قَوْلُ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الأَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ فِى إِطْلاقِ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ

بَيَانُ أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ شَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ خَاصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الآخِرَةِ
بَيَانُ أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ شَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ خَاصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الآخِرَةِ
31 يوليو 2022
ضَابِطُ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ
ضَابِطُ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ
6 أغسطس 2022
بَيَانُ أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ شَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ خَاصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الآخِرَةِ
بَيَانُ أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ شَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ خَاصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الآخِرَةِ
31 يوليو 2022
ضَابِطُ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ
ضَابِطُ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ
6 أغسطس 2022

قَوْلُ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الأَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ فِى إِطْلاقِ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ

قَوْلُ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الأَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ فِى إِطْلاقِ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ

قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الأَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ فِى إِطْلاقِ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ

قَالَ عُلَمَاءُ أَهْلِ السُّنَّةِ نُؤْمِنُ بِإِثْبَاتِ مَا وَرَدَ فِى الْقُرْءَانِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ عَلَى أَنَّهَا صِفَاتٌ يَعْلَمُهَا اللَّهُ أَىْ يَعْلَمُ حَقِيقَتَهَا لا عَلَى أَنَّهَا جَوَارِحُ أَىْ أَعْضَاءٌ وَانْفِعَالاتٌ كَأَيْدِينَا وَوُجُوهِنَا وَعُيُونِنَا وَرِضَانَا وَغَضَبِنَا فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِلَّهِ يَدٌ لا كَأَيْدِينَا وَوَجْهٌ لا كَوُجُوهِنَا وَعَيْنٌ لا كَأَعْيُنِنَا عَلَى مَعْنَى الصِّفَةِ كَمَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ أَىْ بِقُوَّةٍ وَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ أَىْ إِلَّا مُلْكَهُ أَىْ سُلْطَانَهُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ سَفِينَةِ نُوحٍ ﴿تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا﴾ أَىْ بِحِفْظِنَا لَهَا، وَالرِّضَا إِذَا وُصِفَ اللَّهُ بِهِ فَمَعْنَاهُ إِرَادَةُ الرَّحْمَةِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ لِعِبَادِهِ إِسْبَاغُ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَتْ رِقَّةَ الْقَلْبِ، أَمَّا الْغَضَبُ إِذَا وُصِفَ اللَّهُ بِهِ فَمَعْنَاهُ إِرَادَةُ الِانْتِقَامِ وَلَيْسَ انْفِعَالًا أَوْ تَغَيُّرًا يَحْدُثُ فِى النَّفْسِ فَإِنَّ الْجَوَارِحَ وَالاِنْفِعَالاتِ مُسْتَحِيلَةٌ عَلَى اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾، وَأَمَّا مَحَبَّةُ اللَّهِ فَمَعْنَاهَا الإِكْرَامُ وَلَيْسَتِ انْفِعَالًا أَوْ تَغَيُّرًا فَإِذَا قِيلَ اللَّهُ يُحِبُّ أَوْلِيَاءَهُ مَعْنَاهُ يُكْرِمُهُمْ وَكَذَلِكَ إِذَا قِيلَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمَسَاجِدَ، فَقَدْ وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَسَاجِدَ تُزَفُّ إِلَى الْجَنَّةِ كَمَا تُزَفُّ الْعَرُوسُ، فَالْكَعْبَةُ تُنْقَلُ إِلَى الْجَنَّةِ وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَمَسْجِدُ الرَّسُولِ ﷺ وَكُلُّ الْمَسَاجِدِ الَّتِى بُنِيَتْ مِنْ مَالٍ حَلالٍ.

فيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِلَّهِ يَدٌ لا كَأَيْدِينَا وَوَجْهٌ لا كَوُجُوهِنَا وَعَيْنٌ لا كَأَعْيُنِنَا عَلَى مَعْنَى الصِّفَةِ لا عَلَى مَعْنَى الْجَارِحَةِ وَالْجِسْمِ، وَلا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ اللَّهُ جَالِسٌ لا كَجُلُوسِنَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ لا فِي الْقُرْءَانِ وَلا فِي الْحَدِيثِ وَلا عَنِ الأَئِمَّةِ، وَالْجُلُوسُ لا يُوصَفُ بِهِ إِلاَّ الْمَخْلُوقُ، قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ (مَا أَطْلَقَ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ أَطْلَقْنَاهُ عَلَيْهِ وَمَا لا فَلا)، وَقَالَ الْعُلَمَاءُ (لا تَثْبُتُ الصِّفَةُ لِلَّهِ إِلاَّ بِالْقُرْءَانِ أَوِ الْحَدِيثِ الثَّابِتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، أَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِي بَعْضِ رُوَاتِهِ طَعْنٌ وَجَرْحٌ فَلا يُحْتَجُّ بِهِ لإِثْبَاتِ الصِّفَةِ لِلَّهِ، وَكَذَلِكَ لا تَثْبُتُ الصِّفَةُ لِلَّهِ بِكَلامِ صَحَابِيٍّ أَوْ تَابِعِيٍّ) أَمَّا الصِّفَاتُ الثَّلاثَ عَشْرَةَ لَوْ لَمْ تَرِدْ فِي الْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ بِالْعَقْلِ تَثْبُتُ، أَمَّا مَا سِوَى هَذِهِ الصِّفَاتِ فَمَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ نُثْبِتُهُ لِلَّهِ مَعَ التَّنْزِيهِ، كَالْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ فَنُثْبِتُهَا صِفَاتٍ لِلَّهِ لا جَوَارِحَ فَإِنَّهَا وَرَدَتْ فِي الْقُرْءَانِ، وَلَوْ لَمْ تَرِدْ فِي الشَّرْعِ مَا كَانَ يَجُوزُ لَنَا إِثْبَاتُهَا لِلَّهِ.

فَبِنَاءً عَلَى هَذَا لَوْ أَنْكَرَ إِنْسَانٌ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ نُكَفِّرُهُ لَوْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلامٍ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ تَثْبُتُ بِالْعَقْلِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِوُرُودِهَا فِي الشَّرْعِ.
أَمَّا الْوَجْهُ وَالْيَدُ وَالْعَيْنُ إِذَا إِنْسَانٌ أَنْكَرَ وَاحِدَةً مِنْهَا لا نُكَفِّرُهُ إِلاَّ إِذَا كَانَ اطَّلَعَ فِي الْقُرْءَانِ عَلَيْهَا وَمَعَ ذَلِكَ أَنْكَرَهَا فَعِنْدَهَا نُكَفِّرُهُ، أَيْ إِنْ أَنْكَرَ أَصْلَ الإِضَافَةِ مَعَ تَنْزِيهِ اللَّهِ عَنِ الْجَوَارِحِ بَعْدَ أَنِ اطَّلَعَ فِي الْقُرْءَانِ عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا يُكَفَّرُ، فَكمَا ذَكَرْنَا الْعَيْنُ تَأْتِي بِمَعْنَى الْحِفْظِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ [سُورَةَ الْقَمَر 14]، وَقَوْلِهِ ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [سُورَةَ طَه 39] أَيْ عَلَى حِفْظِي، وَالْيَدُ تَأْتِي بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ وَالْقُدْرَةُ هِيَ الْقُوَّةُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ [سُورَةَ الذَّارِيَات 47]، وَتَأْتِي بِمَعْنَى الْعَهْدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [سُورَةَ الْفَتْح 10] أَيْ عَهْدُ اللَّهِ فَوْقَ عُهُودِهِمْ أَيْ ثَبَتَ عَلَيْهِمْ عَهْدُ اللَّهِ لِأَنَّ مُعَاهَدَتَهُمْ لِلرَّسُولِ تَحْتَ شَجَرَةِ الرِّضْوَانِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ لا يَفِرُّوا مُعَاهَدَةٌ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي أَمَرَ نَبِيَّهُ بِهَذِهِ الْمُبَايَعَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [سُورَةَ الْمَائِدَة 64] فَمَعْنَاهُ غَنِيٌّ وَاسِعُ الْكَرَمِ.

وَاللَّهُ تَعَالَى يَغْضَبُ وَيَرْضَى لا كَأَحَدٍ مِنَ الْوَرَى كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْءَانُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ [سُورَةَ الْمَائِدَة 119] وَفِي حَقِّ الْكُفَّارِ ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ﴾ [سُورَةَ الْفَتْح 6]، وَالأَصْلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُوصَفُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَبِمَا صَحَّ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدٍ شِرْكَةٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى لا فِي ذَاتِهِ وَلا فِي صِفَاتِهِ.
ثُمَّ الْغَضَبُ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَلْقِ تَغَيُّرٌ يَحْصُلُ عِنْدَ غَلَيَانِ الدَّمِ فِي الْقَلْبِ بِإِرَادَةِ إِيصَالِ الضَّرَرِ إِلَى الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ. وَالْغَضَبُ إِذَا وُصِفَ اللَّهُ بِهِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْغَايَةِ أَيْ إِرَادَةِ الِانْتِقَامِ، وَإِرَادَةُ الِانْتِقَامِ أَزَلِيَّةٌ هَذَا الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الأَشَاعِرَةِ فِي عِبَارَاتِهِمْ، وَإِذَا وُصِفَ الْمَخْلُوقُ بِالْغَضَبِ يُوصَفُ بِاعْتِبَارِ الْمَبْدَإِ وَهُوَ التَّغَيُّرُ أَيِ الِانْفِعَالُ النَّفْسَانِيُّ.

وَالرِّضَا عِبَارَةٌ عَنْ إِرَادَةِ إِنْعَامِهِ عَلَى عِبَادِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِ إِنْعَامِهِ عَلَيْهِمْ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الرَّحْمَةِ أَيْضًا، وَلَيْسَتْ رَحْمَتُهُ رِقَّةَ الْقَلْبِ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَنَّ ءَادَمَ وَغَيْرَهُ يَقُولُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ مِثْلَهُ قَبْلَهُ وَلا يَغْضَبْ بَعْدَهُ مِثْلَهُ) فَهَذَا يُقْصَدُ بِهِ أَثَرُ الْغَضَبِ لَيْسَ الْغَضَبَ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ لِلَّهِ.
وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ إِذَا أَرَادُوا اخْتِصَارَ الْعِبَارَةِ يَقُولُونَ اللَّهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى بِلا كَيْفٍ، مَالِكُ بنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالأَوْزَاعِيُّ هَؤُلاءِ لَمَّا يَذْكُرُونَ الصِّفَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا يَتَوَهَّمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهَا كَصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ لِقِصَرِ أَفْهَامِهِمْ، كَانُوا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَقُولُونَ (بِلا كَيْفٍ) أَمَّا الْخَلَفُ وَبَعْضُ السَّلَفِ أَوَّلُوا فَيَقُولُونَ رِضَا اللَّهِ إِرَادَتُهُ الرَّحْمَةَ وَغَضَبُهُ إِرَادَتُهُ الِانْتِقَامَ، أَرْجَعُوا الصِّفَتَيْنِ إِلَى الإِرَادَةِ، وَكِلا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ.

وَهَذا الإمَام الْبُخَارِيّ مِنَ السَّلَفِ وَقَدْ فَسَّرَ قَوْلَ اللَّهِ ﴿كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [سُورَةَ الْقَصَص 88] فَقَالَ (إِلَّا مُلْكَهُ) أَيْ إِلَّا سُلْطَانَهُ، مُلْكُ اللَّهِ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ لا يَفْنَى، أَمَّا مُلْكُ غَيْرِهِ يَفْنَى، مُلْكُ الْمُلُوكِ الْكُفَّارِ كَنُمْرُودَ وَفِرْعَوْنَ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذَا الْمُلْكَ (1) الَّذِي هُوَ غَيْرُ أَبَدِيٍّ يَفْنَى وَمُلْكُ أَحْبَابِ اللَّهِ كَسُلَيْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ يَفْنَى أَمَّا مُلْكُ اللَّهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَمَعْنَى مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ أَيِ الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ فَإِنَّهَا تَبْقَى، قَالَ تَعَالَى ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ﴾ الآيَةَ [سُورَةَ مَرْيَم 76] وَلْيُعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ قَالَ بِهِ قَبْلَ الْبُخَارِيِّ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ.

وَفِيهِ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ كَتَأْوِيلِ الضَّحِكِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ بِالرَّحْمَةِ يَعْنِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوَّلَ بَعْضَ الآيَاتِ غَيْرَ الآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَفِيهِ تَأْوِيلُ ءَايَةِ ﴿مَّا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ [سُورَةَ هُود 56] أَيْ (فِي مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ) أَوَّلَ الأَخْذَ بِنَاصِيَةِ الدَّوَابِّ بِالتَّصَرُّفِ بِالْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ لِأَنَّ الْمَعْنَى الظَّاهِرَ لا يَلِيقُ بِاللَّهِ وَهُوَ إِمْسَاكُ نَوَاصِي الدَّوَابِّ بِالْجَسِّ وَاللَّمْسِ، فَاللَّهُ لا يَجُسُّ وَلا يَمَسُّ، وَأَمَّا مِنَ الْحَدِيثِ فَقَدْ أَوَّلَ الضَّحِكَ الْوَارِدَ فِي حَقِّ اللَّهِ بِالرَّحْمَةِ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ مَا نَصُّهُ (قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ تَأَوَّلَ الْبُخَارِيُّ الضَّحِكَ فِي مَوْضِعٍ ءَاخَرَ عَلَى مَعْنَى الرَّحْمَةِ وَهُوَ قَرِيبٌ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنَى الرِّضَا أَقْرَبُ).

وقد قال الحافظ الفقيه الحنفي أبو جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي (238 – 321 هـ) (عن الله) (تعالى (أي الله) عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الســـــــت كسائر المبتدعات) وقال (ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر) الله له صفة اليد والوجه والعين، ولكن ليست جسم ولاجارحة بل هي صفة تليق بالله بلا كيف، الله ليس جسماً.
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم (إذا رأيتم الذين يتّبعون ما تشابه منه (الآيات المتشابهة) فأولئك الذين سماهم الله (في قلوبهم زيغ) فاحذروهم) رواه البخاري.

(1) تَنْبِيهٌ (الْجَارِي فِي اصْطِلاحِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يُقَالَ الْمِلْكُ بِالْكَسْرِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ مَا يَحِقُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ، أَمَّا الْمُلْكُ فَيُضَافُ إِلَى اللَّهِ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ الْمُطْلَقَ وَيُضَافُ إِلَى الْبَشَرِ فِي حَقِّ مَنْ عِنْدَهُ التَّصَرُّفُ فِي شُئُونِ النَّاسِ عَلَى الْعُمُومِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ مُلْكَ اللَّهِ صِفَةٌ لَهُ مَأْخُوذَةٌ مِنِ اسْمِهِ الْمَلِكِ، فَمُلْكُهُ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ).

رابط المصورات من كتب العلماء

https://www.souhnoun.com/category/%d9%85%d8%ae%d8%b7%d9%88%d8%b7%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d9%85%d8%b5%d9%88%d9%91%d8%b1%d8%a7%d8%aa/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *