السيّدة الجليلة مريم عليها السلام
السيّدة الجليلة مريم عليها السلام
15 نوفمبر 2016
السيّدةُ خديجةُ أمُّ المؤمنينَ رضيَ اللهُ عنها
السيّدةُ خديجةُ أمُّ المؤمنينَ رضيَ اللهُ عنها
15 نوفمبر 2016
السيّدة الجليلة مريم عليها السلام
السيّدة الجليلة مريم عليها السلام
15 نوفمبر 2016
السيّدةُ خديجةُ أمُّ المؤمنينَ رضيَ اللهُ عنها
السيّدةُ خديجةُ أمُّ المؤمنينَ رضيَ اللهُ عنها
15 نوفمبر 2016

تَسْهِيلُ أَحْكَامِ الأُضْحِيَّةِ عَلَى السَّائِلِيْنَ

تَسْهِيلُ أَحْكَامِ الأُضْحِيَّةِ عَلَى السَّائِلِيْنَ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِيْنَ الطَّاهِرِينَ وَبَعْدُ، اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ بِتَوْفِيْقِهِ أَنَّ الأُضْحِيَّةَ هُوَ مَا ذُبِحَ مِنَ النَّعَمِ تَقَرُّبًا إِلَى الله يَوْم الْعِيد وَأَيَّام التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْلُه تَعَالَى (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ من شَعَائِر اللهِ) الْآيَةَ، وَقَولُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) وَغيْرُ ذَلِكَ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكّدَةٌ عِنْدَ الإِمَامِ مَالِك والإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالأَكْثَرِيْنَ إِنْ لَم تَكُنْ مَنْذُورَةً وَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيْمِ بِالبَلَدِ الَّذِي يَمْلِكُ النِّصَابَ كَمائَتَيْ دِرهَمٍ فِضَّةً وَهِيَ لَا تُعْمَلُ عَن مَيِّتٍ.

قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي (422 هـ) في الإشراف على نكت مسائل الخلاف، كتاب الضحايا، مسألة (الأضحية مسنونة متأكدة وربما أطلق أصحابنا أنها واجبة ومرادهم شدّة تأكدها، وقال أبو حنيفة إنّها واجبة ومراده أنّها لا يجوز تركها ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم (ثلاث هي عليّ فرض ولكم تطوع الوتر والنحر والسواك) وقوله (أمرت بالنحر وهو لكم سنة) ولأنه ذبح لا يجب على المسافر فلم يجب على الحاضر كالعقيقة ولأنها إخراج مال لا يلزم المسافر فلم يلزم الحاضر، أصله صدقة التطوع، ولأن كل من لا يجب عليه الأضحية إذا كان مسافرًا لم يجب عليه إذا كان حاضرًا، أصله من يملك دون النصاب، ولأنّها عبادة تتعلق بالمال فاستوى فيها المسافر والحاضر كالزكوات والكفارات).

وفي المقدمات الممهدات للفقيه المالكي أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (المتوفى 520 هـ) كتاب الضحايا (فصل) فالضحية سنة من سنن الإسلام وشرع من شرائعه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أمرت بالنحر وهو لكم سنة) وأما قول الله عز وجل (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر 2) قيل معناه فصل لربك وانحر لربك، فتكون الآية على هذا عامة في الهدايا والضحايا وقيل يعني به صلاة الصبح بالمشعر الحرام ثم النحر بعدها بمنى وقيل يعني به صلاة العيد ثم النحر بعدها، وأن الآية نزلت بالمدينة، وأما الحج فلا صلاة عيد فيه وقيل يعني به وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة عند النحر وهو الصدر وقيل يعني به استقبال القبلة في الصلاة لوجهك ونحرك أي صدرك، والله أعلم. وقال ابن حبيب إنها من السنن التي الأخذ بها فضيلة وتركها خطيئة، وأنها أفضل من الصدقة وإن عظمت، وأفضل من العتق ونحوه في المدونة فيمن اشترى أضحية ولم يضح بها حتى مضت أيام النحر أنه آثم، فعلى هذا هي واجبة.
وتحصيل مذهب مالك أنها من السنن التي يؤمر الناس بها ويندبون إليها ولا يرخص لهم في تركها، فقد قال وإن كان الرجل فقيرا لا شيء له إلا ثمن الشاة فليضح وإن لم يجد فليستسلف وقد روي عنه رَحِمَهُ اللَّهُ أن الضحية أفضل من الصدقة، وروي عنه أن الصدقة أفضل من الضحية فعلى هذا لم يرها واجبة ولا يأثم بتركها وإن كان موسرا ما لم يتركها رغبة عن إتيان السنن.

وفي التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس للإمام أبي القاسم عبيد الله بن الجلاب (ت 378 هـ) فصل في حكم الأضحية ووقتها، قال مالك يرحمه الله (والأضحية مسنونة غير مفروضة وهي على كل من قدر عليها من المسلمين من أهل المدائن والقرى والمسافرين إلا الحجاج الذين بمنى فإنه لا أضحية عليهم وسنتهم الهدي، ووقت الأضحية يوم النحر ويومان بعده ولا يضحي في اليوم الرابع ولا يضحي بليل).
فصل في وجوب الاقتداء بالإمام في ذبح الأضاحي (ولا يجوز لأحد أن يذبح أضحيته قبل الإمام متعمدًا، ومن ذبح قبل الإمام أعاد أضحيته، وسواء ذبح قبل الصلاة أو بعدها، وينبغي للإمام أن يُحضر أضحيته في المصلى فيذبحها ليعلم الناس بذبحها فيذبحوا بعده فإن لم يفعل فليترجّ الناس قدر انصرافه وذبحه فيذبحون بعده، فإن توخوا ذلك فذبحوا ثم تبين لهم أنهم ذبحوا قبله لم تجب عليهم إعادة، وكذلك من ذبح في قرية وليس لها إمام متحريًا ذبح من يلبيه من الأئمة فصادف ذبحه قبله أجزأه).

فصل في الأيام المعلومات (والأيام المعدودات والأيام المعلومات يوم النحر ويومان بعده، والأيام المعدودات أيام الرمي وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، فيوم النحر معلوم معدود، واليومان بعده معلومان معدودان، واليوم الرابع من يوم النحر معدود غير معلوم).
فصل فيما يجزئ من الأنعام للأضاحي (والسن الذي يجزي فيها الجذع من الضأن والثني مما سواه من المعز والإبل والبقرة وأفضلها غلنم ثم البقر ثم الإبل بخلاف الهدايا، والضأن من الغنم أفضل من المعز وفحول كل جنس أفضل من إناثه ولا يضحى بشئ من الطير ولا بشئ من الوحش).

فصل في من يضحى عنهم (ولا بأس أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة واحدة والبدنة والشاة والبقرة في ذلك بمنزلة واحدة.
لا بأس أن يضحي الرجل عن أم ولده وعبده ويضحي عن المولود يولد له، وإذا أسلم النصراني في أيام الذبح ضحى عن نفسه ولا يضحي عن جنين في بطن أمه ولا يجوز أن يشترك اثنان فما فوقهما في أضحية واحدة يخرجون الثمن ويقسمون اللحم، وإذا اشترى جماعة أضاحي فاختلطت جاز أن يصطلحوا عليها ويقسموها).
باب بدل الضحايا وعيوبها واختلاطها، فصل في بدل الأضاحي، قال مالك يرحمه الله (ولا بأس أن يبدل الرجل أضحيته بأعلى أو أدنى منها والاختيار أن لا يبدلها بأدنى منها، وإن أوجب رجل أضحية بعينها لم يجز له أن يبدلها بغيرها ومن ضاعت أضحيته فأبدلها ثم وجدها في أيام الذبح فليس عليه ذبحها وإن لم يبدلها ذبحها إن وجدها في أيام الذبح وإن وجدها بعدها فليس عليه ذبحها إلا أن يكون أوجبها قولاً فيلزمه ذبحها).

فصل في عيوب الأضاحي (ولا يضحى بعوراء، ولا بعمياء، ولا بكماء، ولا سكّاء، ولا عجفاء، ولا شديدة العرج، ولا بينة المرض، ولا بأس بالجماء، والمكسورة القرن إذا كان لا يدمي، ولا بأس بالخرقاء والشرقاء والعضباء والاختيار أن يتقي فيها العيب كله والسلامة أفضل من العيب، والسكاء هي المخلوقة بغير أذنين، والجماء المخلوقة بغير قرنين والعضباء الناقصة الخلق، والخرفاء المقطوع بعض أذنها من أسفله، والعجفاء التي لا تنقي وهي التي لا شحم فيها ولا مخ في عظامها لشدة هزالها والعرجاء البين ضلعها وهي الشديدة العرج التي لا تلحق بالغنم لشدّة عرجها ومن اشترى أضحية سليمة ثم حدث بها عيب عنده لا تجزئ عنه معه فعليه إبدالها، ولو انكسرت أضحيته فجبرها فصحت أجزأه ذبحها).
باب ذبح الضحايا والأكل منها والصدقات وبيعهاوالانتفاع بها، فصل في صفة ذبح الأضاحي، قال مالك يرحمه الله (وينبغي للمرء أن يباشر ذبح أضحيته بنفسه ولا يأمر بذلك غيره فإن ذبح له غيره بإذنه أجزأه والاختيار ما ذكرناه، ويسمي المرء الله عز وجل على ذبح أضحيته فإن نسى التسمية فلا شئ عليه وإن تعمد تركها لم تؤكل أضحيته ولا يجوز أن يذبح له يهودي ولا نصراني وإن ذبح رجل أضحية رجل بغير إذنه ضمنها وغرم قيمتها ووجب على ربها بدلها).
فصل الأكل من الأضاحي والإطعام منها والنهي عن بيع شئ منها (ويأكل المرء من أضحيته ويطعم منها ولا بأس أن يطعم منها غنيًّا أو فقيرًا وحرًّا وعبدًا نيئًا أو مطبوخًا، ويكره أن يطعم منها يهوديًّا أو نصرانيًّا وليس لما يأكله ولا لما يطعمه حَد، والاختيار أن يأكل الأقل ويقسم الأكثر، ولو قيل يأكل الثلث ويقسم الثلثين لكان حسنًا، والله أعلم.
ولا بأس بادخار لحوم الضحايا ما شاء الإنسان وما بدا له، ولا يجوز بيع الأضحية بعد ذبحها، ولا بيع شئ منها ولا يجوز أن يعطي ذابحها أجره من لحمها أو جلدها ولا بأس بالانتفاع بجلدها ولا يذبح بعضها ببعض) انتهى كلام ابن الجَلَّاب المالكي.

وعِنْدَ المَالِكِيَّةِ إِذَا ذُبِحَ مِنَ الخَلْفِ لَا يَحِلُّ فقد قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المُوَّاقُ المَالِكِيُّ (ت 897 هـ) فِي التَّاجِ وَالإِكْلِيْلِ لِمُخْتَصَرِ خَلِيْلٍ (سَمِعَ أَشْهَبُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَمَرَ بِثَلَاثَةِ دِيَكَةٍ لَهُ أَنْ تُسَمَّنَ حَتَّى إذَا امْتَلَأْنَ شَحْمًا أَمَرَ غُلَامَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا فَذَبَحَهَا مِنْ أَقْفِيَتِهَا فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ لَا تُؤْكَلُ، قِيلَ لِمَالِكٍ أَتَرَى مَا قَالَ سَعِيدٌ؟ قَالَ نَعَمْ لَا تُؤْكَلُ وَأَرَى أَنْ تُطْرَحَ.
وَقَالُوا لِأَنَّ مَنْ ذَبَحَ مِنْ الْقَفَا قَدْ قَطَعَ النُّخَاعَ وَهُوَ الْمُخُّ الَّذِي فِي عِظَامِ الرَّقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى مَوْضِعِ الذَّبْحِ فَيَكُونُ بِفِعْلِهِ قَدْ قَتَلَ الْبَهِيمَةَ بِقَطْعِهِ نُخَاعَهَا إذْ هُوَ مَقْتَلٌ مِنْ مَقَاتِلِهَا قَبْلَ أَنْ يُذَكِّيَهَا فِي مَوْضِعِ ذَكَاتِهَا). اهـ

وإِذَا أَبَانَ الرَّأْسَ عِنْدَ الذَّبْحِ لَا تَحِلُّ الذَّبِيْحَةُ عِنْدَ المَالِكِيَّةِ وَتَحِلُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مَعَ الكَرَاهَةِ، فقد قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الخَرْشِيُّ (ت 1101 هـ) فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ خَلِيْلٍ (يُكْرَهُ لِلذَّابِحِ أَنْ يَتَعَمَّدَ إبَانَةَ رَأْسِ الْمَذْبُوحِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَقَطْعٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَكِنَّهَا تُؤْكَلُ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ أَوَّلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ لِأَنَّهَا كَذَبِيحَةٍ ذُكِّيَتْ ثُمَّ عَجَّلَ قَطْعَ رَأْسِهَا قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّهُ كَالْعَابِثِ). اهـ

فبعد ذكر الحكم عند السادة المالكيّة هذا بيان مذهب السادة الشافعية في الأضحية:
هَل يَصِحُّ النَّذْرُ فِي الأُضْحِيَّةِ؟
نَعَم، فَالأُضْحِيَّةُ إِمَّا مَنْذُوْرَةٌ أَوْ مُتَطَوَّعٌ بِهَا فَالْمَنْذُوْرَة تَخْرُجُ مِن مِلْكِ النَّاذِرِ بِالنَّذْرِ وَلَا يَجُوْزُ لَهُ أَن يَأْكُل مِنْهَا شَيْئا، فَلَو أَتْلَفَهَا لَزِمَهُ ضَمَانهَا، وَإِذَا نَحرهَا لَزِمَهُ التَّصَدُّق بِلَحْمِهَا وَأَجْزَائِهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، وَأمَّا التَطَوُّعُ فَلَهُ أن يَأْكُل مِنهُ اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا وَيُهْدِي مِنْهَا حتَى الأغنِياءَ إِنْ شَاءَ.
هَلْ لِلْأُضْحِيَّةِ وَقْتٌ أَوْ مَكَانٌ مُعَيَّنٌ؟
نَعَم، إذْ يَدْخُلُ وَقْتُ الأُضحِيّةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا والْمَنْذُورَةِ إذا مَضَى قَدْرُ صَلاةِ العِيدِ وخُطْبَتَينِ مُعْتَدِلَتَين بَعدَ طُلوع الشَمسِ يَومَ النَّحْرِ سَواءٌ صَلَّى الإمامُ أم لم يُصِلِّ وسَواءٌ صَلَّى الْمُضَحِّي أم لم يُصَلِّ وَيَبْقَى الوَقْتُ إلى غُروبِ الشَمْسِ مِن ءاخِرِ أيامِ التَشْرِيقِ أي الثالثَ عَشَرَ مِن ذِي الحُجَّة، ويَجوزُ في اللَّيْلِ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ خَشْيَةَ أَنْ يُخْطِئَ مَوْضِعَ الذَّبْحِ أَو يُصِيْبَ نَفْسَهُ أَوْ يتَأَخَّرَ بِتَفْرِيْقِ اللَّحْمِ طَرِيًّا، وإنْ كان حَاجًّا فالأفضَلُ أن يَذْبَحَ عَقِيبَ رَمْيِ جَمْرة العَقَبة قبلَ الحَلْق. وَأَمَّا مَحَلُّ التَّضْحِيَة فَبَلَدُ الْمُضَحِّي، وَفِي جَوَازِ نَقْلِهَا إلى بَلَدٍ ءَاخَرَ وَجْهَانِ.
مَا الْمُجْزِئُ فِيْهَا إِذَا ذُبِحَ؟
الجَذَعُ مِنَ الضَأْنِ (أَيِ الخَرُوْفِ) وَهُوَ مَا لَهُ سَنَةٌ عَلَى الأَصَحِّ أو أَسْقَطَ مُقَدَّمَ أسنَانهِ، وقيل لَهُ سِتّةُ أَشْهُرٍ، وقيلَ ثَمانيةٌ.
الثَّنِيُّ مِنَ الْمَعزِ وَهُوَ مَا لَهُ سَنَتَانِ ودَخَل فِي الثَّالِثَةِ، وَقِيلَ سَنَةٌ ويُجْزِئُ ما فَوْقَ الجَذَعِ والثَنِيِّ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَيُجْزِئُ الذَكَرُ وَالأُنْثَى، وَلَا يُجْزِئ فِيهِمَا مَعِيبٌ بِعَيْبٍ يُؤَثِّرُ في نَقْصِ اللَّحْمِ تَأثِيرًا ظاهرًا كالعَرْجاءِ الظاهِرِ عَرَجُها أو العَوْرَاءِ ولا يُجْزِئُ مَن قُطِعَ مِن أُذَنهِ جُزءٌ ظاهِرٌ وَيُجْزِئُ الخَصِيُّ وذاهِبُ القَرْنِ ومَكْسُورُ القَرْنِ والتي لا أَسْنَانَ لها إنْ لم تكُن هَزُلَتْ.
مِنَ البَقَرِ مَا لَهُ سَنَتانِ.
مِنَ الإِبلِ مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ كَامِلَة.

هَل تُجْزِئُ الأُضْحِيَّةُ عَن أَكْثَرَ مِن وَاحِدٍ؟ ومَا هُوَ الأَفْضَلُ فِيْهَا؟
تُجْزِئ الشَّاةُ عَن شَخْصٍ وَاحِدٍ، والبَدَنةُ مِنَ الإِبِلِ عَن سَبْعَةِ أَفْرادٍ وَالبَقَرةُ عَن سَبْعَةٍ، لَكِنِ الشَّاةُ الوَاحِدَةُ عَنِ الفَرْدِ الوَاحِدِ أَفْضَلُ مِنَ الْمُشَارَكَةِ بِسُبُعِ بَدَنَةٍ أَوْ سُبُعِ بَقَرةٍ.
وَأَفْضَلُ الأُضْحِيّةِ أَحْسَنُها وأَسمنُها وأَطْيَبُها وأَكْمَلُها وَالأَبْيَضُ أَفْضَلُ مِنَ الأَغْبَرِ (أَيِ الَّذِي يَعْلُو بَياضَهُ حُمْرَةٌ)، وَالأَغْبَرُ أَفْضَلُ مِنَ الأَبْلَقِ (أَيِ الَّذِي بَعْضُهُ أَبْيَضُ وَبَعْضُهُ أَسْوَدُ)، وَالأَبْلَقُ أَفْضَلُ مِنَ الأَسْوَدِ.
كَيْفِيَّةُ الذَّبْحِ شُرُوْطُهُ وَءَادَابُهُ؟
أَوَّلًا لَو كَانَ عَلَيْهَا صُوْفٌ لَا مَنْفَعةَ لَها فِي جَزّهِ وَلَا ضَررَ عَلَيْهَا فِي تَرْكهِ لَم يَجُزْ لَهُ جَزُّهُ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ عَلَيْهَا فِي بَقائِه ضَرَرٌ جَازَ لَهُ جَزُّهُ ويَنْتَفِعُ بهِ، لَكِنْ لَو تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ضَحَّى بِكَبِشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ ذَبَحَهُما بِيَدِه الشَرِيفَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وسَمَّى وكَبَّرَ.
ويُسْتَحَبُ عِنْد الذَّبْحِ خَمْسَةُ أَشْيَاء التَّسْمِيَةُ، وَالصَّلَاة علَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، واسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالذَّبِيْحَةِ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالدُّعَاء بِالْقبُولِ، فيَقُول بِسم اللهِ واللهُ أكبَرُ وصلّى الله علَى رسولِه مُحَمّدٍ وعلَى ءَالِهِ وَصَحْبِه وَسَلَّم، اللهُمَّ مِنْكَ وإِليكَ فتَقَبَّلْ مِنّي، أو يَقُول تَقَبَّلْ مِن فُلانٍ صاحِبِها إنْ كانَ يَذْبَحُ عَن غَيْرِهِ. والسُّنّة في البَقَر والغَنَم الذَّبْحُ مُضْجَعةً علَى جَنْبِها الأيْسَرِ مُسْتَقْبِلةً القِبْلةَ ثُمَّ الإِبَانَةُ الَّتِي تُكْرَهُ فِي الأُضْحِيَّةِ هِيَ قَطْعُ الرَّأْسِ دُفْعَةً وَاحِدَةً.
ويُسْتَحَبُّ للرَّجُلِ أن يَتَوَلَّى ذَبْحَ أُضْحِيّتهِ بِنَفْسهِ ويُسْتَحَبُ للمرأةِ أن تَسْتَنِيبَ رَجُلاً يَذْبَحُ عَنها، ويَنْوِي الشخصُ عِندَ ذَبْحِ الأُضْحِيّة المنْذُورَة أنهُ ذَبِيحةٌ عن أُضْحِيّتِهِ المنذُورةِ، وإن كان تَطَوُّعًا نَوَى التَقَرُّبَ بها إلى الله تعالى وَلَوِ اسْتَنَابَ في ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ جازَ، ويُسْتَحَبُ أن يَحْضُرَ صاحِبُها عِندَ الذَبْحِ، فَقَدْ رَوَى البَيْهَقِيُّ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا (قُوْمِي إلى أُضْحِيَّتِك فاشْهَدِيها فإنّهُ بأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِن دَمِها يُغْفَرُ لَكِ ما سَلَفَ مِن ذَنْبِكِ).
والأفضَلُ أن يَكُون مَن يَنُوبُ عَنه في الذَّبْحِ مُسْلِمًا ذَكَرًا، فإنِ اسْتَنابَ كافِرًا كِتَابِيًّا أو امرأةً صَحَّ لأنَّهُما مِن أهل الذكاةِ، ويَنْوِي صاحِبُ الأُضْحِيّة عند دَفْعِها أي تَسْلِيمِها إلى وَكِيلِه أو عِنْدَ ذَبْحِ الوَكِيلِ لها، فإنْ فَوَّضَ صاحبُ الأُضْحِيّة إلى الوَكِيلِ جَازَ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا مُمَيِّزًا.

كَيْفَ تُوَزَّعُ الأُضْحِيَّةُ الْمَنْذُوْرَةُ وَالْمُتَطَوَّعُ بِهَا؟
أمَّا الْمَنْذُوْرَةُ فَيَلْزَمُ التَّصَدُّقُ بِهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بَعْدَ الذَّبحِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْمُتَطَوَّعُ بِهَا فَتُوَزَّعُ أَثْلَاثًا ثُلُثًا لِلْفُقَرَاءِ وَثُلُثًا لِأَهْلِهِ وَثُلُثًا هَدِيَّةً، فَمِنَ الهَدِيَّةِ يُعْطَى الأَغْنِيَاءُ وَلَيْسَ تَوْزِيْعُهَا بِحَيْثُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ ثُلُثٍ أَجْزَاءٌ مُعَيَّنَةٌ، وَيَدْخُلُ فِيْ الْمُوَزَّعِ الرَّأْسُ وَالمعْلَاقُ.
ثُمَّ لَوْ دُفِعَتْ لِفَقِيْرٍ وَاحِدٍ يَجُوزُ، وَلَو كَانَ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهَا مِن أَهْلِ البَيْتِ أَيْ مَنْسُوْبًا يَجُوْزُ، لَكِنْ لَا يَجُوْزُ تَمْلِيْكُهَا لِلْفُقَرَاءِ قَبْلَ ذَبْحِهَا وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذَبْحَ الْمُضَحِّي بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُوَزِّعَهَا بِنَفْسِهِ أَيْضًا، فَالَّذِي يُرِيْدُ تَوْكِيْلَ شَخْصٍ ثِقَةٍ بِتَوْزِيْعِ الأَضَاحِيِّ عَلَى الْمُسْتَحِقِّيْنَ يَقُولُ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ خُذُوا هَذِهِ الأَضَاحِيَّ وَوَزِّعُوْهَا عَلَى الفُقَرَاءِ مَثَلًا.

فائدة:
فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيْفَةَ إِذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الذَّبْحِ عَمْدًا لَا تَحِلُّ، أَمَّا إِذَا نَسِيَ فَتَحِلُّ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَو تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا تَحِلُّ.

اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا وَانْفَعْنَا بِمَا عَلّمْتَنَا وَزِدْنَا اللَّهُمَّ يَا رَبِّ عِلْمًا، نَسْأَلُ اللهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ العَامِلِيْنَ بِالنُّسُكِ الشَّرِيْفَةِ وَأَنْ يَرْزُقَنَا حَجَّ البَيْتِ الحَرَامِ وَزِيَارَةَ حَبِيبِهِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ التَّائِبِينَ الْمُتَّقِينَ وَاَلهادِينَ الْمُهْتَدِينَ إنهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *