مَعْرِفَتُنَا نَحْنُ بِاللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ عَلَى سَبِيلِ الإِحَاطَةِ بَلْ بِمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى

حُكْمُ مَنْ يُشَبِّهُ اللَّهَ بِخَلْقِهِ التَّكْفِيرُ قَطْعًا
حُكْمُ مَنْ يُشَبِّهُ اللَّهَ بِخَلْقِهِ التَّكْفِيرُ قَطْعًا
11 ديسمبر 2020
الْعَالَمُ جَوَاهِرُ وَأَعْرَاضٌ
الْعَالَمُ جَوَاهِرُ وَأَعْرَاضٌ
14 ديسمبر 2020
حُكْمُ مَنْ يُشَبِّهُ اللَّهَ بِخَلْقِهِ التَّكْفِيرُ قَطْعًا
حُكْمُ مَنْ يُشَبِّهُ اللَّهَ بِخَلْقِهِ التَّكْفِيرُ قَطْعًا
11 ديسمبر 2020
الْعَالَمُ جَوَاهِرُ وَأَعْرَاضٌ
الْعَالَمُ جَوَاهِرُ وَأَعْرَاضٌ
14 ديسمبر 2020

مَعْرِفَتُنَا نَحْنُ بِاللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ عَلَى سَبِيلِ الإِحَاطَةِ بَلْ بِمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى

مَعْرِفَتُنَا نَحْنُ بِاللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ عَلَى سَبِيلِ الإِحَاطَةِ بَلْ بِمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى

قَوْلُ بَعْضِهِمْ لا يَعْرِفُ اللَّهَ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَعْرِفَتُنَا نَحْنُ بِاللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ عَلَى سَبِيلِ الإِحَاطَةِ بَلْ بِمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى كَوُجُوبِ الْقِدَمِ لَهُ، وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى كَاسْتِحَالَةِ الشَّرِيكِ لَهُ وَ مَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى كَخَلْقِ شَىْءٍ وَتَرْكِهِ.
يَعْنِي أَنَّ مَعْرِفَتَنَا بِاللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ عَلَى سَبِيلِ الإِحَاطَةِ إِذْ لا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى الْحَقِيقَةِ حَتَّى الأَنْبِيَاءُ وَالأَوْلِيَاءُ لا يَعْرِفُونَ اللَّهَ تَعَالَى بِالإِحَاطَةِ وَإِنَّمَا اللَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِذَاتِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَبِمَا يُحْدِثُهُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَمَعْرِفَتُنَا نَحْنُ بِاللَّهِ إِنَّمَا هِيَ بِمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ لِلَّهِ مِنَ الصِّفَاتِ كالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالإِرَادَةِ وَالْقِدَمِ، وَمَعْرِفَةِ مَا يَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى كَالْعَجْزِ وَالْحَجْمِ وَالشَّرِيكِ، وَمَعْرِفَةِ مَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ كَإِيْجَادِ شَىْءٍ وَإِعْدَامِهِ، فَاللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ مَا يَشَاءُ وَيَتْرُكَ مَا يَشَاءُ أَيْ لا يَخْلُقَهُ.

وَقَدْ قَالَ الإِمَامُ المُجْتَهِدُ الرِّفَاعِيُّ (غَايَةُ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ الإِيقَانُ بِوُجُودِهِ تَعَالَى بِلا كَيْفٍ وَلا مَكَانٍ) وَالرِّفَاعِيُّ هُوَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٌّ وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَالزُّهْدِ كَانَ فَقِيهًا مُحَدِّثًا مُفَسِّرًا أَلَّفَ تَآلِيفَ مِنْهَا كِتَابُ شَرْحِ التَّنْبِيهِ فِي الْفِقْهِ الشَّافِعِيِّ وَأَلَّفَ فِي الْحَدِيثِ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا بِالإِسْنَادِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ، أَلَّفَ فِي تَرْجَمَتِهِ الإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الرَّافِعِيُّ تَأْلِيفًا سَمَّاهُ سَوَادَ الْعَيْنَيْنِ فِي مَنَاقِبِ أَبِي الْعَلَمَيْنِ، ومَعْنَى كَلَام الإِمَام الرِّفَاعِيّ أَنَّ أَقْصَى مَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْعَبْدُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ الإِيقَانُ أَيِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ الَّذِي لا شَكَّ فِيهِ بِوُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى بِلا كَيْفٍ وَلا مَكَانٍ، فَقَوْلُهُ بِلا كَيْفٍ صَرِيحٌ فِي نَفْيِ الْجِسْمِ وَالْحَيِّزِ وَالشَّكْلِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ وَالْقُعُودِ إِذْ كُلُّ ذَلِكَ شَىْءٌ غَيْرُهُ وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهُ. فَالْكَيْفُ يَشْمَلُ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، فَمَنْ أَيْقَنَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ بِلا كَيْفٍ وَلا مَكَانٍ فَقَدْ وَصَلَ إِلَى غَايَةِ مَا يَبْلُغُ الإِنْسَانُ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ.

فالذِي لَمْ يَتَعَلَّمْ عِلْمَ الدِّينِ فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ عِلْمَ الدِّينِ كَيْفَ يَضْمَنُ صِحَّةَ إِيمَانِهِ وَعِبَادَاتِهِ، إِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ مَا هُوَ الْكُفْرُ كَيْفَ يَضْمَنُ بَقَاءَهُ عَلَى الإِسْلامِ، إِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ مَا هِىَ الْمُحَرَّمَاتُ كَيْفَ يَجْتَنِبُهَا وَإِذَا وَقَعَ فِيهَا كَيْفَ يَتُوبُ مِنْهَا، فَهَذَا سَيِّدُنا عَبْدُ القَادِرِ الْجِيلانِىّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَعبُدُ اللَّهَ فِى خَلْوَةٍ فَجَاءَهُ الشَّيطانُ عَلَى هَيْئَةِ نُورٍ عَظِيمٍ وَقَالَ لَهُ يَا عَبدِى يَا عَبْدَ القَادِر قَدْ أَسْقَطْتُ عَنْكَ الفَرَائِضَ وَأَحْلَلْتُ لَكَ الْمُحَرَّمَاتِ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُنَا عَبْدُ القَادِرِ خَسِئْتَ يَا لَعِين أَىْ فَشِلْتَ وَخَابَ سَعْيُكَ أَىْ مَا تَسْعَى إِلَيْهِ فَاخْتَفَى الضَّوْءُ وَبَقِىَ الصَّوْتُ وَقَالَ لَهُ الشَّيطَانُ لَقَدْ غَلَبْتَنِى بِعِلْمِكَ يَا عَبْدَ الْقَادِرِ وَإِنِّى قَدْ أَغْوَيْتُ أَرْبَعِينَ عَابِدًا بِهَذِهِ الطَّرِيقَة.

سَيِّدُنَا الْعَارِفُ بِاللَّهِ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلانِىّ عَرَفَ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ الشَّيْطَان لِأَنَّهُ كَانَ تَعَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء فَاللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ نُورًا بِمَعْنَى الضَّوْءِ بَلْ هُوَ خَالِقُ النُّورِ قَالَ تَعَالَى ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور﴾ أَىْ خَلَقَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور، وَالَّذِى كَلَّمَهُ كَلَّمَهُ بِصَوْتٍ واللَّهُ تَعَالَى كَلامُهُ لَيْسَ حَرْفًا وَلا صَوْتًا وَلا لُغَةً لا يُبْتَدَأُ وَلا يُخْتَتَمُ لا يَطْرَأُ عَلَيْهِ سُكُوتٌ أَوْ تَقَطُّعٌ لَيْسَ شَيْئًا يَسْبِقُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَيَتَأَخَّرُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ.

وقد جاء في كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا أو تاريخ قضاة الأندلس أنّه من غَرِيب مَا حكى عَن فقيه المغرب أبي ميسرة أحمد بن نزار القيرواني المالكي وكان من العلماء العاملين أَنه بَينا هُوَ يتهجد لَيْلَة من اللَّيَالِي ويبكي وَيَدْعُو إِذا بِنور عَظِيم خرج لَهُ من حَائِط الْمِحْرَاب وَوجه كَأَنَّهُ الْبَدْر، فَقَالَ تملّأ يَا أَبَا ميسرَة من وَجْهي فَإِنِّي رَبك الْأَعْلَى، فبصق أبو ميسرة فِي وَجهه وَقَالَ لَهُ اذْهَبْ يَا مَلْعُون يَا شَيْطَان، لعنك الله.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *