نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام(2)
نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام(2)
15 نوفمبر 2016
حديث (لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ)
حديث (لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ)
15 نوفمبر 2016
نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام(2)
نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام(2)
15 نوفمبر 2016
حديث (لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ)
حديث (لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ)
15 نوفمبر 2016

نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام(3)

نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام(3)

عرش بلقيس عند سليمان وكرامة لأحد أتباعه المؤمنين:

لما رجعت رُسل بلقيس إليها أخبروا ملكتهم بخبر سليمان عليه السلام، ووصفوا لها ما شاهدوه من عظمة مُلك سليمان عليه السلام وكثرة جنده وقوة بأسه، وأخبروها بأنه رد الهدايا إليها ولم يرض المصانعة، وأنه مصمم على غزو بلادهم بجيش كبير عرمرم لا قدرة لهم عليه، ولما سمعت الملكة -بلقيس- أخبار رسلها عن سليمان عليه السلام وعظيم ملكه أيقنت بعظم سلطانه ومهابته وعدم طاقتها على مقاومته، فبعثت إليه: إني قادمة إليك لأنظر ما تدعو إليه، ثم أمرت بعرشها فجعل وراء سبعة أبواب، ووكلت به حرسًا يحفظونه وسارت إلى سليمان عليه السلام بجيش كبير مع رجالها وجماعتها.

وكان نبي الله سليمان عليه السلام عظيم الهيبة كثيرًا ما كان الناس لا يبدأونه بشيء حتى يسأل هو عنه فجلس يومًا على سرير ملكه فرأى رهجًا قريبًا منه فقال: ما هذا؟ فقالوا: -بلقيس- قد نزلت بهذا المكان وكان قدر فرسخ، وكان قد بلغه أن بلقيس عملت هلى حراسة عرشها قبل خروجها، فلما علم سليمان عليه السلام بقدومها إليه، شيّد لها قصرًا عظيمًا من زجاج وجعل في ممره ماء وجعل عليه سقفًا من زجاج، وجعل فيه السمك وغيره من دواب الماء بحيث يخيل للناظر أنه في لجة من الماء.

وأراد سليمان عليه السلام أن يظهر لبلقيس من دلائل عظمته وسلطانه ما يبهرها وأن ترى بعينها ما لم تره من قبل قط، وهو أن ياتي بعرشها إلى قصره ليكون جلوسها عليه في ذلك الصرح العظيم دليلاً باهرًا على نبوته لأنها خلفته في قصرها واحتاطت عليه، فأمر عليه السلام جنوده وخواصه أن يخبروه عن مخلوق قوي ليأتيه بعرش بلقيس، فتطوع عفريت قوي من الجن وأخبره أنه قادر على إحضار عرش بلقيس في مدة قصيرة لا تتجاوز نصف نهار، يقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عن سليمان عليه السلام:{قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ* قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}سورة النمل، أي مجلسك، وكان سليمان عليه السلام يجلس للقضاء بين الناس من وقت الفجر إلى نصف النهار، ثم قال له:{وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}سورة النمل، أي وإني لذو قدرة على إحضاره إليك وذو أمانة على ما فيه من الجواهر النفيسة.

وكان هناك عند سليمان عليه السلام رجل من أهل الإيمان مشهور بالتقوى والولاية أعطاه الله معرفة اسمه الأعظم ويدعى ءاصف بن برخيا ويقال إنه ابن خالة سليمان فقال لسليمان عليه السلام ما أخبر الله تعالى بقوله:{قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}سورة النمل، أي قبل أن يرجع إليك بصرك إذا نظرت به إلى أبعد غاية منك ثم أغمضته، وكان الأمر كما قال وإذا بعرش بلقيس بعظمته وحليّه قائم وحاضر في القصر أمام نبي الله سليمان عليه السلام، فلما رأى سليمان عليه السلام عرش بلقيس عنده في هذه المدة القريبة قال ما أخبر الله به عنه في هذه الآية في قوله:{قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}سورة النمل، أي هذا من فضل الله علي وفضله على عبيده ليختبرهم على الشكر أو خلافه{وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ}سورة النمل، أي يعود نفع ذلك عليه{وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}سورة النمل أي ترك الشكر.

ثم أمر نبي الله سليمان عليه السلام أن يغير بعض معالم العرش ليمتحن بها قوة ملاحظتها وانتباهها وليختبر فهمها وعقلها، قال الله تعالى:{قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ *فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ}سورة النمل، وهذا من فطانتها وغزارة فهمها لأنها استبعدت أن يكون عرشها لأنها خلفته وراءها بأرض اليمن تحت حراسة شديدة، ولم تكن تعلم أن أحدًا يقدر على هذا الصنع العجيب الغريب، قال الله تعالى إخبارًا عن سليمان عليه السلام:{وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ*وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ}سورة النمل، ولمعنى صدها عن عبادة الله تعالى وحده عبادتها للشمس والقمر اتباعًا لدين ءابائها لأنها نشأت ولم تعرف إلا قومًا كافرين يعبدون الشمس من دون الله تعالى.

وكان سليمان عليه السلام قد أمرها بدخول القصر وكان جالسًا على سرير عرشه، قال الله تعالى:{فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ}سورة النمل.

فلما رأت الدلائل الباهرة والخوارق العجيبة أعلنت إسلامها وتبرأت مما كانت عليه من كفر وضلال، يقول الله تعالى حكاية عن بلقيس:{قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}سورة النمل.

وبعد أن أسلمت بلقيس ودخلت تحت سلطان سليمان عليه السلام يقال إنه تزوجها وأقرها على مملكة اليمن وردّها إلى بلدها وكان يزورها في مملكتها في كل شهر مرة ويقيم عندها ثلاثة أيام وأمر الجن المسخرين له أن يبنوا له ثلاثة قصور هناك. والله أعلم.

قصة سليمان والجياد:

قال الله تعالى:{وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ *فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ *رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}سورة ص.

يُذكر أن سليمان عليه السلام عرضت عليه الجياد بالعشي فاشتغل بعرض تلك الخيول حتى خرج وقت العصر وغربت الشمس، قيل إنه بعد ذلك طلب ردها إليه ومسح عراقيبها وأعناقها بالسيف، وقيل غير ذلك، والله أعلم.

وفاة نبي الله سليمان عليه السلام وكم كانت مدة ملكه وحياته:

يقول الله تبارك وتعالى في كيفية موت سليمان عليه السلام:{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}سورة سبأ.

يذكر الله تبارك وتعالى كيفية موت نبيه سليمان عليه السلام وكيف أخفى الله تعالى موته على الجان المسخرين له في الاعمال الشاقة لأن الجن كانوا يقولون للناس: إننا نعلم الغيب فأراد إظهار كذبهم فقُبض سليمان وهو متوكئ على عصاه وظل ميتًا على عصاه سنة كاملة، فلما أكلت دابة الأرض وهي الأرضة – وهي دويبة صغيرة تأكل الخشب- عصاه خرّ وسقط إلى الأرض وعُلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة، وتبيّنت الجن والإنس أيضًا أن الجن لا يعلمون الغيب كما كانوا يتوهمون ويُوهمون الناس.

وروى الحافظ ابن عساكر بالإسناد عن ابن عباس موقوفًا أن سليمان نبي الله عليه السلام كان إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها: ما اسمك؟ فتقول: كذا، فيقول: لأي شيء أنت؟ فإذا كانت لغرس غرست وإن كانت لدواء أنبتت، فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوب، قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت، فقال سليمان: اللهم أخف عن الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنحتها عصًا فتوكأ عليها حولًا والجن تعمل فأكلتها الأرضة فتبيّنت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولًا في العذاب المهين، ويقال إن الشياطين ينقلون إلى الأرضة الماء والطين حيث كانت.

ويقال إنه كان عمر نبي الله سليمان عليه السلام حين توفاه الله اثنتين وخمسين سنة، ولبث عليه الصلاة والسلام في الملك أربعين سنة ودفن في بيت المقدس في فلسطين.
ومن نعم الله على سليمان أنه كان يوجد في مجلس حكمه ستمائة ألف كرسي ثلاثمائة ألف عن يمينه لكبراء الإنس وثلاثمائة ألف عن يساره لكبراء الجن، وقد كانت العفاريت الذين كانوا يستطيعون أن ينقلوا الصخرة الكبيرة من مكان إلى مكان بعيد يطيعونه ويخافون أن ينزل الله عليهم عذابًا في الدنيا إن لم يطيعوا سليمان عليه السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *