بعض علامات الساعة الصغرى
28 فبراير 2017تَكفِيرُ المجَسّمَةِ (من نهاية الوصول في دراية الأصول للإمَام الفقيه الأصولي صَفِي الدِّيْنِ الهِنْدِي المتوفّى 715 هـ)
4 مارس 2017ابن باز الوهّابي المجسّم يقول أن لله ظل والعياذ بالله من الكفر (صورة من كتابه)
الله سبحانه وتعالى يقول (فلا تضربوا للهِ الأمثال) (سورة النحل 74) أي لا تجعلوا لله الشبيهَ والمِثْل فإن اللهَ تعالى لا شبيه له ولا مثيل له، فلا ذاتُه يشبه الذواتِ ولا صفاتُه تشبه الصفاتِ، وفي مستدرك الحاكم (1) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى (المتحابون بجلالي أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي) أي ظل العرش، وورد في الحديث الصحيح (سبعةٌ يظلُّهم اللهُ يوم القيامةِ في ظلِّ العرش يومَ لا ظلَّ إلا ظلهُ) أي ظل العرش.
أمّا ابن باز الوهّابي المجسّم يزعم أن لله ظل والعياذ بالله من الكفر والضلال.
*** صورة من كتابه ***
ونقول في الردّ عليه:
(1) هذا الحديث حديث صحيح رواه الإمام مالك في الموطأ ورواه الحاكم في المستدرك، فيه الترغيب في التحاب أي في أن يتحاب المسلمون بعضهم بعضا، وفيه بشارة عظيمة للمتحابين في الله بأنهم يكونون يوم القيامة في ظل العرش، ذلك اليوم لا يوجد ظل إلا ظل الله أي ظل العرش.
قال الله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (سورة الشورى آية 11)، أي أن الله تعالى لا يشبه شيئًا من خلقه بوجه من الوجوه، ففي هذه الآية نفي المشابهة والمماثلة، فلا يحتاج إلى مكان يحُل فيه ولا إلى جهة يتحيز فيها، بل الأمر كما قال سيدنا عليّ رضي الله عنه (كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان) رواه أبو منصور البغدادي.
وفي هذه الآية دليلٌ لأهل السنة على مخالفة الله للحوادث، ومعْنى مُخالفةِ الله للحوادِثِ أنّه لا يُشْبِهُ المخْلُوقاتِ، وهذِه الصِّفةُ من الصِّفاتِ السّلْبِيّةِ الخمْسةِ أي التي تدُلُّ على نفْي ما لا يلِيْقُ بالله.
والدّلِيْلُ العقْلِيُّ على ذلِك أنّهُ لو كان يُشْبِهُ شيْئًا مِنْ خلْقِه لجاز عليْهِ ما يجُوزُ على الخلْق مِن التّغيُّرِ والتّطوُّرِ، ولو جاز عليْهِ ذلِك لاحْتاج إلى منْ يُغيّرُهُ والمُحْتاجُ إلى غيْرِه لا يكُونُ إِلهًا، فثبت لهُ أنّهُ لا يُشْبِهُ شيئًا.
والبُرْهانُ النّقْلِيُّ لِوُجُوْبِ مُخالفتِهِ تعالى لِلْحوادِثِ قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وهُو أوْضحُ دلِيْلٍ نقْلِيّ في ذلِك جاء في القُرءانِ، لأنّ هذِهِ الآية تُفْهِمُ التّنْزِيْه الكُلِّيّ لأنّ الله تبارك وتعالى ذكر فِيْها لفْظ شىءٍ في سِياقِ النّفْي، والنّكِرةُ إِذا أُوْرِدت في سِياقِ النّفْي فهِي للشُّمُوْلِ، فالله تبارك وتعالى نفى بِهذِهِ الجُمْلةِ عنْ نفسِهِ مُشابهة الأجْرامِ والأجْسامِ والأعراضِ، فهُو تبارك وتعالى كما لا يُشْبِهُ ذوِي الأرواحِ مِنْ إِنسٍ وجِنّ وملائِكةٍ وغيْرِهِم، لا يُشْبِهُ الجماداتِ من الأجرامِ العُلْوِيّةِ والسُّفْلِيّةِ أيضًا، فالله تبارك وتعالى لم يُقيّد نفْي الشّبهِ عنْهُ بنوْعٍ منْ أنْواعِ الحوادِثِ، بل شمل نفْيُ مُشابهتِهِ لِكُلّ أفْرادِ الحادِثاتِ، ويشْملُ نفْيُ مُشابهةِ الله لخلْقِه تنْزِيْهه تعالى عن المكان والجهة والكميّة والكيْفِيّةِ، فالكمّيّةُ هِي مِقْدارُ الجِرمِ، فهُو تبارك وتعالى ليْس كالجِرمِ الذي يدْخُلُهُ المِقْدارُ والمِساحةُ والحدُّ، فهُو ليْس بِمحْدُودٍ ذِي مِقْدارٍ ومسافةٍ.