اتقوا الله فالدُّنْيَا لا تُغني مِنَ الآخِرةِ
19 نوفمبر 2016الله تعالى ما شاء لكلِّ من رأى المعجزة أن يهتدي
19 نوفمبر 2016حية أنطقها الله
حية أنطقها الله
ذكر ابن الجوزي في كتاب له أن بعض الصالحين رضي الله عنهم قال أتيت إبراهيم بن أدهم لأزوره، فطلبته في المسجد، فلم أجده، فقيل لي إنه خرج الآن من المسجد، فخرجت في طلبه، فوجدته في بطن واد نائمًا في زمان الحر، وحيّة عظيمة عند رأسه! وفي فم الحيّة غصن من الياسمين، وهي تشرّد (1) عنه الذباب، فبقيت متعجبًا من ذلك، وإذا بالحية قد أنطقها الله الذي أنطق كل شيء، فقالت لي مم تتعجب أيها الرجل؟!
فقلت لها، من فعلك هذا، وأكثر تعجبي من كلامك وأنت عدوة لبني آدم.
فقالت لي والله العظيم، ما جعلنا الله أعداء إلا للعاصين، وأما أهل طاعته، فنحن لهم منقادون. انتهى
فليراجع كل واحد منا نفسه.
إبراهيم بن أدهم الصوفي الذي ترك الملك لأجل الآخرة، هو أَبُو إِسْحَاق ابْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ العِجْلِيُّ القُدْوَةُ، الإِمَامُ، العَارِفُ، الزاهد، ولد ببلخ وهي المدينة العظيمة التي شهدت أكبر حركة تنزع نحو التصوف والإقبال على الآخرة، وكان مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ المائَةِ.
لقد كان إبراهيم بن أدهم واحدًا من هؤلاء الصالحين الذين كانوا من أبناء الملوك، إذ كان والده ملكًا من ملوك خراسان وكان سبب زهده أنه خرج مرة إلى الصيد فسمع هاتفًا يقول له يا إبراهيم، ما لهذا خُلِقْتَ ولا بذا أُمرتَ، فحلف ألا يعصي الله تعالى، وترك ملك أبيه فأكثر من السفر في طلب العلم والازدياد من الطاعات، وذكر صاحب جامع كرامات الأولياء أنه َتُوُفِّيَ في بلاد الشام سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، ودفن في جبلة من سواحل سوريا، وروي عن المنادي أنه قال وقد زرته والحمد لله في جبلة وحصلت لي بركته، وله مزار عظيم وجامع كبير قديم، وأوقاف كثيرة، وقال ابن الجوزي في صفة الصفوة إنه توفي بالجزيرة وحمل إلى صور فدفن فيها.
رحم الله سيّدنا ابراهيم بن أدهم وأمدنا بأمداده وحشرنا في زمرته وزمرة الصالحين يوم الدين.
(1) تدفع.