قراءة القرءان في رَمَضَان
قراءة القرءان في رَمَضَان
11 يناير 2019
عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ ثانِي الخُلَفاءِ الرّاشِدِينَ
عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ ثانِي الخُلَفاءِ الرّاشِدِينَ
11 يناير 2019
قراءة القرءان في رَمَضَان
قراءة القرءان في رَمَضَان
11 يناير 2019
عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ ثانِي الخُلَفاءِ الرّاشِدِينَ
عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ ثانِي الخُلَفاءِ الرّاشِدِينَ
11 يناير 2019

أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَىِ الْبُسْتَانِ

أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَىِ الْبُسْتَانِ

أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَىِ الْبُسْتَانِ

   ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ فِى سُورَةِ الْقَلَمِ شَيْئًا مِنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ أَىِ الْبُسْتَانِ الَّذِينَ لَمْ يُؤَدُّوا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ فَحَرَمَهُمْ مِنْهُ عِقَابًا عَلَى نِيَّتِهِمُ الْخَبِيثَةِ فَمَا تَفَاصِيلُ هَذِهِ الْقِصَّةِ.

   كَانَتِ الْيَمَنُ مَشْهُورَةً بِكَثْرَةِ بَسَاتِينِهَا وَأَرَاضِيهَا الْخِصْبَةِ، وَبِالْقُرْبِ مِنْ أَهَمِّ مُدُنِهَا صَنْعَاءَ فِى نَاحِيَةٍ اسْمُهَا ضَوْرَانُ عَاشَ رَجُلٌ صَالِحٌ مَعَ أَوْلادِهِ عِيشَةً طَيِّبَةً حَيْثُ كَانَ لَهُ أَرْضٌ عَظِيمَةُ الِاتِّسَاعِ مُنَوَّعَةُ الزُّرُوعِ كَثِيرَةُ الأَشْجَارِ وَافِرَةُ الأَثْمَارِ فَهُنَا نَخِيلٌ وَهُنَاكَ أَعْنَابٌ وَهُنَالِكَ بُقُولٌ فَغَدَتْ مُتْعَةً لِلنَّاظِرِينَ وَنُزْهَةً لِلْقَاصِدِينَ يَأْتُونَهَا لِلرَّاحَةِ وَالتَّمَتُّعِ بِمَنْظَرِهَا الْجَمِيلِ.

   وَكَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ مُسْلِمًا مِنْ أَتْبَاعِ سَيِّدِنَا عِيسَى الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلامُ يَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ وَكَانَ كُلَّمَا حَانَ وَقْتُ حَصَادِ الزُّرُوعِ دَعَا الْبُسْتَانِىَّ وَأَعْوَانَهُ فَيَقْطَعُونَ بِالْمَنَاجِلِ مَا يَقْطَعُونَهُ وَيَقْطِفُونَ الثِّمَارَ ثُمَّ يَبْعَثُ بِطَلَبِ جَمَاعَاتِ الْفُقَرَاءِ عَلَى مَا عَوَّدَهُمْ عَلَيْهِ كُلَّ عَامٍ فَلا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الدُّخُولِ بَلْ يُعْطِيهِمْ نَصِيبًا وَافِرًا هَذَا يَمْلَأُ أَوْعِيَتَهُ الَّتِى أَتَى بِهَا وَذَاكَ يَحْمِلُ فِى ثِيَابِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَخْطَأَهُ الْمِنْجَلُ فَلَمْ يَقْطَعْهُ فَكَانَ لَهُمْ وَكَذَلِكَ مَا سَقَطَ مِنَ الْقَمْحِ بَعْدَ أَنْ يُجْمَعَ فَوْقَ الْبِسَاطِ وَمَا تَرَكَهُ الْحَاصِدُ وَمَا تَنَاثَرَ بَيْنَ أَشْجَارِ النَّخِيلِ بَعْدَ فَرْطِ ثِمَارِهَا رِزْقًا حَلالًا طَيِّبًا وَجَرَى عَلَى هَذَا كُلَّ عَامٍ.

   لَمْ يَتَحَمَّلْ بَعْضُ أَبْنَاءِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ رُؤْيَةَ جُزْءٍ مِنْ مَالِ أَبِيهِمْ مُوَزَّعًا بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَبُسْتَانِهِ مَفْتُوحًا لِلْمَسَاكِينِ وَالْمُحْتَاجِينَ وَأَنَّهُمْ مِثْلُهُمْ سَوَاءٌ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِوَالِدِهِ إِنَّكَ بِعَطَائِكَ لِلْفُقَرَاءِ تَمْنَعُنَا حَقَّنَا وَتُضَيِّقُ عَلَيْنَا فِى رِزْقِنَا وَقَالَ الِابْنُ الآخَرُ قَدْ نَعُودُ بَعْدَكَ فُقَرَاءَ نَمُدُّ الأَيْدِىَ لِلنَّاسِ نَشْحَذُ مِنْهُمْ وَهَمَّ الثَّالِثُ بِالْكَلامِ فَأَسْكَتَهُ الْوَالِدُ وَأَدَارَ عَيْنَيْهِ عَلَى الْجَمِيعِ وَقَالَ مَا أَرَاكُمْ إِلَّا خَاطِئِينَ فِى الْوَهْمِ وَالتَّقْدِيرِ هَذَا الْمَالُ مَالُ اللَّهِ مَكَّنَنِى فِيهِ وَأَمَرَنِى أَنْ أُخْرِجَ مِنْهُ حُقُوقًا زَكَاةً لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَالُ بِهَذَا الأَمْرِ يَزِيدُ وَيُبَارَكُ فِيهِ وَعَلَى هَذَا تَعَوَّدْتُ مُنْذُ كُنْتُ شَابًّا وَقَدِ الْتَزَمْتُ بِهِ رَجُلًا كَهْلًا فَكَيْفَ بِى أَنْ أَتْرُكَهُ الْيَوْمَ وَأَنَا شَيْخٌ وَمَوْتِى قَرِيبٌ. وَلَمْ يَمْكُثِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ طَوِيلًا إِذْ أُصِيبَ بِمَرَضٍ وَتُوُفِّىَ تَارِكًا أَوْلادَهُ وَبُسْتَانَهُ الْوَاسِعَ.

   وَمَضَتِ الأَيَّامُ سَرِيعَةً وَحَانَ وَقْتُ الْحَصَادِ وَتَرَقَّبَ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ حُلُولَهُ لِيَأْتُوا وَيَأْخُذُوا نَصِيبَهُمْ كَمَا عَوَّدَهُمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ كُلَّ عَامٍ.

   وَاجْتَمَعَ الأَبْنَاءُ الْبُخَلاءُ يُعِدُّونَ لِلْحَصَادِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ لَنْ نُعْطِىَ بَعْدَ الْيَوْمِ مِنَ الْبُسْتَانِ شَيْئًا لِفَقِيرٍ أَوْ مُحْتَاجٍ وَلَنْ يَعُودَ مَأْوًى لِقَاصِدٍ أَوِ ابْنِ سَبِيلٍ فَإِنَّنَا إِذَا فَعَلْنَا هَذَا زَادَ مَالُنَا وَعَلا شَأْنُنَا.

   وَقَالَ أَوْسَطُهُمْ وَكَانَ كَأَبِيهِ طَيِّبًا يُحِبُّ عَمَلَ الْخَيْرِ إِنَّكُمْ تُقْدِمُونَ عَلَى أَمْرٍ تَظُنُّونَهُ أَوْفَرَ لَكُمْ وَلَكِنَّهُ يَحْوِى الشَّرَّ وَسَيَقْضِى عَلَى بُسْتَانِكُمْ مِنْ جُذُورِهِ إِنَّكُمْ لَوْ حَرَمْتُمُ الْفُقَرَاءَ وَلَمْ تُعْطُوا الْمَسَاكِينَ وَالْمُسْتَحِقِّينَ زَكَاةَ الزَّرْعِ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عِقَابَ اللَّهِ تَعَالَى.

   وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَنْصَاعُوا وَاتَّفَقُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ سِرًّا أَنْ يَقُومُوا أَوَّلَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ النَّاسُ فَيَأْتُوا إِلَى بُسْتَانِهِمْ وَيَقْطِفُوا ثِمَارَهُ وَيَحْصُدُوا زَرْعَهُ وَيَقْتَسِمُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَلا يَبْقَى شَىْءٌ لِلْفُقَرَاءِ.

   وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى عَالِمًا بِمَا يَكِيدُونَهُ وَمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَأَرْسَلَ سَيِّدَنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَيْلًا بِبَلاءٍ شَدِيدٍ فَاقْتُلِعَتْ نَبَاتَاتُهُمْ وَاحْتَرَقَتْ شَجَرَاتُهُمْ وَجَفَّتْ أَوْرَاقُهُمْ وَأَنْهَارُهُمْ وَأَصْبَحَ بُسْتَانُهُمْ أَسْوَدَ كَاللَّيْلِ.

   وَطَلَعَ عَلَيْهِمُ النَّهَارُ وَهُمْ عَلَى مَشَارِفِ بُسْتَانِهِمْ يَتَسَاءَلُونَ أَهَذَا بُسْتَانُنَا وَقَدْ تَرَكْنَاهُ بِالأَمْسِ مُورِقًا بِأَشْجَارِهِ وَافِرًا بِثِمَارِهِ مَا نَظُنُّ هَذَا بُسْتَانَنَا وَإِنَّنَا ضَالُّونَ عَنْهُ.

   قَالَ أَوْسَطُهُمْ بَلْ هِىَ جَنَّتُكُمْ حُرِمْتُمْ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُحْرَمَ الْفَقِيرُ مِنْهَا وَجُوزِيتُمْ عَلَى بُخْلِكُمْ وَشُحِّكُمْ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ يَلُومُ الْبَعْضَ الآخَرَ فَالأَوَّلُ يَقُولُ أَنْتَ أَشَرْتَ عَلَيْنَا بِمَنْعِ الْمَسَاكِينِ وَيَقُولُ الآخَرُ بَلْ أَنْتَ زَيَّنْتَ لَنَا حِرْمَانَهُمْ فَيُجِيبُهُ أَحَدُهُمْ أَنْتَ خَوَّفْتَنَا الْفَقْرَ وَيَقُولُ ءَاخِرُهُمْ بَلْ أَنْتَ الَّذِى رَغَّبْتَنَا بِجَمْعِ الْمَالِ ثُمَّ قَالُوا يَا رَبَّنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ أَىْ عَصَيْنَا رَبَّنَا بِمَنْعِ الزَّكَاةِ. وَأَدْرَكَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ عِنْدَمَا أَظْهَرُوا اسْتِعْدَادَهُمْ لِلتَّوْبَةِ وَقَالُوا إِنْ أَبْدَلَنَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا سَنَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ وَالِدُنَا فَدَعَوُا اللَّهَ وَتَضَرَّعُوا وَتَابُوا إِلَيْهِ فَأَبْدَلَهُمْ مِنْ لَيْلَتِهِمْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا وَأَمَرَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنْ يَقْتَلِعَ بُسْتَانَهُمُ الْمَحْرُوقَ وَيَجْعَلَهُ فِى مَكَانٍ بَعِيدٍ وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ بُسْتَانًا عَامِرًا وَيَجْعَلَهُ مَكَانَ الأَوَّلِ فَكَانَتِ الْبَرَكَةُ فِيهِ ظَاهِرَةً إِذْ كَانَ عُنْقُودُ الْعِنَبِ فِيهِ ضَخْمًا جِدًّا وَعَادُوا إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَالِدُهُمْ لا يَمْنَعُونَ فَقِيرًا وَلا مِسْكِينًا يُطَهِّرُونَ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ بِمَا يُرْضِى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *