مشروعية زيارة القبور
17 نوفمبر 2016عِنْدَ المَالِكِيَّةِ لَا يَجُوزُ لِلْحَائِضِ دُخُولُ المَسْجِدِ بِالمَرَّةِ
17 نوفمبر 2016كلام المفتي المالكيّ شيخ جامع الزيتونة بتونس محمد الطاهر بن عاشور في المولد النبويّ الشريف
ألّف المفتي المالكيّ شيخ جامع الزيتونة بتونس محمد الطاهر بن عاشور قصّة المولد لتُسرد بمناسبة الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف في جامع الزيتونة وبمحضر من جلة العلماء والمشائخ الكبار وقد ذكر في بداية كتابه هذا الأدلة على شرعيّة الاحتفال بالمولد.
فقال في أول كتابه ص 10-11 (دَعاني إليه (تأليف قِصَّة المَولد) الاتِّساء بأفاضل الأمَّة، الذين ألْهَمَهُم الله صَرفَ الهِمَّة، إلَى العِنايَة بتعظيم اليَوم الذي يُوافقُ من كلِّ عامٍ، يومَ ميلادِ مُحَمدٍّ رَسولِه عَلَيْه الصلاة والسلام، إذ كانوا قد عَدُّوه عيدًا، عَلِمناه من قوله تعالى في التنويه بشهر رمضان (شهرُ رَمَضانَ الذي أنْزِلَ فيه القرآنُ) البقرة 185……..فَأيُّ يَومٍ أسعدُ من يومٍ أظهرَ الله فيه للعالم مولودًا كانَ المُنقذَ من الضَّلالة، أخرَجَ به الناس من ظلماتِ الشركِ ومَناقص الجَهالة).
وقال (وكان شأنُ أهلِ الخير إحياءَ ليلة المولد بالصَّلاةِ على النبي، ومَعونة آلِه، ومُساهَمَتَهم، والإكْثارَ من الصَّدقَات وأعمال البِرِّ، وإغاثةَ المَلهوف، مع ما تَستجلبه المَسرَّة مِن مُباح اللَّهو المُرَخَّصِ في مثله بنَصِّ السنَّة، وشاعَ ذلك في بلاد المَغربِ والأندلُسِ) انتهى كلام المفتي.
ولماذا نحتفل بهذا اليوم المبارك على أُمتنا؟
نحن نعرف أنك سيّدُ الشاكرين لربك وأنت الشاكر المعلِّمُ بشكرِكَ كيف ينبغي أن يكون شكر المؤمن لربِّه، فأنت تصوم في يوم مولدك وقد سُئِلْتَ عن صوم يوم الاثنين فقلتَ (ذاك يومٌ وُلِدْتُ فيه وأُنْزِلَ عَلَيَّ فيه) رواه أحمد ومسلم والبيهقي في الدلائل.
وأنت سَيّدُ المتواضعين، يُذكَرُ في هذا اليوم تواضُعُك وأنت الذي لا تأنف من مجالسة الفقراء والأكلِ معهم وزيارتـِهم في بيوتهم، سيدي يا صاحب الخلق العظيم، يا حبيب المؤمنين مِن قولك (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين) رواه البخاري.
نرى في عمل المولد سببًا لنشر هذا الحب بين الأجيال ليتعلقوا بك وبجمالك ووصفك وهيئتك وبقولك وبفعلك يا عظيم الجاه فَنَعُدُّ عملنا هذا من أفضل الأعمال بالتدليل على هذه المحبة لمن جاء منقِذًا للناس من ظلم العبادة لغير الله بدعوتهم الى عبادة الله تعالى وحده.
وفي عمل المولد التذكيرُ بأمور أخرى منها، حفظ اسمك ونسبك وانتمائك العربي وأسماء أولادك، وإلا لمَ قلتَ (أنا محمدٌ وأنا أحمدُ وأنا الماحي الذي يمحو اللهُ بي الكفرَ وأنا الحاشرُ الذي يُحشَرُ الناسُ على قَدَمِي وأنا العاقِبُ الذي ليس بعدَه أحدٌ) متفق عليه.
نبيُّ الرحمة أنت، ونبيُّ التوبة أنت، وأنت أبو القاسم، أبو الزهراء يا رسول الله.
في المولد نتعلَّم ونُعَلّم ونُذَكِّر أنك أنت أشرفُ الناس يا سيدي يا رسول الله وإلا لماذا قلتَ (إن الله اصطَفَى كِنانةَ مِنْ ولدِ إسماعيل واصطَفى قريشًا من كِنانة واصطَفى من قُريشٍ بَني هاشمٍ واصطفاني من بني هاشم)؟ رواه مسلم، أليس لِنَعَلَمَ قَدْرَك وشرَفَك فيزداد حبُّنا لك وتعظيمنا لك فنكونَ أَتْبَع لأمرِك ونَهجِك؟
وفي المولد نتعلّم ونعلّم عن ولادتك وأوصافِك سيِّما أوصافَك التي من رءاها في المنام له بشرى بالعبور على الصراط ليدخل الجنة بإذن الله تعالى، فأنت الذي قلت (من رءاني في المنام فسيراني في اليقظة) متفق عليه.
وفي المولد قرءاةٌ لسيرتك فيُذكَرُ أنك تربيت يتيما فلا يَمنعنَّ يُتْمُ أحدٍ أن يَتَخَلَّقَ بأخلاقك ويتأدبَ بآدابك فترق نفسه وقلبه.
وفي قراءة سيرتك نتعلم من تجارتك كيف ظَهَرَتْ بصدقك البركاتُ فَيَحْتَذِي بك السالكون الراغبون في الحلال الطامعون في البركات ولو بالقليل من الأرزاق.
وفي قراءة سيرتك يتعلم الدعاةُ طرقَ الدعوة إلى الله وقد بدأتَ وحيدًا تدعو إلى الإسلام حتى انتشر في أرجاء الجزيرة العربية وحمل اللواء بعدكَ عليكَ الصلاة والسلام أصحابُك الأعلام حتى بلغوا بهذا الدين الشرق والغرب والله يقول (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا) (سورة الفتح ءاية 1).
وفي قراءة سيرتك تعليم للأمة الالتزام بالأخلاق الحسنة وأنت الذي تقول (إنّما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ) رواه البزار والبيهقي.
وفي قراءة سيرتك نعرف أن الدنيا التي نعيش فيها لا تدومُ لأحد فلا ينبغي أن نتقاتل عليها وأنت الذي كنت تنام على الحصير وتربط الحجر على بطنك من الجوع وأنت الذي قلت (ازهد في الدنيا يحبُّكَ اللهُ وازهد فيما في أيدي الناس يُحبُّكَ الناسُ).
وفي قرءاة سيرتك تعليم للأمة كيف يكون التمسك بدينك والسير على نهجك، وأنت الذي قلت (المتمسك بسنتي [أي شريعتي من العقيدة والأحكام] عند فساد أمتي له أجر شهيد) الطبراني.
نحتفل بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه الأمور ولغيرها الكثير الكثير من المزايا في هذه المناسبة العطرة فضلاً عما يحصل في هذا اليوم من البر والإحسان وإطعام الفقراء والمساكين وسماع مدح المادحين له صلى الله عليه وسلم بأفئدة عامرة بحب محمد فتنساب النغمات بألحان المحبين عذبة شجية وهم هائمون بالذات المحمدية يصلون عليه ويسلمون عليه عملاً بما أمر الله (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (سورة الأحزاب ءاية 56).
إخوة الإيمان، لو لم يكن في ذلك إلا إرغامُ الشيطان وسرورُ أهل الإيمان المسلمين لكفى فكيف ما رأينا هذا الغيضَ من الفيضِ.