اليسيرُ، وإن كان في أوله لم يثبُت هذا حتى يخرُج لأن الصلاة لا تصيرُ دينًا إلا بذلك، وعلى هذا لو طهُرت في وقتٍ مُهملٍ كبعد الشرُوق لا تنقطعُ الرجعةُ إلى دُخُول وقت العصر.
في الإشراف على نكت مسائل الخلاف للقاضي أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي (422 هـ)، باب الطهارة، باب الحيض، مسألة (ولا يجوز وطء الحائض بعد انقطاع دمها وقبل غسلها، وقال قوم يجوز إذا غسلت فرجها، وقال أبو حنيفة يجوز إذا كانت أيامها عشرة، فأما إن كانت دون ذلك فلا يجوز إلا أن يوجد معنى ينافي الحيض، مثل أن يمر عليها آخر وقت الصلاة فيجب عليها الصلاة فيزول حكم الحيض ودليلنا قوله تعالى (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ) ففيه دليلان أحدهما أنه قرئ (حتى يَطْهُرن) (ويَطَّهَّرنَ) بالتخفيف والتشديد، ومعنى التخفيف انقطاع الدم ومعنى التشديد الاغتسال بالماء، فكان تقديره حتى يطهرن ويتطهرن بالاغتسال، والثاني قوله تعالى (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه) فعلق جواز إتيانهن بأن يتطهرن وذلك هو الاغتسال، ولأنها حائض انقطع دمها لم يجز وطؤها من قبل الاغتسال كالتي أيامها دون العشرة ولم يمر عليها وقت الصلاة) وبالله التوفيق.
وقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ كَلَامًا نَفِيْسًا عَلَى مَسْئَلَةِ جِمَاعِ وَمُبَاشَرَةِ الحَائِضِ عَلَى التَّفْصِيْلِ فَاعْلَمْ أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْحَائِضِ أَقْسَام:
أَحَدُهَا أَنْ يُبَاشِرَهَا بِالْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ فَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ بِنَصِّ الْقُرْءَانِ الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَوِ اعْتَقَدَ مُسْلِمٌ حِلَّ جِمَاعِ الْحَائِضِ فِي فَرْجِهَا صَارَ كَافِرًا مُرْتَدًّا، وَلَوْ فَعَلَهُ إِنْسَانٌ غَيْر مُعْتَقِدٍ حِلَّهُ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِوُجُودِ الْحَيْضِ أَوْ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ أَوْ مُكْرَهًا فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ، وَإِنْ وَطِئَهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالْحَيْضِ وَالتَّحْرِيمِ مُخْتَارًا فَقَدِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً كَبِيرَةً، نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَتَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ، وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ:
أَصَحُّهُمَا وَهُوَ الْجَدِيدُ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَجَمَاهِيرِ السَّلَفِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنَ السَّلَفِ عَطَاءٌ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَمَكْحُولٌ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو الزِّنَادِ وَرَبِيعَةُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى أَجْمَعِينَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيِّ الضَّعِيفُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْهُ، وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي الْكَفَّارَةِ، فَقَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدٌ عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَقَالَ الْبَاقُونَ دِينَارٌ أَوْ نِصْفُ دِينَارٍ عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْهُمْ فِي الْحَالِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الدِّينَارُ وَنِصْفُ الدِّينَارِ، هَلِ الدِّينَارُ فِي أَوَّلِ الدَّمِ وَنِصْفُهُ فِي آخِرِهِ أَوِ الدِّينَارُ فِي زَمَنِ الدَّمِ وَنِصْفُهُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ. وَتَعَلَّقُوا بِحَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَرْفُوعِ (مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَار) وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيْفٌ بِاتِّفَاقِ الحُفَّاظِ، فَالصَّوَابُ أنَ ْلَا كَفَّارَةَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ بِالذَّكَرِ أَوْ بِالْقُبْلَةِ أَوِ الْمُعَانَقَةِ أَوِ اللَّمْسِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ حَلَالٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ أبو حامد الاسفراينى وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا. وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ شَيْئًا مِنْهَا بِشْىءٍ مِنْهُ فَشَاذٌّ مُنْكَرٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَلَا مَقْبُولٍ، وَلَوْ صَحَّ عَنْهُ لَكَانَ مَرْدُودًا بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي مُبَاشَرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوْقَ الْإِزَارِ وَإِذْنِهِ فِي ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الْمُخَالِفِ وَبَعْدَهُ. ثُمَّ إِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُوْنَ عَلَى المَوْضِعِ الَّذِي يَسْتَمْتِعُ بِهِ شَىْءُ مِنَ الدَّمِ أَوْ لَا يَكُونَ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ، لِلْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ، وَحَكَى الْمُحَامِلِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَحْرُمُ مُبَاشَرَةُ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ شَىْءٌ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ، وَهَذَا الْوَجْهُ بَاطِلٌ لَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي غَيْرِ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا:
أَصَحُّهَا عِنْدَ جَمَاهِيْرِهِم وَأَشْهَرُهَا فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا حَرَامٌ وَذَهَب إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَشُرَيْحٌ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَقَتَادَةُ.
وَالثَّانِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَرَامٍ وَلَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَيْهِ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَصْبَغُ وَإِسْحَاقُ بْنُ راهويه وأبو ثور وبن الْمُنْذِرِ وَدَاوُدُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَنَسٍ الْآتِي اصْنَعُوا كل شئ إِلَّا النِّكَاحَ قَالُوا وَأَمَّا اقْتِصَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُبَاشَرَتِهِ عَلَى مَا فَوْقَ الْإِزَارِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ إِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ عَنِ الْفَرْجِ وَيَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِاجْتِنَابِهِ إِمَّا لِضَعْفِ شَهْوَتِهِ وَإِمَّا لِشِدَّةِ وَرَعِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَهَذَا الوَجْهُ حَسَنٌ قَالَهُ أَبُو العَبَّاس الْبِصْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ وَالْمُبَاشَرَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُحَرِّمُهُمَا (أَيِ المُبَاشَرَةَ) يَكُونُ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ إِلَى أَنْ تَغْتَسِلَ أَوْ تَتَيَمَّمَ إِنْ عَدِمَتِ الْمَاءَ بِشَرْطِهِ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ حَلَّ وَطْؤُهَا فِي الْحَالِ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ﴾ وَاللهُ أَعْلَمُ.
(1) هذا إذا كان الانقطاع لأقل من عشرة أيام لتمام عادتها، أما إذا كان لدونها فإنه لا يجوز وطؤها وإن اغتسلت حتى تمضي عادتها لأن العود في العادة غالب فكان الاحتياط في الاجتناب كما في الهداية.
(2) قوله كاملة تحرز عما إذا انقطع في وقت صلاة ناقصة كصلاة الضحى والعيد فإنه لا يجوز الوطء حتى تغتسل أو يمضي عليها وقت صلاة الظهر، صرح به في الجوهرة النيرة.