امرأةٌ ذهبَت للحَجِّ فأصَابها الحيضُ قبلَ الطّواف ماذا تفعل؟
18 نوفمبر 2016ما الذي ورد في ذم من ترك الحديث وتمسك برأيه؟
18 نوفمبر 2016الحكم مع الدليل من السنة والقرءان بخصوص قراءة القرءان على الميت
أرغب في معرفة الحكم مع الدليل من السنة والقرءان بخصوص قراءة القرءان على الميت، عادة بعض الأئمة يقرؤون من القرءان، وكذلك يذكرون الميت (من ربك وما كتابك) بينما يكون الميت في القبر وقبل تغطيته بالرمل، وكذلك بعد الدفن يجتمعون في البيت ويقرؤون الفاتحة ويعدون الطعام للحاضرين، لقد تم إخباري بعدة ءاراء وفي الواقع لا أعرف ما هو الصحيح، ولقد أعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، فلا ينبغي أن نفعل ذلك حيث إن هذا بدعة، إن شاء الله تستطيعون توضيح الأمر، وبذلك يزال اللبس في المسألة بين كثير من الناس، جزاكم الله خيرا.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، وسنعطيك الإجابة الشرعية على أسئلتك المتعددة، أما بالنسبة لقراءة القرءان فهو أمر حسن مع النية الحسنة وتصحيح الحروف ولو كان على أمواتنا المسلمين فقد قال الإمام القاضي أبو الفضل عياض في شرحه على صحيح مسلم في حديث الجريدتين عند قوله صلى الله عليه وسلم (لعله يخفف عنهما ما دامتا رطبتين) ما نصه (أخذ العلماء من هذا استحباب قراءة القرءان على الميت لأنه إذا خفف عنه بتسبيح الجريدتين وهما جماد فقراءة القرءان أولى) ونقله عنه الأبي في شرح مسلم وأقره.
ومما يشهد لنفع الميت بقراءة غيره حديث معقل بن يسار (اقرءوا يس على موتاكم) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان وصححه، هذا وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة وصول الصدقة والصوم والحج والعمرة إلى الميت وهذه عبادات وقراءة القرءان عبادة أيضًا، فتصل إلى الميت لأنه لا فارق بينها وبين تلك العبادات المذكورة وهذا من القياس الجلي، الذي لا خلاف في حجيته والعمل به.
وقال الإمام القرطبي المالكي في التذكرة (أصل هذا الباب الصدقة التي لا اختلاف فيها فكما يصل للميت ثوابها، فكذلك تصل قراءة القرءان والدعاء والاستغفار).
وقد قال الإمام النووي الشافعي المتوفى سنة 676 هـ في كتابه الأذكار (وروينا في سنن البيهقي بإسناد حسن أن ابن عمر استحبَّ أن يقرأ على القبر بعد الدفن أوّل سورة البقرة وخاتمتها، وقال قال الشافعي والأصحاب يُستحبّ أن يقرؤوا عنده شيئاً من القرآن، قالوا فإن ختموا القرآن كلَّه كان حسناً) وهكذا قال الإمام أحمد وغيره من أهل العلم.
ومما يدل على ذلك أيضا صلاة الجنازة، فإنها ما شرعت إلا لانتفاع الميت والاستشفاع له بما فيها من قراءة ودعاء واستغفار فإذا كان يصل إلى الميت ما تشمل عليه الصلاة من دعاء واستغفار، فكذلك يصل إليه ما تشمل عليه من القرءان، سواء بسواء والتفريق في العبادة الواحدة بين مشمولاتها، تحكم غير مقبول، وهذا نص في الموضوع، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وعموم قوله تعالى (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) يدل على ذلك.
وأما بالنسبة لأمر التلقين فقد قال الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر بن العربي المالكي في المسالك في شرح موطأ مالك (3 – 520 ط دار الكتب العلمية) (وهو مستحَبٌّ، وهو فعل أهل المدينة والصالحين والأخيار لأنه مطابق لقوله تعالى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) الذاريات 55). اهـ
وقال الإمام القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة (ص 343 ط مكتبة دار المنهاج) قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي (ينبغي أن يُرشَد الميتُ في قبره حيث يوضع فيه إلى جواب السؤال، ويُذَكَّر بذلك فيقال له قل الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد رسولي فإنه عن ذلك يُسأَل كما جاءت به الأخبار على ما يأتي إن شاء الله، وقد جرى العمل عندنا بقرطبة كذلك). اهـ
وقال الإمام الحافظ تقي الدين بن دقيق العيد في نهاية البيان (إنه لا بأس به فقد رُوِيَ أنه كان سُنّةَ السلف) اهـ نقلا عن كتاب المعين على فعل سنة التلقين (ق 2 – ب) للحافظ الناجي.
وقال العلامة ابن الحاج المالكي في المدخل (3 – 264 – 265 ط دار التراث) وينبغي أن يتفقده بعد انصراف الناس عنه مَن كان مِن أهل الفضل والدين، ويقف عند قبره تلقاء وجهه ويُلَقِّنه لأن الملكين عليهما السلام إذ ذاك يسألانه وهو يسمع قرع نعال المنصرفين عنه، وقد روى أبو داود في سننه عن عثمان رضي الله عنه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل).
وقال الشيخ أبو علي البجائي المالكي (كان السلف إذا دُفِن الميت وقفوا عنده، فيقولون يا فلان! لا تنس ما فارقتنا عليه في دار الدنيا شهادةَ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله). اهـ نقلا عن الإيضاح والتبيين لمسألة التلقين للحافظ السخاوي (ص 183).
ويقول الإمام النووي في الأذكار (وأما تلقينُ الميّت بعد الدفن فقد قال جماعة كثيرون من أصحابنا باستحبابه، وممّن نصَّ على استحبابه القاضي حسين في تعليقه، وصاحبه أبو سعيد المتولي في كتابه التتمة، والشيخ الإِمام الزاهد أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي، والإِمام أبو القاسم الرافعي وغيرهم، ونقله القاضي حسين عن الأصحاب وأما لفظه فقال الشيخ نصر إذا فرغ من دفنه يقف عند رأسه ويقول: يا فلان بن فلان! اذكر العهد الذي خرجتَ عليه من الدنيا شهادة أن لا إِلهَ إِلاَّ اللّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأن اللّه يبعث مَن في القبور، قل رضيت باللّه ربّاً، وبالإِسلام ديناً، وبمحمد صلى اللّه عليه وسلم نبيّاً، وبالكعبة قبلة، وبالقرآن إماماً، وبالمسلمين إخواناً، ربّي اللّه لا إِلهَ إِلا هو، وهو ربّ العرش العظيم، هذا لفظ الشيخ نصر المقدسي في كتابه التهذيب، ولفظ الباقين بنحوه، وفي لفظ بعضهم نقص عنه، ثم منهم مَن يقول يا عبد اللّه ابن أمة اللّه! ومنهم مَن يقول يا عبد اللّه بن حوّاء، ومنهم من يقول يا فلان (باسمه) ابن أمة اللّه، أو يا فلان بن حوّاء، وكله بمعنى. وسُئل الشيخ الإِمام أبو عمر بن الصلاح رحمه اللّه عن هذا التلقين فقال في فتاويه التلقين هو الذي نختاره ونعمل به، وذكره جماعة من أصحابنا الخراسانيين قال وقد روينا فيه حديثاً من حديث أبي أمامة ليس بالقائم إسناده، ولكن اعتضد بشواهد وبعمل أهل الشام به قديماً) اهـ كلام النووي.
وأما بالنسبة للجلوس للتعزية فهذا مما تعارف عليه المسلمون وجرى به العمل على مرّ العصور لمواساة أهل الميت بمصيبتهم والترويح عنهم وهو مذهبنا معاشر المالكية، ولا يُتسثنى من ذلك النساء كما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَت إِذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أَهلِهَا فَاجتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ ثُمَّ تَفَرَّقنَ إِلاَّ أَهلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَت بِبُرمَةٍ مِن تَلبِينَةٍ فَطُبِخَت ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلبِينَةُ عَلَيهَا ثُمَّ قَالَت (كُلنَ مِنهَا) وهو في صحيح البخاري، فلينظر إلى قوله (فاجتمع لذلك النساء) أي اجتمعن للتعزية بسبب موت الميت، ثم لينظر إلى إطعام عائشة رضي الله عنها الطعام وهذا لا مانع منه فهو داخل في حديث (أطعم الطعام) وهو في مسند الإمام أحمد الذي هو نفسه رخّص في الجلوس للتعزية وهو نفسه رضي الله عنه عزّى وجلس للتعزية، كما ذكر المرداوي الحنبلي في كتاب الإنصاف حيث نقل عن الخلال قال سهّل الإمام أحمد في الجلوس إليهم (أي في التعزية) في غير موضع، أي في عدة مواضع وليس مرة واحدة فقط.
فحديث عائشة رضي الله عنها يؤيد ما ذهب إليه الإمام أحمد، وفي حديثها دلالة واضحة على أن الصحابة والتابعين كانوا لا يرون في الاجتماع بأساً سواء اجتماع أهل الميت أو اجتماع غيرهم معهم.
وهذا هو المنقول عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما رواه الحافظان ابن أبي شيبة والصنعاني في مصنفيهما الأول في الجزء 3 ص 290، والثاني في الجزء 3 ص 554، أنه لَمَّا مَاتَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ اجتَمَعَن نِسوَةُ بَنِي المُغِيرَةِ يَبكِينَ عَلَيهِ، فَقِيلَ لِعُمَرَ أَرسِل إلَيهِنَّ فَانهَهُنَّ (من النهي)، لاَ يَبلُغُك عَنهُنَّ شَيءٌ تَكرَهُهُ، فَقَالَ عُمَرُ (وَمَا عَلَيهِنَّ (أي لا بأس) أَن يُهرِقنَ مِن دُمُوعِهِنَّ عَلَى أَبِي سُلَيمَانَ (كنية سيدنا خالد) مَا لَم يَكُن نَقعٌ أَو لَقلَقَةٌ)، أي ما لم يرفعن أصواتهن أو يضعن التراب على رؤوسهن، يريد النهي عن الندب والنياحة وسائر عادات الجاهلية.
وهذا هو قول البخاري رحمه الله في صحيحه من جواز الاجتماع للتعزية بالميت قال وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ (دَعهُنَّ يَبكِينَ عَلَى أَبِي سُلَيمَانَ مَا لَم يَكُن نَقعٌ أَو لَقلَقَةٌ)، قال البخاري وَالنَّقْعُ التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ وَاللَّقْلَقَةُ الصَّوْتُ.
ففي شرح مختصر خليل للشيخ الإمام محمد بن عبد الله الخراشي المالكي (المتوفى 1101 هـ) باب الوقت المختار، فصل صلاة الجنازة (وَيَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ لِلتَّعْزِيَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حِينَ جَاءَهُ خَبَرُ جَعْفَرٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَهُمْ بِمُؤْتَةِ، وَوَاسِعٌ كَوْنُهَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ، وَالْأَدَبُ عِنْدَ رُجُوعِ الْوَلِيِّ إلَى بَيْتِهِ).
وفي مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للشيخ الإمام أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي المعروف بالحطاب الرُّعيني المالكي (المتوفى 954 هـ)، كتاب الجنائز، فُرُوعٌ، الْأَوَّلُ الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ:
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) فِي الْجُلُوسِ لِلتَّعْزِيَةِ قَالَ سَنَدٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ لِلتَّعْزِيَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا قُتِلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد انْتَهَى.
الثَّانِي مَحَلِّ التَّعْزِيَةِ (الثَّانِي) فِي مَحَلِّ التَّعْزِيَةِ وَمَحَلُّهَا فِي الْبَيْتِ وَإِنْ جُعِلَتْ عَلَى الْقَبْرِ فَوَاسِعٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَدَبِ.
قَالَ فِي الْمَدْخَلِ وَالْأَدَبُ فِي التَّعْزِيَةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ عُلَمَاؤُنَا أَنْ تَكُونَ بَعْدَ رُجُوعِ وَلِيِّ الْمَيِّتِ بَعْدَ الدَّفْنِ إلَى بَيْتِهِ وَهِيَ جَائِزَةٌ قَبْلَ الدَّفْنِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمَيِّتِ بِسَبَبِهَا تَأْخِيرٌ عَنْ مُوَارَاتِهِ فَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ مُنِعَ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا وَتَجُوزُ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ انْتَهَى).
وقال الإمام النووي في الأذكار (قال الشافعي وأصحابنا رحمهم اللّه يُكره الجلوس للتعزية، قالوا ويعني بالجلوس أن يجتمعَ أهلُ الميت في بيت ليقصدَهم مَن أراد التعزية، بل ينبغي أن ينَصرفوا في حوائجهم……إلى أن قال وهذه كراهة تنزيه). اهـ والكراهة محمولة على قصد الجلوس في البيت حتى يأتيه الناس فيعزوه لأجل هذا جلس أما إذا غلبه الحزن فجلس فجاء الناس ليعزوه لا كراهة في ذلك كما يدل على ذلك ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت (لما قتل زيد بن حارثة وجعفر وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد يعرف في وجهه الحزن) رواه أبو داود.
وأما بالنسبة لتحضير الطعام لأهل الميت فقد روى أبو داود في سننه في باب صنعة الطعام لأهل الميت عن عبد الله بن جعفر، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اصنعوا لآل جعفرٍ طعاماً فإِنه قد أتاهم أمرٌ شغلهم) ورواه أحمد في مسنده والترمذي وابن ماجه والحاكم في المستدرك وصححه.
قال ذلك الرسول لما قتل جعفر وجاء الخبر بموته، قال ابن الأثير (أراد اطبخوا واخبزوا لهم، فيندب لجيران الميت وأقاربه الأباعد صنع ذلك) قال أبو عيسى الترمذي هذا حديثٌ حسنٌ صحيح، وقد كَانَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ يَسْتَحِب أَنْ يُوجّه إلى أهْلِ المَيّتِ شَيْءٌ لِشُغْلِهِمْ بالمُصِيبَةِ وهُوَ قَوْلُ الشّافِعِيّ. اهـ
وقال الطيبي (دل على أنه يستحب للأقارب والجيران تهيئة طعام لأهل الميت). انتهى
وأما ما في حديثِ جريرِ بنِ عبدِ الله البَجَلِيِّ رضيَ الله عنه أنه قال (كُـنَّا نَـعُـدُّ الاجتماعَ إلى أهلِ الميِّتِ وصَنِـيعَةَ الطّعامِ بعدَ دفنهِ منَ النِّـياحَةِ) رواه الإمام أحمدُ، فهذا الحديثُ لا تَعَلُقَ لـه بالتعزيَةِ هذا فيه النَّهيُ عن صُنعِ الطعامِ من أهلِ الميتِ لإطعامِ الزائرينَ أما أصلُ التَّعزيَةِ ليس مَورِدَ الحديثِ، ثمّ إن هذا محمولٌ عمّـا إذا هَيأوه للنائحاتِ والنادباتِ أو للفخرِ كعادةِ الجاهليّةِ الذينَ لا يؤمنونَ بالآخرةِ إنما مرادُهم الفخرُ، أما أهلُ الميتِ إن قدَّموا شيئًا فلا يتناوَلُهُ الحديثُ لأنَّ إكرامَ الضيفِ مطلوبٌ شرعا، فإنْ كانَ في البيتِ أناسٌ يَعمَلونَ الطَّعامَ للفخرِ حتى يُقالَ عنهم إنهم عمِلوا طعاما وأطعموا الناسَ فهُم كرَماء وأهلُ مُـروَّةٍ يُريدونَ أن يُـبرِزوا أنفُسَهم حتى يُوصَفوا بالفهمِ والمعرِفةِ فالذنبُ على هؤلاءِ، فما ذنبُ هذا الزائرِ الذي قَصْدُهُ أن يُعَزِّيَ وليسَ قَصْدُهُ أن يأكلَ.
ملاحظة:
بعد ذكر هذه الأدلة الشرعية من كتب علماء أهل السنة والجماعة وفي الحقيقة ما ذكرنا الا القليل، إن شاء الله نكون قد أزلنا اللبس الذي تسأل عنه.
ونزيدك فائدة وهي أنه لا يصح إطلاق القول (كل شىء لم يفعله رسول الله أو أو لم ينص عليه فحرام فعله) لأن هذا مخالف للقرءان والحديث وإجماع الأمة المحمدية، بل الأمر فيه تفصيل فما أُحدث على خلاف القرءان والسنة والإجماع فهو مذموم وما أحدث على وفاق القرءان والسنة والإجماع فليس مذموما كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه وهذا داخل في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شىء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شىء) رواه مسلم.
ومن الأشياء التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينص عليها، وفعلها غيره من أهل العلم والورع كما أحدث الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه الأذان الثاني يوم الجمعة لصلاة الجمعة وتنقيط المصاحف الذي فعله التابعي الجليل يحيى بن يعمر رحمه الله وعمل المحاريب المجوفة الذي فعله الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فهذه الأمور وإن لم يفعلها رسول الله فهي أمور حسنة توافق شرعه عليه الصلاة والسلام.
ونسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، ءامين، والله تعالى أعلم وأحكم.