الفقيهُ الأصولي أَبُو الْقَاسِم بن أبي بكر يعرف بِابْن زيتون
10 نوفمبر 2022التَّوسُّل والاستغاثة لفضيلة الأستاذ الكبير حجة الإسلام الشيخ يوسف الدجوي (1)
13 نوفمبر 2022إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْـمَوْلِدِ الْنَّبَوِيِّ الْشَّرِيفِ عِنْدَ كِبَار عُلَمَاءِ الْبِلاَدِ الْـجَزَائِرِيَّة
إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْـمَوْلِدِ الْنَّبَوِيِّ الْشَّرِيفِ عِنْدَ كِبَار عُلَمَاءِ الْبِلاَدِ الْـجَزَائِرِيَّة
أَوَّلاً مِنْ أَقْوَالِ مَشَايِخِ وَكِبَار عُلَمَاءِ الْبِلاَدِ الْـجَزَائِرِيَّة
قَالَ الْإِمَام الْهُمَام الْعَلاَّمَة الْـحَافِظ الْـحُجَّة الأُصُولي الْفَقِيه النَّظَّار سَيِّدِي الْـخَطِيب اِبْن مَرْزُوق التِّلِمْسَانِي (710 هـ – 781 هـ) مُسْتَحْسِنًا عَمَل أَهْل مَكَّة فِي الْـمَوْلِد الْنَّبَوِي الْشَّرِيف (وُلِدَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِـمَكَّةَ فِي الدَّارِ الَّتِي تُدَّعَى لِـمُحَمَّدٍ بَنْ يُوسُف أَخِي الـحَجَّاج، وَهُوَ الـمَوْضِع الـمَعْرُوفُ بِدَارِ الـمَوْلِدِ السَّعِيدِ، وَفِي يَوْمِ مَوْلِدِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْصِدُ أَهْلُ مَكَّةَ (زَادَهَا اللهُ تَشْرِيفًا) لِزِيَارَةِ هَذَا الـمَوْضِع الشَّرِيف وَالتَّبَّرُّك، ودَخَلْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَنَا أَسْأَلُ مَنْ لاَ يُخَيِّبُ مَنْ قَصَدَهُ أَنْ يُعِيدَنِي إِلَيْهِ قَرِيبًا عَلَى خَيْرٍ، بِـجَاهِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ) (1).
وَقَالَ الْعَلاَّمَة اِبْنُ مَرْزُوق فِي جَنَا الجَنَّتَيْنِ فِي شَرَفِ اللَّيْلَتَينِ (سَمْعْتُ شَيْخنَا الإِمَام أَبَا مُوسَى بن الإِمَام رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَغَيْره مِنْ مَشْيَخَةِ الـمَغْرِب، يُحَدِّثُونَ فِيمَا أُحْدِثَ فِي لَيَالِي الـمَوْلِدِ فِي الـمَغْرِب، وَمَا وَضَعَهُ العزفِي فِي ذَلِكَ، وَاخْتَارَهُ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ وَلَدهُ الفَقِيه أَبُو القَاسم وَهُمَا عَنْ الأَيـِمَّةِ، فَاسْتَصْوَبُوهُ وَاسْتَحْسَنُوا مَا قَصَدَهُ فِيهَا وَالقِيَامِ بِهَا، وَقَدْ كَانَ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ الـمَغْرِبِ إِنْكَارَهُ، وَالأَظْهَرُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي مَا قَالَهُ بَعْض الفُضَلاَءِ مِنْ عُلَمَاءِ الـمَغْرِبِ أَيْضًا وَقَدْ وَقَعَ الكَلاَمُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَا مَعْنَاهُ لاَ شَكَّ أَنَّ الـمَسْلَك الَّذِي سَلَكَهُ العزفِي مَسْلَكٌ حَسَنٌ، وَإِلاَّ أَنَّ الـمُسْتَعْمَلَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَة الصَّلاَة عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالقِيَام بِإِحْيَاءِ سُنَّتِهِ، وَمَعُونَة آلِهِ، وَمُسَاهَمَتهم وتَعْظِيم حُرْمَتهم، وَالاِسْتِكْثَار مِنَ الصَّدَقَة وَأَعْمَال البِّر، وَإِغَاثَة الـمَلْهُوف، وَفَكّ العَانِي، وَنَصْر الـمَظْلُوم، هُوَ أَفْضَل مِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا أُحْدِثَ، إِذْ لاَ يَخْلُو مِنْ مُزَاحِمٍ فِي النِّيَّة، أَوْ مُفْسِدٍ لِلْعَمَلِ، أَوْ دُخُول الشَّهْوَة، وَطَرِيق الـحَقِّ مَعْرُوف، وَلاَ أَفْضَل فِي هَذِهِ اللَّيْلَة مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَعْمَالِ البِّرِّ وَالتَّكْثِير مِنَ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَحْظَى الـمُسْتَكْثِر مِنْهَا بِبَعْضِ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِهَا) (2).
الْإِمَام الْـحَافِظ الْـمُقْرِئ الْفَقِيه الْتَّنَسِّي نسبَة إلى مدِينَة تْنَس فِي ولاَيَة شْلَف بالْـجَزَائِر (ت 899 هـ) قَالَ الْعَلاَّمَة الأُصُولِي الْـمُؤَرِّخ الفَقِيه الأَديب أَحمَد الْـمَقَّرِي الْـمَالِكِي التِّلِمْسَانِي (986 ه – 1041 هـ) (كَانَ السُّلْطَان أَبُو حَمُّو…يَحْتَفِلُ لِلَيْلَةِ مَوْلِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ غَايَةَ الاِحْتِفَالِ، كَمَا كَانَ مُلُوكُ الـمَغْرِبِ وَالأَنْدَلُسِ فِي ذَلِكَ العَصْرِ وَقَبْلَهُ وَمِنْ اِحْتِفَالِهِ لَهُ مَا حَكَاهُ شَيْخُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا الـحَافِظُ سَيِّدِي أَبُو عَبْد الله التَّنَسِّي ثُـمَّ التِّلِمْسَانِي فِي كِتَابِهِ رَاحُ الأَرْوَاحِ فِيمَا قَالَهُ الـمَوْلَى أَبُو حَمُّو مِنَ الشِّعْرِ وَقِيلَ فِيهِ مِنَ الأَمْدَاحِ وَمَا يُوَافِقُ ذَلِكَ عَلَى حَسْبِ الاِقْتِرَاحِ وَنَصُّهُ (أَنَّهُ كَانَ يُقِيمُ لَيْلَة الـمِيلاَدِ النَّبَوِي (عَلَى صَاحِبِهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم) بِـمَشْوَرَة مِنْ تِلِمْسَان الـمَحْرُوسَة مَدْعَاة حَفِيلَة يُحْشَرُ فِيهَا النَّاسُ خَاصَّة وَعَامَّة، فَمَا شِئْتَ مِنْ نَمَارِقَ مَصْفُوفَةٍ، وَزَرَابِيَّ مَبْثُوُثَةٍ، وَبُسُطٍ مُوَشَّاةٍ، وَوَسَائِدَ بِالذَّهَبِ مُغَشَّاةٍ، وَشَمْعٍ كَالأُسْطُوَانَاتِ، وَمَوَائِدَ كَالـهَالاَتِ، وَمَبَاخِرَ مَنْصُوبَةٍ كَالقِبَابِ، يَـخَالُـهَا الـمُبْصِرُ تِبْراً مُذَابٍ، وَيُفَاضُ عَلَى الـجَمِيعِ أَنْوَاعُ الأَطْعِمَةِ، كَأَنَّـهَا أَزْهَارُ الرَّبِيعِ الـمُنَمْنَمَةِ، تَشْتَهِيهَا الأَنْفُسُ وَتَسْتَلِذُّهَا النَّوَاظِرُ، وَيُخَالِطُ حُسْنَ رَيَّاهَا الأَرْوَاحَ وَيُخَامِرُ، رُتِّبَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى مَرَاتِبِهِم تَرْتِيبَ اِحْتِفَالٍ، وَقَدْ عَلَتِ الـجَمِيعَ أُبَّهَةُ الوَقَّارِ وَالإِجْلاَلِ، وَبِعَقْبِ ذَلِكَ يَـحْتَفِلُ الـمُسمعُونَ بِأَمْدَاحِ الـمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم، وَمُكَفِّرَاتٍ تُرَغِّبُ فِي الإِقْلاَعِ عَنِ الآثَامِ، يـخْرجُونَ فِيهَا مِنْ فَنٍّ إِلَى فَنٍّ وَمِنَ أُسْلُوبٍ إِلَى أُسْلُوبٍ، وَيَأْتُونَ مِنْ ذَلِكَ بـِمَا تَطْرَبُ لَهُ النُّفُوسُ وَتَرْتَاحُ إِلَى سَـمَاعِهِ القُلُوبُ) (3).
قَالَ صاحب بُدُور الأَفْهَامِ أَوْ شُمُوس الأَحْلاَمِ عَلَى عَقَائِدِ اِبْن عَاشِرٍ الحَبْر الـهُمَام الشَّيخ الـمُولُود بَنْ مُحَمَّد بَنْ عمَر الزْرِيبِي البِسْكِرِي الأَزهرِي (1897 م – 1925 م) في مَقَال الاِحْتِفَالُ بِالْـمَوْلِدِ الشَّرِيف (لاَ زَالَ الـمُسْلِمُونَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا يُقِيمُونَ الاِحْتِفَالاَتَ العَظِيمَةَ، وَيُزَيِّنُونَ البِلاَدَ بِالزِّينَةِ الفَاخِرَةِ، وَيُسْرِجُونَهَا بِالسُّرُجِ الزَّاهِرَةِ، وَيَعْمُرُونَ الـمَسَاجِدَ وَالـمَدَارِسَ بِتِلاَوَةِ الكِتَاب الـمُقَدَّسِ، وَالـمَدَائِح وَالأَذْكَار، تِذْكَاراً لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ العَظِيمَةِ، لَيْلَةَ 12 مِنْ رَبِيعِ الأَوَّلِ، وَقَدْ كَانَ الاِحْتِفَالُ بِهَا فِي البِلاَدِ الـجَزَائِرِيَّة لَيْلَة الأَرْبِعَاء…وَقَدْ كُنْتُ شَاهَدتُ الاِحْتِفَالَ بِهِ فِي مِصْرَ عِنْدَ إِقَامَتِي بِهَا، فَرَأَيْتُ فِيهَا مِنَ الزِّينَةِ مَا يُدْهِشُ الأَلْبَاب، وَمِنَ الـمَوَاكِبِ الـجَلِيلَة وَالسُّرَادِقِ الـجَمِيلَة العَجَبَ العُجَابَ، لاَ سِـيَمَا فِي العَبَاسِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ فِيهَا مَا لاَ أَكَادُ أَنْ أَصِفَهُ لِلْقُرَّاءِ مِنِ اِسْتِعْرَاضِ الـجُيُوشِ النِّظَامِيَّة، وَإِطْلاَق الـمَدَافِع وَالـمَخَارِيق الكُبْرَى الـمُخْتَلِفَةِ الأَشْكَال وَالأَلْوَان، وَنَصْبِ السُّرَادِقَاتِ وَإِكْرَامِ الزَّائِرِينَ لَـهَا بِأَنْوَاعِ الـحَلَوِيَّاتِ، وَلَذِيذِ الـمَشْرُوبَاتِ، فَضْلاً عَنِ التِّلاَوَةِ القُرْآنِيَّة، وَالأَذْكَارِ الإِلَهِيَّةِ وَالسِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ) (4).
قَالَ الإِمَامُ الْـهُمَامُ الْعَلاَّمَة مُحمَّد الْعَرْبِي بْن الْتَّبَّانِي الْسَّطِيفِي الْـمَكِّي الْـحَسَنِي (1315 ه – 1390 هـ) فِي رَدِّه على تَنَطُّعِ التَّيْمِيِّين مِنَ أَدْعِيَاء السَّلَفِيَّة والوَهَّابِيَّة فِي مَسْأَلَة الـمَوْلِد (يَسُوء التَّيْمِيِّينَ جِدًّا اِجْتِمَاع النَّاس عَلَى سَـمَاعِ قِرَاءَة مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ وَقِرَاءَة الأَخْبَارِ الوَارِدَة فِي مَبْدَأِ أَمْر النَّبِي صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا وَقَعَ فِي مَوْلِدِهِ مِنَ الآيَاتِ، وَقِرَاءَة شَمَائِله الكَرِيمَة، تَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإظْهَار الفَرَح وَالاِسْتِبْشَار بِـمَوْلِدِهِ الشَّرِيف، ثُـمَّ مَدّ طَعَامٍ لَـهُمْ يَأْكُلُونَ وَيَنْصَرِفُونَ، يَرَوْنَ هَذَا العَمَلَ مُنْكَراً عَظِيمًا تَجِبُ عَلَيْهِم إِزَالَتَهُ بِاليَدِ، فَإِذَا سَمِعُوا بِإِنْسَانٍ عَمَلَ مَوْلِداً كَبَسُوهُ كَكَبْسِهِم الـمُجْتَمِعِينَ عَلَى الفِسْقِ وَشُرْبِ الـخَمْرِ، وَعَمَلُ الـمَوْلِد عَلَى الكَيْفِيَّةِ الـمَذْكُورَةِ وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ السَّلَفِ الصَّالِحِ لَيْسَ فِيهِ مُـخَالَفَة لِكِتَابِ الله وَلاَ لِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ لِإِجْمَاعِ الـمُسْلِمِينَ، فَلاَ يَقُولُ مَنْ لَهُ مُسْكَة مِنْ عَقْلٍ وَدِينٍ بِأَنَّهُ مْذْمُومٌ فَضْلاً عَنْ كَوْنِهِ مُنْكَراً عَظِيمًا، وَكَوْن السَّلَف الصَّالِح لَـمْ يَفْعَلُوهُ صَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِدَلِيلٍ، وَإِنَّـمَا هُوَ عَدَم دَلِيلٍ، وَيَسْتَقِيمُ الدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِهِ مَـمْنُوعًا أَوْ مُنْكَراً لَوْ نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي كِتَابِهِ العَزِيز، أَوْ نَـهَى عَنْهُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُنَّتِهِ الصَّحِيحَة، وَلَـمْ يُنْهَ عَنْهُ فِيهِمَا، وَهُمْ دَائِـمًا يَتِيهُونَ فِي بَيْدَاءِ العَدَمِ الَّذِي سَنَّهُ لَهُمْ شَيْخهُم الـحَرَّانِي، فَتَمَسُّكهُم عَلَى مَنْعِهِ بِعَدَمِ فِعْل السَّلَف لَهُ لَيْسَ بِدَلِيلٍ، وَإِنَّـمَا هُو ذَرُّ الرَّمَاد فِي العُيُون، وَالـحَقِيقَة فِي كَوْنه عِنْدَهُم مُنْكَراً عَظِيمًا هِيَ تَعْظِيمه صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّم، وَتَعْظِيمه (فِي زَعْمِهِم) شِرْكٌ يُنَافِي التَّوْحِيد، وَقَدْ كَذبَهُمْ الله تَعَالَى فِي كِتَابِهِ العَزِيز، قَالَ تَعَالَى ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج 30]، وقَالَ تَعَالَى ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج 32]، وَكَذبَهُم الأَثَر عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى البَيْت رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا البَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً، وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِـمَّن حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبرًّا، عِيَاذاً بِالله مِنْ فَسَادِ الْـجَنَان) (5).
قَالَ الْعَلاَّمَة الْشَّيْخ مُحَمَّد بَايْ بَلْعَالَـمْ (1930 م – 2009 م) فِي رحلتِهِ عِيدُ الـمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ (قَبْلَ حُلُولِ شَهْر الـمَوْلِد النَّبَوِي رَبِيع الأَوَّل كُلّ سَنَةٍ، جَرَتْ عادَة أَسْلاَفنَا رَحِمَهُمْ الله أَنَّهُمْ يَتَأَهَّبُونَ لاِسْتِقْبَالِ الذِّكْرَى الغَالِيَة، الذِّكْرَى العَزِيزَة عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَيُقِبِلُ النَّاسُ عَلَى الـمَسَاجِدِ وَالـمَدَارِسِ لِتِلاَوَةِ الأَمْدَاحِ النَّبَوِيَّةِ اِبْتِدَاءً مِنَ النِّصْفِ مِنْ صَفَرٍ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الـجِهَاتِ، أَمَّا فِي بَعْضِهَا فَإِنَّ الاِسْتِعْدَادَ يَبْدَأُ مِنْ طُلُوع هِلاَلِ شَهْرِ مَوْلِد النَّبَوِي وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إِلَى لَيْلَةِ 12، وفِي لَيْلَة الثَّانِي عَشَرَ يَقَعُ حَفْلٌ عَظِيمٌ يَتَنَاسَبُ وَجَلاَلَة الذِّكْرَى، تَهْتَزُّ لَهُ القُلُوب وَتَنْشَرِح لَهُ النُّفُوس وَتَتَجَاوَبُ مَعَهُ الكَائِنَات، فَلاَ تَسْمَعُ أَحَداً إِلاَّ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى صَاحِبِ الذِّكْرَى، وَلاَ يَتَخَلَّفُ عَنِ الحُضُورِ أَي أَحَدٍ، يَدُوم الـحَفْلُ بِتِلاَوَةِ القَصَائِدِ الـمَدِيحِيَّة وَإِلْقَاء الدُّرُوس الدِّينِيَّة فِي سِيرَةِ صَاحِب الأَخْلاَقِ الـمَرْضِيَّةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الفَجْرِ، وَتُقَدَّمُ إِلَى الـمُحْتَفِلِينَ أَلْوَانٌ مِنَ الأَطْعِمَةِ وَالأَشْرِبَةِ، وَفِي بَعْضِ الـجِهَاتِ يَحْتَفِلُونَ بِذِكْرَى يَوْم سَابِع الـمَوْلِد بِمِثْلِ اِحْتِفَال ذِكْرَى الـمَوْلِد) (6)
…الخ.
ثَانِيًا مِنْ أَقْوَالِ مَشَايِخِ جَمْعِيَّةِ الْعُلَمَاءِ الْـمُسْلِمِينَ الْـجَزَائِرِيِّينَ
قَالَ الْرَّئِيس الْأَوَّل لِـجَمْعِيَّةِ الْعُلَمَاءِ الْـمُسْلِمِينَ الْـجَزَائِرِيِّينَ الْشَّيْخ ابْن بَادِيس (لَسْنَا وَحْدَنَا فِي هَذَا الْـمَوْقِف الْشَّرِيف لِإِحْيَاءِ هَذِهِ الذِّكْرَى العَظِيمَة، بَلْ يُشَارِكُنَا فِيهَا نَحْو…مِنَ البَشَرِ فِي أَقْطَارِ الـمَعْمُور، كُلُّهُم تَـخْفِقُ أَفْئِدَتهُم فَرَحًا وَسُرُوراً وَتَخْضَعُ أَرْوَاحهُم إِجْلاَلاً وَتَعْظِيمًا لِـمَوْلِدِ سَيِّد الْعَالَـمِينَ) (7).
وقَالَ أيْضًا (مَا الدَّاعِي إِلىَ إِحْيَاء هَذِهِ الذِّكْرَى؟ الـمَحَبَّة فِي صَاحِبِهَا. إِنَّ الشَّيْءَ يُحَبُّ لِـحُسْنِهِ أَوْ لِإِحْسَانِهِ، وَصَاحِب هَذِهِ الذِّكْرَى قَدْ جَمَعَ (عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ) بَيْنَهُمَا…فَمِنْ الـحَقِّ وَالوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ هَذَا النَّبِي الكَرِيم أَحَب إِلَيْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا وَمِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَلَوْ لَـمْ يَقُل لَنَا فِي حَدِيثِهِ الشَّرِيف (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكونَ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِه وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ) وَكَمْ فِينَا مَنْ يُحِبُّهُ هَذِهِ الـمَحَبَّة وَلَـمْ يَسْمَع بِهَذَا الحَدِيث؟ فَهَذِهِ الـمَحَبَّة تَدْعُونَا إِلَى تَجْدِيدِ ذِكْرَى مَوْلِدِهِ فِي كُلِّ عَامٍ. مَا الغَايَة مِنْ تَجْدِيدِ هَذِهِ الذِّكْرَى؟ اِسْتِثْمَارُ هَذِهِ الـمَحَبَّة) (8).
قَالَ الْرَّئْيس الْثَّانِي لِـجَمْعِيَّةِ الْعُلَمَاءِ الْـمُسْلِمِينَ الْـجَزَائِرِيِّينَ الْشَّيْخ الْبَشِير الْإِبْرَاهِيمِي (إِحْيَاء ذِكْرَى الـمَوْلِد النَّبَوِي إِحْيَاءٌ لِـمَعَانِي النُّبُوَّة، وَتَذْكِيرٌ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هُدًى، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كَمَالاَتٍ نَفْسِيَّة، فَعَلَى الـمُتَكَلِّمِينَ فِي هَذِهِ الذِّكْرَى أَنْ يُذَكِّرُوا الـمُسْلِمِينَ بِـمَا كَانَ عَلَيْهِ نَبِيّهُم مِنْ خُلُقٍ عَظِيمٍ، وَبِـمَا كَانَ لَدَيْهِم مِنِ اِسْتِعْلاَءٍ بِتِلْكَ الأَخْلاَقِ.
لِـهَذِهِ النَّاحِيَة الـحَيَّة نُـجِيزُ إِقَامَ هَذِهِ الاِحْتِفَالاَتِ، وَنَعُدّهَا مَوَاسِم تَرْبِيَة، وَدُرُوس هِدَايَة، وَالقَائِلُونَ بِبِدْعِيَّتِهَا إِنَّـمَا تَـمَثَّلُوهَا فِي النَّاحِيَةِ الـمَيتَة مِنْ قَصَصِ الـمَوْلِدِ الشَّائِعَةِ) (9).
قَالَ مُدِيرُ جَرِيدَة الْبَصَائِر لِسَان حَالِ جَمْعِيَّة الْـعُلَمَاء الـْمُسْلِمِين الْـجَزَائِرِيِّينَ وأَمِين مَالِهَا الْشَّيْخ مُبَارَك الْـمِيْلِي (ثُـمَّ بَعْد ثُبُوتِ أَنَّ لِعَمَلِ الـمَوْلِدِ أَصْلاً لَـمْ يَبْقَ وَجْهٌ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالبِدْعَةِ إِلاَّ بِالـمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَمُنْذُ ظُهُورِ الـحَرَكَة الإِصْلاَحِيَّة بِوَطَننَا أَخَذَت الاِحْتِفَالاَت الـمَوْلِدِيَّة شَكْلاً حَسَنًا إِذْ يَنْتَهِزُ الـمُصْلِحُونَ فُرْصَتَهَا لِبَثِّ الـمَبَادِئ الإِسْلاَمِيَّة النَّقِيَّة وَالـحَثِّ عَلَى مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ وَضَرْبِ الأَمْثَال مِنْ سِيرَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم، ثُمَّ التَّرْغِيب فِي العِلْمِ وَتَهْذِيب النَّشْء وَتَقْدِيم طَائِفَة مِنْ صِغَارِ التَّلاَمِيذِ يَقُومُونَ بِأَنَاشِيد أَوْ يَخْطُبُونَ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (10).
قال مُحَمَّد الـمِيلِي نجل الشَّيخ مُبَارَك الـمِيلِي (كُنَّا نَسْتَعِدُّ لِلاِحْتِفَالِ بِعِيدِ الـمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَحَب الأَعْيَادِ إِلَى الأَطْفَالِ فِيهِ نُطْلِقُ الشَّمَارِيخ، وَنُفَجِّر الـمَحَارِق، وَنَشْهَدُ اِحْتِفَالاَتٍ وَسَهَرَاتٍ فِي النَّادِي تُلْقَى فِيهِ خُطَبٌ تَأْسُرُنَا وَتَشُدُّنَا وَإِنْ كُنَّا لاَ نَفْهَمُ كَثِيراً مِمَّا يُقَالُ فِيهَا، كُنْتُ أَفْرَحُ بِالـمَوْلِد فَرَحًا مُضَاعَفًا عَنْ أَقْرَانِي وَأَتْرَابِي، فَقَدْ كَانَ مِنْ عَادَة أَبِي (الشَّيْخ مُبَارَك الـمِيلِي) أَنْ يَقْضِيَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ فِي قَسَنْطِينَةَ، وَمِنْ ثَـمَّ كَانَ يَأْتِي لِيَ مِنْ هُنَاكَ بِأَصْنَافٍ مِنَ الشَّمَارِيخِ وَالـمَحَارِقِ لاَ تَتَوَفَّرُ فِي أَسْوَاقِ مِيلَةَ، فَتَكُونَ لِيَ فُرْصَة لِلْزَّهْوِ عَلَى الأَصْحَابِ وَالأَقْرَانِ) (11).
قَالَ الْشَّيْخ أَبُو يَعْلَى الْزَّوَاوِي رَئِيس لَـجْنَة الْفَتْوَى فِي جَمْعِيَّة العُلَمَاء الْـمُسْلِمِينَ الْـجَزَائِرِيِّينَ مُعْرِبًا عَنْ رَأْيِهِ فِي إِحْيَاءِ لَيْلَة الْـمَوْلِد وَغَيْرهَا مِن الْـمُنَاسَبَاتِ الِدِّينِيَّة (وَقَدْ عَلِمْتُمْ وَفَّقَنَا الله وَإِيَّاكُم أَنَّ السَّلَفَ يَـحْفَلُونَ لِلْهِجْرَةِ وَلاَ يَـحْتَفِلُونَ بِهَا، وَكَذَلِكَ الـمَوْلِد، وَأَوَّل مَنْ أَنْشَأَ الاِحْتِفَالَ بِالـمَوْلِدِ الـمَلِكُ الـمُظَفَّرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُرِي فَقَال اِبنُ كَثِيرٍ (وَكَانَ يَعْمَلُ الْمَوْلِدَ الشَّرِيفَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَيَحْتَفِلُ بِهِ احْتِفَالًا هَائِلًا…) وَأمَّا الاِحْتِفَالُ بِالـهِجْرَةِ وَلَـمْ يَـجْرِ إِلاَّ فِي عَهْدِنَا هَذَا وَهُوَ حَسَنٌ مَا لَـمْ يَعْتَرِهِ مَا اعْتَرَى الـمَوَالِدَ فِي مِصْرَ كَـمَا عَلِمْتُم، وَلِيَقْتَصِر عَلَى التَّنْوِيهِ بِالـهِجْرَةِ إِجْمَالاً وَتَفْصِيلاً، وَأَنَّهَا لَذِكْرَى لَنَا وَلِقَوْمِنَا العَرَبِ خُصُوصًا، وَالـمُسْلِمِينَ عُمُومًا، وَبَلْ وَلِسَائِرِ العَالَـمِينَ) (12).
قَالَ تِلْمِيذ الْجَمْعِيَّة وَرَئِيس الْـمَجْلِس الْإِسْلاَمِي الْأَعْلَى بِالْـجَزَائِر سَابِقًا وَالْـمُفْتِي الْشَّيْخ أَحْمَد حَمَّانِي وَهُوَ يَردُّ عَلَى غُلُوِّ الْوَهَّابِيَّةِ (وَتَوَهَّمَ قَوْمٌ أَنَّ الِاحْتِفَالَ بِالـمَوْلِدِ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ تُوجِبُ لِـمَنْ فَعَلَهَا النَّارَ، وَالَّذِي نَعْرِفُهُ مِنْ تَعْرِيف البِدْعَة أَنَّهَا اِخْتِرَاعُ عِبَادَة جَدِيدَة مِـمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلىَ الله وَلَمْ تَثْبُت فِي شَرْعِهِ، وَلاَ يَصْدُقُ هَذَا التَّعْرِيفُ عَلَى الاِحْتِفَال بِالـمَوْلِد النَّبَوِي لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ عِبَادَة خُصِّصَ بِهَا، وَفِيهِ تَسْبِيحٌ وَتَكْبِيرٌ وَتَهْلِيلٌ، وَلاَ صَلاَة خَاصَّة وَلاَ شَعِيرَة كَالأُضْحِيَّة وَزَكَاة الفِطْر، لَكِن فِيهِ مَدْحُ النَّبِي بِالقَصَائِدِ، وَالأَلْعَابِ، وَالتَّوْسُعَة عَلَى العِيَالِ وَلاَ حَرَجَ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعَ النَّبِي مَدَائِحهُ مِن شُعَرَائِهِ مِثْل حَسَّان، وَكَعْب بن مَالِك، وعَبْد الله بن رَوَاحَة وَغَيْرهم، ثُمَّ مَا زَالَ الـمُسْلِمُونَ يَمْدَحُونَهُ إِلىَ اليَوْم…فَإِن اِجْتَمَعَ قَوْمٌ مُؤمِنُونَ وَسَمِعُوا نَشِيداً فِي مَدْحِهِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْل البُوصيرِي:
دَعْ مَا ادَّعَتْهُ النَّصَارَى فِي نَبيِّهِمِ *** وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحاً فِيهِ وَاحْتَكِمِ
لاَ حَرَجَ فِي ذَلِكَ، وَأُمَّتنَا لاَ تَعْبُدُ مُحَمَّداً، بَلْ تَعْبُدُ رَبَّ مُحَمَّدٍ، وَلاَ تَسْجُدُ لِلْكَعْبَةِ، وَإِنَّمَا تَسْجُدُ لِرَبِّ الكَعْبَةِ، وَمَنْ تَوَهَّم فِيهَا أَوْ اِتَّهَمَهَا بِغَيْرِ مَا قُلْنَا، فَعَلَيْهِ غَضَب الله) (13).
وَقَالَ أَيْضًا (فَمِيلاَد الرَّسُول الكَرِيم مِيلاَد النُّور وَالرَّحْمَة، وَحَقٌّ عَلَى البَشَرِيَّةِ جَمْعَاء أَنْ تَحْتَفِيَ بِـمَقْدَمِهِ، وَتَحْتَفِلَ بِذِكْرَاهُ اِحْتِفَالاً صَحِيحًا بِإِحْيَاءِ سُنَّتِهِ وَاِقْتِفَاءِ آثَارِهِ وَالتَّعَرُّفِ إِلِى دِينِهِ، وَإِذَاعَةِ شَمَائِله وَإِشَاعَةِ فَضَائِله…وَقَدْ اِعْتَادَتْ الأُمَّة الإِسْلاَمِيَّة كُل سَنَةٍ أَنْ تَحْتَفِيَ بِذِكْرَى مِيلاَدِهِ فِي اليَوْم 12 مِنْ أَوَّل الرَّبِيعَيْنِ، وَأَنْ تَعْتَبِرَ هَذَا اليَوْم عِيداً لَـهَا، يَصْطَبِغُ بِالصَّبْغَةِ الدِّينِيَّةِ، وَإِنْ لَـمْ يَكُن عِيداً دِينِيًّا بِالـمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، لِأَنَّ العيِدَ الدِّينِي الشَّرْعِي هُوَ مَا شُرِعَ فِيهِ عِبَادَاتٌ خَاصَّةٌ بِهِ وَسُنَّت فِيهِ أَعْمَال دِينِيَّة يُؤَدِّيهَا الـمُؤْمِنُونَ، وَأَقْوَال يَقُولُونَهَا وَقُرُبَات يُقَدِّمُونَهَا كَالصَّلاَةِ وَالـخُرُوج إِلَيْهَا، وَالتَّكْبِير وَالتَّهِلِيل، وَتَقْدِيم النُّسُك أَوْ إِخْرَاج الصَّدَقَة الوَاجِبَة، وَأُذِنَ فِيهِ تَبَادُل التَّهَانِي وَحُضُور الأَلْعَاب أَوْ القِيَام بِهَا، فَالشَّارِع هُوَ الَّذِي سَنَّ ذَلِكَ أَوْ أَذِنَ فِيهِ وَقَالَ عَنْهُ (إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيداً وَهَذَا عِيدنَا) وَلَيْسَ الـمَوْلِد بِعِيدٍ دِينِيٍّ بِـهَذَا الـمَعْنَى، لِأَنَّ الشَّارِعَ لَـمْ يُؤَسِّس فِيهِ عِبَادَة خَاصَّة وَلاَ أَمَرَ بِالاِحْتِفَالِ بِهِ، وَلَكِنَّ الـمُسْلِمِينَ أَحْدَثُوهُ فِي أَعْيَادِهِم القَوْمِيَّة مُنْذ قُرُونٍ كَثِيرَةٍ، وَلَـمْ يُحْدِثُوا فِيهِ عِبَادَة العِيد، وَهُمْ اليَوْم مُجْمِعُونَ عَلَى الاِحْتِفَاءِ بِهِ، وَالِاحْتِفَال بِهِ حُبًّا فِي مُحَمَّدٍ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَفَاء لَهُ، وَتَـمَسُّكًا بِشَرِيعَتِهِ، وَإِعْلاَنًا لِلاِرْتِبَاطِ بِسُنَّتِهِ) (14)…الخ
وَاللهُ الْـمُوَفِّق.
_______________
(1) تَيْسِيرُ الـمَرَامِ فِي شَرْحِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ (1/357)، تَأْلِيف الإِمَام الـخَطِيب شَمْس الدِّين بَنْ مَرْزُوق التِّلْمْسَانِي (ت 781هـ)، دَار ابن حزم مَركز الإمام الثَّعَالبِي لِلدِّرَاسَاتِ وَالنَّشْر، الطَّبْعَة الأُولَى 1432هـ-2011م
(2) الْـمِعْيَار لِلْعَلاَّمَة الْإِمَام الْوَنْشَرِيسِي (11/279-280)
(3) نَفْحُ الْطِّيْب مِنْ غُصْنِ الْأَنْدَلُسِ الْرَّطِيب لِلْإِمَام الْـهُمَام أَحْمَد بْن الْـمَقَّرِي الْتِّلِمْسَانِي (6/513)، حَقَّقَهُ الْدُّكْتُور إِحْسَان عَبَّاس، دَار صَادر-بَيْرُوت، طَبْعَة 1408هـ-1988م
(4) جَرِيدَة الْصِّدِّيق الْعَدَد 12 الْسَّنَة الأُوْلَى 30 رَبِيع الأَوَّل 1339هـ-13 دِيسَمْبَر 1920م، نَقْلاً عَن الْشَّيْخ الْـمُولُود بَن مُحَمَّد الْزْرِيبِي الْبِسْكِرِي آثَارهُ ومَآثِرهُ (1/115)، دَار كُنُوز الْرَّشِيد لِلْنَّشر وَالْتَّوزِيع الْجَزَائِر
(5) بَرَاءَةُ الْأَشْعَريِّينَ مِنْ عَقَائِدِ الْـمُخَالِفِينَ (1/186-187) لِلْعلاَّمَة الْـمُحَدِّث الْـمُؤَرِّخ الْنَّسَّابَة مُحَمَّد الْعَرْبِي بْن الْتَّبَّانِي الْحَسَنِي الْسَّطِيفِي الْجَزَائِرِي ثُمَّ الْـمَكِّي (1315هـ-1390هـ)، تَشَرَّفَ بِإِعَادَةِ نَشْرِهِ وَالْتَّقْدِيم لَهُ عَبْد الْوَاحِد مُصْطَفَى، دَارُ الْـمُصْطَفَى لِلْطَّبْعِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيع، الْطَّبْعَة الأوْلى 1427هـ-2007م
(6) الْرِّحْلَةُ الْعَلِيَّة إِلَى مَنْطِقَةِ تْوَات لِذِكْرِ بَعْض الأَحْكَامِ وَالآثَارِ وَالْـمَخْطُوطَاتِ وَالْعَادَاتِ وَمَا يَرْبِطُ تْوَات مِنَ الْـجِهَات (2/272)، تأليف الْشَّيخ مُحَمَّد بَايْ بَلْعَالَـمْ رَحِمَهُ الله، الْـمَعْرِفَة الْدَّوْلِيَّة لِلنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيع-الْـجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة 2011م
(7) آثَارُ الْإِمَام عَبْد الْـحَمِيد بْن بَادِيس رَئِيس جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْـمُسْلِمِينَ الْـجَزَائِرِيِّينَ (2/287)، مَطْبُوعَات وَزَارَة الْشُّؤُونِ الْدِّينِيَّة
(8) الْـمَصْدَر الْسَّابِق (2/289-290).
(9) آثَارُ الْإِمَام مُحَمَّد الْبَشِير الْإِبْرَاهِيمِي (2/343)، جَمْع وَتَقْدِيم نَجْله: الْدُّكْتُور طَالَب الْإِبْرَاهِيمِي، دَارُ الْغَرْبِ الْإِسْلاَمِي، الْطَّبْعَة الأُوْلَى 1997م
(10) جَرِيدَة الْبَصَائِر لِسَان حَالِ جَمْعِيَّة الْـعُلَمَاء الْـمُسْلِمِين الْـجَزَائِرِيِّينَ العدد 112، الْـجمعة 6 رَبِيع الْأَوَّل 1357هـ الْـمُوَافِق لـ 6 مَاي 1938م
(11) الْشَّيْخ مُبَارَك الْـمِيْلِي حَيَاتهُ الْعِلْمِيَّة وَنِضَالهُ الْوَطَنِي (ص 108)، تَأْلِيف نَجْله مُحَمَّد الْـمِيْلِي، دَارُ الْغَرْب الْإِسْلاَمِي، الْطَّبْعَة الأُوْلَى 2001م
(12) الْشَّيخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (3/471)، دَارُ زَمُّورَة لِلْنَّشْر وَالْتَّوْزِيع-الجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة 2013م
(13) فَتَاوَى الْشَّيْخ أَحْمَد حَمَّانِي (3/156-157)، مَنْشُورَات قَصْر الْكِتَاب، فَتْوَى مُؤَرَّخَة فِي 13 سِبْتَمْبَر 1993م، بِعُنْوَان هَلْ هِيَ ثَوْرَة نُوفَمْبَر أَمْ هِيَ ثَوْرَة الْـمَوْلِد الْنَّبَوِي؟
(14) مُحَاضَرَات وَمَقَالاَت الْشَّيْخ الْعَلاَّمَة أَحْمَد حَمَّانِي رَئيِس الْـمَجْلِس الْإِسْلاَمِي الأَعْلَى بِالْجَزَائِر (2/282-284)، عَالَـم الْـمَعْرِفَة الْدَّوْلِيَّة وَزَارَة الْثَّقَافَة، الْجَزَائِر 2013م