قِصَّةُ مَاشِطَةِ بِنْتِ فِرْعَوْنَ
لِنَأْخُذِ الْعَزِيمَةَ وَالثَّبَاتَ وَالْعِبْرَةَ مِنْ مَوْقِفِ مَاشِطَةِ بِنْتِ فِرْعَوْنَ الَّتِى كَانَتْ تُسَرِّحُ شَعْرَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ فَوَقَعَ الْمِشْطُ مِنْ يَدِهَا فَقَالَتْ بِسْمِ اللَّهِ فَقَالَتْ لَهَا بِنْتُ فِرْعَوْنَ أَوَلَكِ رَبٌّ إِلَهٌ غَيْرُ أَبِى فَكَانَ جَوَابُهَا رَبِّى وَرَبُّ أَبِيكِ هُوَ اللَّهُ فَأَخْبَرَتِ الْبِنْتُ أَبَاهَا فَطَلَبَ مِنْهَا فِرْعَوْنُ الرُّجُوعَ عَنْ دِينِهَا فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ عَنِ الْحَقِّ.
وَكَانَ فِرْعَوْنُ كَافِرًا جَبَّارًا لا يَرْحَمُ فَحَمَّى لَهَا مَاءً وَقَالَ ارْجِعِى يَا مَاشِطَةُ قَالَتْ بِقَلْبٍ ثَابِتٍ (اللَّهُ رَبٌّ مُنْتَقِمٌ اللَّهُ رَبٌّ مُنْتَقِمٌ).
وَأُحْمِىَ التَّنُّورُ وَتَحْتَهُ النِّيرَانُ وَالزَّيْتُ مَعَهُ الْمَاءُ فِى الْقِدْرِ وَبَدَأَ يَرْمِى بِأَوْلادِهَا أَمَامَ عَيْنَيْهَا فَكَانَ يَرْمِى بِالْوَلَدِ فَيَنْفَصِلُ عَظْمُهُ عَنْ لَحْمِهِ وَهِىَ ثَابِتَةٌ مُتَمَسِّكَةٌ بِدِينِ الإِسْلامِ وَبَقِىَ بَيْنَ يَدَيْهَا طِفْلٌ رَضِيعٌ فَأَنْطَقَهُ اللَّهُ فَقَالَ (يَا أُمَّاهُ اصْبِرِى فَإِنَّ عَذَابَ الآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا فَلا تَتَقَاعَسِى فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ) أَنْطَقَهُ اللَّهُ الَّذِى أَنْطَقَ كُلَّ شَىْءٍ.
فَقَالَتْ لِفِرْعَوْنَ لِى عِنْدَكَ طَلَبٌ أَنْ تَجْمَعَ الْعِظَامَ وَتَدْفِنَهَا فِى مَكَانٍ وَاحِدٍ. فَقَالَ لَهَا لَكِ ذَلِكَ فَرَمَاهَا هِىَ وَرَضِيعَهَا فِى الزَّيْتِ الْحَامِى فَمَاتَتْ هِىَ وَأَوْلادُهَا شُهَدَاءَ.
وَبَعْدَ مِئَاتِ السِّنِينَ لَمَّا أُسْرِىَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَمَّ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ قَبْرِهَا رَائِحَةً طَيِّبَةً عَطِرَةً.