مسائلُ مُهِمَّةٌ يُحْتَاجُ إِلَيْهَا في الْحَيْضِ (هذا الشرح على مذهب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه)
الْمُبْتَدَأَةُ هِيَ الَّتي لَمْ يَسْبِقْ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ، لَمْ يَسْبِقْ أَنْ حَاضَتْ وَطَهُرَت، حَاضَتْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَبَقِيَ مُسْتَمِرًّا، هَذِهِ إِنْ عَرَفَتْ ابْتِدَاءَ الدَّمِ يُحْكَمُ لَهَا أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَتِسْعَةٌ وعِشْرُونَ يَومًا تُعْتَبَرُ طُهْرًا، وَتَلْتَزِمُ أَحْكَامَ الْحَيْضِ لِليَوْمِ الأَوَّلِ أَيْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً ثُمَّ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ، هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمُعْتَمَدُ، وَبَعْضُهُمْ قَالُ تُرَدُّ إِلى سِتَّةِ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةٍ.
ثُمَّ إِنْ كَانَتْ تَرَى بِلَوْنٍ وَاحِدٍ فَالأَمْرُ هَكَذَا، وَإِنْ كَانَتْ تَرَى بِلَوْنَيْنِ أَوْ صِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ تَرَى أَسْوَدَ وَأَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ وَأَشْقَرَ أَوْ أَسْوَدَ وَأَصْفَرَ أَوْ أَسْوَدَ وَأَكْدَرَ أَوْ تَرَى بَعْضَ الْوَقْتِ ثَخِينًا وَبَعْضَ الْوَقْتِ رَقِيقًا أَو كَانَ بَعْضَ الْوَقْتِ مُنْتِنًا وَبَعْضَ الْوَقْتِ غَيْرَ مُنْتِنٍ فَالأَسْوَدُ يُعْتَبَرُ قَوِيًّا وَمَا سِوَاهُ مِنَ الأَلْوَانِ يُعْتَبَرُ ضَعِيفًا، والثَّخِينُ يُعَدُّ قَوِيًّا وَمَا سِواهُ يُعَدُّ ضَعِيفًا، وَذُو الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ يُعْتَبَرُ قَوِيًّا وَذُو الرَّائِحَةِ الضَعِيفَةِ يُعَدُّ خَفِيفًا، فَإِنْ رَأَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ قَوِيًّا وَبَقِيَّةَ الشَّهْرِ ضَعِيفًا يُحْكَمُ لَهَا بِأَنْ حَيْضَهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ فَفي الْخَمْسَةِ لا تُصَلِّي ولا تَصُومُ وَفي مَا بَعْدَهَا هِيَ في حُكْمِ الطَّاهِرِ.
أَمَّا الَّتِي سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ فَهَذِهِ إِنِ اسْتَمَرَّ الدَّمُ إِلى مَا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إِنْ كَانَتْ تَرَى الدَّمَ مُخْتَلِفَ الصِّفَةِ بِأَنْ كَانَتْ تَرَى بَعْضَ الوَقْتِ قَوِيًّا وَبَعْضَ الوَقْتِ ضَعِيفًا فَحَيْضُهَا الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ، لا تَنْظُرُ إِلى عَادَتِهَا لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ أيَّامٍ ثُمَّ يَنْقَطِعُ وَمَرَّ شَهْرٌ أَوْ شَهْرَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَكَانَتْ عَلى هَذَا الْحَالِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ دَمُهَا وكَانَتْ تَرَى الخمسَةَ التي كَانَتْ تَرَاهَا سَوادًا وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ ضَعِيفًا فَتَمْضِي على هَذَا، وَإِنِ اخْتَلَفَ الأَمْرُ فَصَارَتْ تَرى عَشَرَةَ أيَّامٍ سَوادًا ثُمَّ العِشْرِينَ الأخيرينَ مِنَ الشَّهْرِ ضعيفًا أَحمَرَ مَثَلاً فَتَأخُذُ بِالتَّمْييزِ، فَتَعْتَبِرُ الْقَوِيَّ حَيْضًا وَمَا بَعْدَهُ اسْتِحَاضَةً وَلا تَنْظُرُ إِلى عَادَتِهَا، هَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ في المذْهَبِ (الشافعي)، وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِأَنَّهَا تأخُذُ بِعَادَتِهَا لَيْسَ بِالتَّمْييزِ.
إِذًا تُوجَدُ مُبْتَدَأَةٌ وَتُوجَدُ مُعْتَادَةٌ مَمَيِّزَةٌ.
وَتُوجَدُ مُتَحَيِّرَةٌ هَذِهِ الَّتي نَسِيَتَ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا، لا تَذْكُرُ مَتَى كَانَ يَأتِيها الْحَيْضُ، هَلْ كَانَ يَأتيها أوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ؟ أَوْ فيما سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَيَّامِ؟ نَسِيَتْ عَادَتَهَا وَنَسِيَتْ كَمْ يَوْمًا كَانَ يَسْتَغْرِقُ حَيْضُهَا، نَسِيَتِ الْقَدْرَ وَالْوَقْتَ، هَذِهِ مُسْتَحَاضَةٌ مُتَحَيِّرَةٌ، وَحُكْمُها أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَفِيما بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا كَأَنَّ كُلَّ الأَيَّامِ حَيْضٌ، فَالْيَومُ الأَوَّلُ حَيْضٌ بِيَقينٍ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ يُلْحَقُ بِالْحُكْمِ لأنَّها لا تَعْرِفُ هَلْ كَانَ يَبْدَؤُهَا أَوَّلَ يَوْمٍ أَوْ ثَانيَ يَوْمٍ أَوْ ثَالِثَ يَوْمٍ أَوْ فيما بَعْدَهُ لا تَذْكُرُ، وَلا تَذْكُرُ كَمْ يَوْمًا كَانَ حَيْضُهَا، هَلْ كَانَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ، هَذِهِ يُقَالُ لَهَا الْمُتَحَيِّرَةُ وَحُكْمُهَا أَنَّها كَحَائِضٍ في الاسْتِمْتَاعِ وَنَحْوِهِ فَلا يُجَامِعُهَا زَوْجُهَا، أَمَّا في الْعِبَادَةِ الَّتي تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ كَطَاهِرٍ، مَعْنَاهُ تُصَلِّي كُلَّ الأَيَّامِ مَعَ الْغُسْلِ لِكُلِّ يَوْمٍ، وَفي الصَّلاةِ تَقْرَأُ الْقُرْءانَ، أمَّا خَارِجَ الصَّلاةِ فَلا تَقْرَأُ الْقُرْءانَ، هَذِهِ النَّاسِيَةُ لِعَادَتِهَا قَدْرًا وَوَقْتًا يُقَالُ لَهَا الْمُتَحَيِّرَةُ.
أمَّا إِنْ كَانَتْ تَذْكُرُ الْقَدْرَ أَوْ تَذْكُرُ الْوَقْتَ فلِلْيَقِينِ حُكْمُهُ، أَمَّا في غَيْرِ الْيَقِينِ فَكَالَّتي نَسِيتَ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا كَالْمُتَحَيِّرَةِ في الْقَدْرِ وَالْوَقْتِ، فَمَا تَيَقَّنَتْ أَنَّهُ حَيْضٌ فَلَهَا فِيهِ حُكْمُ الْحَيْضِ، وَمَا تَيَقَّنَتْ أَنَّهُ طُهْرٌ فَلَهَا فِيهِ حُكْمُ الطَّاهِرِ، فَإِنْ قَالَتْ كَانَ حَيْضِي خَمْسَةَ أَيَّامٍ في الشَّهْرِ لا أَدْرِي هَلْ كَانَ في الْعَشْرِ الأُوَلِ أَمْ في الثَّاني أمْ في الثَّالِثِ فَالْقَدْرُ الَّذي تَتَيَقَّنُهُ أَنَّهُ حَيْضٌ فَهُوَ حَيْضٌ، وَكُلُّ زَمَانٍ شَكَكْنَا فيهِ جَعَلْنَاهَا في الصَّلاةِ طَاهِرًا وَفي الوَطْءِ حَائِضًا، وَكُلُّ زَمَانٍ احْتَمَلَ فِيهِ انْقِطَاعُ الدَّمِ فيهِ أمَرْنَاهَا بِالْغُسْلِ.
4 Comments
جزاك الله
بارك الله فيكم وجزاكم عنا خيرا
انقطع الدم لمدة ثلاثة شهور ونزل بقعة دم ومن بعدها لم ينزل شيئ ماذا افعل؟
يعني انقطع الدم بالمرة؟ ما عاد ينزل؟