نبي الله شيث عليه الصلاة والسلام
17 نوفمبر 2016نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام(2)
17 نوفمبر 2016نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام(1)
قال الله تبارك وتعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ } سورة الأعراف.
عدد المرات الذي ذكر فيها نبي الله صالح في القرءان:
ذكر اسم صالح عليه الصلاة والسلام في القرءان تسعَ مرات، وقد ذكر الله تبارك وتعالى بعضًا من قصته وما جرى بينه وبين قومه من جدال في سورة الأعراف، وسورة هود، وسورة الشعراء، وسورة النمل، وسورة الحِجْر، وسورة القمر، وسورة الشمس، وفصلت، والذاريات، والحاقة.
نسَبُ نبي الله صالح عليه السلام وقبيلته ثمود:
قيل في نسبه عليه السلام إنه صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح، وقيل غير ذلك، وقد أرسل الله تعالى نبيَّه صالحًا إلى ثمود وهم قبيلة مشهورة سميت باسم جدهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عاثر بن إرم بن سام بن نوح وهم من العرب الذين كانوا يسكنون الحِجر الذي هو بين الحجاز والأردن، وقد مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين، وما زالت ءاثارهم باقية هناك تعرف باسم -مدائن صالح-.
مساكنُ ثمود وماذا كانوا يعبدون وإرسال نبي الله صالح لدعوتهم إلى الإيمان وترك عبادة الأوثان:
قال الله تبارك وتعالى:{ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}سورة الأعراف.
أسكن الله تعالى قبيلة ثمود أرضًا بين الحجاز وتبوك وأسبغ عليهم من نعمه الكثيرة كما أسبغ على قبيلة عاد من قبلهم، ولكنهم لم يكونوا أحسن حالاً من أسلافهم ولم يتعظوا بما حلّ بعاد، ولم يشكروا الله تعالى بعبادته واتباع نبيه وتصديقه، بل أشركوا به وعبدوا الأصنام من دون الله وانفتنوا بالنعيم وسعة العيش الذي كانوا فيه.
بعث الله تبارك وتعالى نبيه صالحًا وكان من أشرفهم نسبًا وأصفاهم عقلاً وأوسعهم حلمًا، فدعاهم إلى عبادة الله وحده وحضّهم على توحيده وعبادته، وبيّن لهم أن الأوثان والأصنام لا تملك لهم ضرًا ولا نفعًا ولا تُغني عنهم من الله تعالى شيئًا، وقال لهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز: {وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} سورة الأعراف.
أي أن الله تبارك وتعالى جعلكم من بعد عاد لتعتبروا بما كان من أمرهم وكيف أهلكهم الله بكفرهم فتعملوا بخلاف عملهم وتشكروا الله بعبادته وحده وترك عبادة الأصنام وتصدقوا نبيه، وقد أباح الله لكم هذه الأرض تبنون في سهولها القصور وتنحتون في الجبال بيوتًا حاذقين في صنعتها وإتقانها وإحكامها، فقابلوا نعمة الله بالشكر وعبادته وحده لا شريك له وإياكم ومخالفته وترك الإيمان به وتكذيب نبيه فتكون عاقبة ذلك وخيمة عليكم.
وأمرهم عليه السلام أن لا يتبعوا الضالين المسرفين المفسدين الذين يُزينون لهم الضلال والفساد ولا يريدون الإصلاح، قال الله تعالى في كتابه العزيز مُبينًا ما قال نبيه صالح عليه السلام لقومه ثمود في دعوته لهم إلى الإيمان وعبادة الله وحده وطاعته: {كذَّبَتْ ثمودُ المُرسلينَ* إذْ قالَ لهُم أخوهُم صالحٌ ألا تتَّقونَ* إنِّي لكُم رسولٌ أمينٌ* فاتَّقوا اللهَ وأطيعونِ* وما أسئلُكُم عليهِ من أجرٍ إنْ أجْرِيَ إلا على ربِّ العالمينَ* أتَتْرُكونَ في ما هَهُنا ءامنينَ* في جَنَّتٍ وعيونٍ* وزُروعٍ ونخلٍ طَلْعُها هضيمٌ* وتنحِتونَ مِنَ الجبالِ بُيُوتًا فارهينَ* فاتَّقوا اللهَ وأطيعونِ* ولا تُطيعوا أمرَ المُسرفينَ* الذينَ يُفسدونَ في الارضِ ولا يُصلحونَ}سورة الشعراء.
فبيّن سيدنا صالح لقومه أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقهم وجعلهم عمّار هذه الأرض بعد قوم عاد وجعل لهم في الأرض الزروع والثمار فهو الخالق والإله والرازق الذي يستحق العبادة وحده، وأمرهم أن يقلعوا عن كفرهم وعبادة الأصنام ويعبدوا الله وحده. قال الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}سورة هود.
بعد دعوة صالح عليه السلام لقومه كان جوابهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه: {قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}سورة هود، أي إننا عهدناك ثاقب الفكر والرأي وها أنت الآن تدعونا إلى ترك ما كان عليه ءاباؤنا، وقيل: إن المعنى إنا كنا نرجو أن يكون عقلك كاملاً قبل هذه المقالة أتنهانا عن عبادةٍ كان عليها ءاباؤنا؟ وقد درجنا عليها ونشأنا مُستمسكين بها وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب ولا نطمئن إلى قولك ولا نثق بصدق دعوتك ولن نترك ما وجدنا عليه ءاباءنا، وعندما سمع سيدنا صالح عليه السلام ما أجابه به قومه من تكبر عن اتباع الحق ومن إصرار على كفرهم قال لهم ما أخبرنا الله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} سورة هود.
وهذا تلطف منه عليه السلام لقومه في العبارة ولين جانب وأسلوب حسن في الدعوة لهم إلى الخير والإيمان، والمعنى أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم إليه؟ وما هو عذركم عند الله؟ وقد بلغتكم ما أمرني به ربي أن أبلغكم فماذا يُخلصكم من عذابه وأنتم تطلبون مني أن أترك دعوتكم إلى عبادته، ودعوتكم إلى الإيمان والإسلام واجب علي لو تركته لما قدر أحد منكم ولا من غيركم أن يجيرني من عذاب الله بسبب معصيته على ترك التبليغ. وأخبرهم عليه السلام أنه سيبقى على دعوته لهم إلى الإيمان والإسلام وعبادة الله وحده وترك عبادة الاصنام حتى يحكم الله تعالى بينه وبينهم، لكنهم قابلوه بالإيذاء.
ومما ءاذت به ثمود صالحًا عليه السلام حين دعاهم للإيمان به وبما جاء به أنهم اتهموه بأنه مسحور كما أخبر الله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ}سورة الشعراء، أي أنت من المسحورين أي أنك مسحور لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله تبارك وتعالى وحده، وهذا غاية في تكبرهم عن اتباع الحق واتباع دعوة نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام. قال الله تعالى:{كذَّبت ثمودُ بالنُّذُرِ* فقالوا أبَشرًا مِنَّا واحدًا نتَّبعُهُ إنَّا إذًا لفي ضلالٍ وسُعُرٍ* أءُلقيَ الذِّكرُ عليهِ من بيننا بلْ هُوَ كَذَّابٌ أشِرٌ* سيعلمونَ غدًا مَنِ الكَذَّابُ الأشِرُ}سورة القمر.
معجزة نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام الباهرة:
استمر سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام يدعو قومه إلى الإيمان، واستمر قومه على عنادهم وتكبرهم من اتباع الحق، ولما وجدوا منه استمساكًا برأيه وإصرارًا على دعوته إياهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام خاف المستكبرون من قومه أن يكثر أتباعه وأن ينصرفوا عنهم إليه، وفي ذلك ذهاب لسلطانهم وتفتيت لقوتهم، فأرادوا أن يظهروا للناس أنه عاجز غير صادق في دعواه وهذا من خبث نفوسهم وظلام قلوبهم عن اتباع الحق، فطلبوا منه معجزة تكون دليلاً على صدقه وقالوا له: أخرج لنا من هذه الصخرة – وأشاروا إلى صخرة كانت هناك- ناقة ومعها ولدها وصفتها كيت وكيت وذكروا لها أوصافًا، وقالوا له: إن أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة ومعها ابنها ءامنا بك وصدقناك، فأخذ سيدنا صالح عليه السلام عليهم عهودهم ومواثيقهم على ذلك، وقام وصلى لله تبارك وتعالى ثم دعا ربه عز وجل أن يعينه ويجيبه إلى ما طلب قومه فاستجاب الله دعوته فأخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام بقدرة الله ناقة ومعها ولدها من الصخرة الصمّاء.
فقد أمر الله هذه الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة طويلة فيها الصفات التي طلبوها ومعها ابنها، فلما رأى قومه هذا الأمر الخارق للعادة الذي فيه الدليل القاطع والبرهان الساطع على صدق سيدنا صالح عليه السلام ءامن قسم منهم ومنهم جندع بن عمرو وكان من رؤسائهم ومعه رهط من قومه، واستمر أكثرهم على كفرهم وعنادهم وضلالهم، وقد صدهم عن الإيمان دؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم وغيرهما.
وعندما أخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام هذه الناقة مع فصيلها بقدرة الله تعالى قال لهم ما أخبرنا الله تعالى: {هذهِ ناقةُ اللهِ لكم}سورة الأعراف، أضافها عليه السلام لله تعالى إضافة تشريف وتعظيم وأخبرهم أنها لهم دليل صدق على دعوته عليه السلام، وأمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله قال تعالى: {قالَ هذهِ ناقةٌ لها شِرْبٌ ولكم شِربُ يومٍ معلومٍ}سورة الشعراء، وحذرهم أن يتعرضوا لها بالقتل أو الأذى، وأخبرهم أنهم إن هم تعرضوا لها بالسوء يأخذهم عذاب وهلاك عظيم، قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز:{ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * ما أنتَ إلا بشرٌ مِثلُنا فأتِ بآيةٍ إن كنتَ مِنَ الصادقينَ* قالَ هذهِ ناقةٌ لها شربٌ ولكم شربُ يومٍ معلومٍ* ولا تَمَسُّوها بسوءٍ فيأخذكم عذابُ يومٍ عظيمٍ}سورة الشعراء.
وقال تعالى في ءاية أخرى حكاية عن نبيه عليه السلام لقومه:{وإلى ثمودَ أخاهُم صالحًا قالَ يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لكُم مِن إلهٍ غيرهُ قد جاءتكُم بيِّنةٌ مِن ربكُم هذه ناقةُ اللهِ لكُم ءايةً فذروها تأكلْ في أرضِ اللهِ ولا تَمَسُّوها بسوءٍ فيأخذكم عذابٌ أليمٌ}سورة الأعراف.
فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ترعى حيث شاءت من أرضهم، فتَرِدُ الماء يومًا بعد يوم، ويقال إنها كانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم، قال الله تعالى: {قالَ هذهِ ناقةٌ لها شِرْبٌ ولكُم شِرْبُ يومٍ معلومٍ}سورة الشعراء.
تآمر قوم صالح عليه السلام على قتل ناقة صالح عليه السلام:
مكثت ناقة صالح عليه الصلاة والسلام في قبيلة ثمود زمانًا تأكل من الأرض، وتردُ الماء للشرب يومًا وتمتنع منه يومًا، مما استمال كثيرًا من قومه عليه السلام إذ استبانوا بها على صدق رسالة نبيهم صالح عليه السلام وأيقنوا بذلك، مما أفزع ذلك المستكبرين من قومه وخافوا على سلطانهم أن يزول وقالوا للمستضعفين الذين أشرق نور الإيمان في قلوبهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه:{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ}سورة الأعراف، فأجابوهم {قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ} ولكن جواب المؤمنين من أتباع صالح عليه السلام لم يؤثر في المشركين المستكبرين وظلت قلوبهم قاسية كالأحجار قال الله تعالى: {قالَ الذينَ استكبروا إنَّا بالذي ءامنتُم بهِ كافرونَ}سورة الأعراف.
ورأى المستكبرون من قوم نبي الله صالح عليه السلام في هذه الناقة خطرًا جسيمًا عليهم فاتفقوا على أن يعقروها ليستريحوا منها، قال الله تعالى: {إنَّا مُرسِلوا النَّاقةِ فِتنةً لهم فارْتَقِبهم واصطبِرْ* ونَبِّئهُم أنَّ الماءَ قسمة بينهم كلُّ شِربٍ مُحْتَضَرٌ}سورة القمر.
وقيل إنهم ظلوا مترددين في تنفيذ ما اتفقوا عليه إلى أن قامت فيهم إمرأتان خبيثتان إحداهما اسمها صدوق ابنة المحيا وكانت ذات حسب ومال، فعرضت نفسها على رجل يقال له مصرع بن مهرج إن هو عَقر الناقة وذبحها.
وكان اسم الأخرى عنيزة بنت غنيم وكانت عجوزًا كافرة لها أربع بنات، فعرضت على رجل شقي خبيث أيضًا ايمه قُدار بن سالف أيّ بناتها يختار إن هو عقر الناقة، فقبل هذان الشابان وسعيا في قومهم لأجل هذا الغرض الخبيث فاستجاب لهم سبعة ءاخرون فصاروا تسعة كما أخبر الله تبارك وتعالى بقوله: {وكانَ في المدينةِ تسعةُ رَهْطٍ يُفسدونَ في الأرضِ ولا يُصلحونَ}سورة النمل.
فانطلق هؤلاء الرجال الخبثاء يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردها رماها أحدهم وهو مصرع بسهم، وجاء النساء يشجعن في قتلها، فأسرع أشقاهم وهو قدار بن سالف، فشدّ عليها بسيفه وكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الارض ميتةً، بعد أن طعنها في لبَّتها فنحرها، وأما فصيلها فصعد جبلاً منيعًا ثم دخل صخرة وغاب فيها.
روى البخاري ومسلم وأحمد بإسنادهم عن عبد الله بن زمعة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذِ انبعثَ أشقاها} انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه مثل أبي زمعة، وقوله (عزيز) أي قليل المثل، وعارم أي كثير الشراسة والشر، ومنيع أي ذو منَعة، وقال الله تبارك وتعالى: {فعقروا الناقةَ وعَتَوْا عن أمرِ ربِّهِم وقالوا يا صالحُ ائتِنا بما تعدُنا إنْ كنتَ من المرسلين}سورة الأعراف، وهذا مبلغ العناد والزيغ فلقد رأى قوم صالح عليه السلام هذه المعجزة العظيمة لنبي الله صالح عليه السلام، وهذ البرهان الصادق والدليل القاطع على نبوته وصدقه أمام أعينهم، ولكن حملهم الكفر والضلال والعناد وحب الدنيا على رفض الحق واعتناق الباطل، وكان عاقبة هذا العناد والتكبر عن الحق وخيمة عليهم. يقول الله تبارك وتعالى: {كذَّبتْ ثمودُ بِطَغْواها* إذِ انبَعَثَ أشقاها* فقالَ لهُم رسولُ اللهِ ناقةَ اللهِ وسُقياها}سورة الشمس، أي احذروها ولا تتعرضوا لها ولسقياها{فكذبوهُ فعقروها فدَمْدمَ عليهم ربُّهُم بذنبهم فسوَّاها* ولا يخافُ عُقباها}سورة الشمس، وقال تعالى: {فعقروها فقالَ تمتَّعوا في دارِكم ثلاثةَ أيَّامٍ ذلكَ وعدٌ غيرُ مكذوبٍ} سورة هود.
يتبع…..في الجزء الثاني