حق المسلم على المسلم
حق المسلم على المسلم
25 يناير 2019
عصمة الأنبياء
عصمة الأنبياء
27 يناير 2019
حق المسلم على المسلم
حق المسلم على المسلم
25 يناير 2019
عصمة الأنبياء
عصمة الأنبياء
27 يناير 2019

من أمراض القلوب الرياء

من أمراض القلوب الرياء

من أمراض القلوب الرياء

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهديهِ ونشكُرُهُ ونستغفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنْفُسِنا ومِنْ سَيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا شبيه له ولا مثل له ولا ند له، ولا حد ولا جثة ولا أعضاء له.
الحمد لله الذي خلق الخلق على صور وأجسام مختلفة وفضّل بعضهم على بعضٍ في الـخـُلُقِ والعقل وجعل حقيقة الفضل بالتقوى فلم ينظر إلى أجسامهم وصورهم وإنما إلى قلوبهم فَفَضَّلَهُمْ بحسب التقوى، وأشهدُ أنَّ سَيَّدنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرّةَ أعيُننا محمّدًا عبده ورسولُهُ وصفيُّهُ وحبيبُهُ، من بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.

أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في محكم كتابه (يَــــأَيُّها الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُر نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ واتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [سورة الحشر 18]، إخوةَ الإيمان، التقوى كلمة خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان ومحلها القلبُ فقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره ثلاثًا وقال (التقوى ها هنا التقوى ها هنا) رواه أحمد في مسنده ورواه مسلم بلفظ ها هنا مرة واحدة.

فالقلب أمير الجوارح إذا صلح صلحت فصار الشخص تقِيًّا وإذا فسد فسدت فصار الشخص عاصيًا، فاتقوا الله وتزوّدوا ليوم المعاد (يَومَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [سورة الشعراء 88-89]، فعليك يا أخي المؤمنَ بإصلاحِ قَلْبِكَ بالوقوف مع الآدابِ الشرعيةِ ظاهرًا و باطنًا، فعليك يا أخي المؤمنَ باتّباع شرعِ اللهِ تعلى والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأخلاقِ والأحوالِ، داوِ قلبَكَ فإنَّ للقلوب أمراضًا لا يُداوِيها أطبّاءُ الدُّنيا، فإنه إنْ يَصْلُحْ قَلْبُكَ يَصْلُحْ جَسَدُكَ كُلُّهُ وتَصْلُح ءاخِرَتُك وإنْ يَفْسُدْ قلبُكَ يَفْسُدْ جَسَدُكَ كُلُّهُ وتسوء حالك في دينك فالقلبُ أميرُ الجوارحِ به تأتَمِرُ.

ومن هذه الأمراضِ إخوةَ الإيمان الرياءُ وهو أن يعمل الإنسان الطاعة ليراه الناس فيثنوا عليه، قال الله تعالى (وَمَآ أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [سورة البينة 5]، أخلصْ نيتك أخي المؤمن دائمًا لله تعالى ولا تُراءِ واسمع معي حديثَ أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى عليه وسلم قال قال الله تعالى (أنا أَغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فيهِ مَعي غيري تَرَكتُهُ وشِركَه) رواه مسلم.
معنى هذا الحديث أنه لا يليق بالله أن يُشْرَكَ به، فإن عملت أخي المسلمَ شيئًا طالبًا الأجرَ مِن الله وطالبًا محمدةَ الناس لم يقبله الله منك، فعمل المرائى لا ثواب فيه بل هو ءاثم بمُراءاته، فانظُرْ نَفْسَكَ أخي المسلمَ ورَاقِبْ قَلْبَكَ إنْ رأيتَ نفسَكَ تقتَصِرُ على المكتوبات في الخلوة حتى إذا كنت بين الناس اجتهدتَ في رواتب المكتوبات فسائلْ نفسك لم تَفعَلُ ذلك، وإن كنتَ إذا صَلَّيْتَ في الخلوة عَجِلْتَ فاقتصرتَ على الأركان وإذا كنت بين الناس أطلتَ صلاتك واستحضرتَ الخشوع وحسَّنتَ صلاتَك فسائلْ نفسك لِمَ تفعلُ ذلك وهل أنت تطلبُ جاهًا ومنزلةً في قلوب الخلق، وهل هذا أحبُّ إليك من منزلتك عند الخالق.
الناسُ مخلوقاتٌ مِثْلكَ لا يخلقون نفعًا ولا ضرًّا لا ينفعونك ولا يضرونك إلا بإذن الله فإن الله تعالى هو المسخّر للقلوب بالمنع والإعطاء فأي غرض لك في إيثار ذمّ الله تعالى لأجل حَمْدِهِمْ لك ولا يَزِيدُكَ حَمْدُهُمْ لك رِزْقًا ولايؤخرُ أَجَلًا ولا ينفعُك يوم القيامة فداوِ قلبك من الرياء واجعل رضا خالقِ الخيرِ والشر مُبتغاك وأخلص نِيَّتَكَ لله ولا تبالِ إن ذَمّكَ الناس أو مَدَحوك فكل الخير في رضا الله.

واسمع معي أخي المسلم ما رواه مسلمٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ [ناتل بن قيس الحزامي الشامي تابعي أبوه صحابي، انظر شرح مسلم للنووي] أَيُّهَا الشَّيْخُ حَدثنا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول (إنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقضَى يُوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْءانَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا فمَا عَمِلتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وعَلَّمتُهُ وَقَرَأتُ فِيكَ القُرْءانَ، قَالَ كَذَبْتَ ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ القُرْءانَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أصْنَافِ المَالِ كُلّهِ فَأُتِيَ بِهِ فعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ).

يا أخي المؤمن، إذا صليتَ فصلِّ لله وإذا تصدَّقتَ فتصدق لله وإذا حسَّنتَ خُلُقَكَ فاجعله لله وإن تعلّمتَ فتعلّم لله وإن علَّمتَ فعلّم لله وإن أطعتَ الله فأطِعهُ لوجهه الكريم فإن لم تفعل فيا ضيعةَ عمرك ويا خسارة وقتك.

اللهم طَهّرْ قلوبنا من الرياء وعَلّمْنا ما جَهِلْنَا وانفعْنا بما علّمتَنا ووفّقْنا للعمَلِ بما عَلَّمْتَنا وارزُقْنا الإخلاصَ في ذلك كلِّهِ.

هذا وأستغفر الله لي ولكم.

3 Comments

  1. يقول عبدالرزاق مصاهد:

    ما شاء الله الخطبة جيدة

  2. ماشاء الله الخطبة جيدة

    • يقول Maher Khelil:

      ‏أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يثبت قلوبكم على طاعته ودينه وأن يحفظكم من كل شر وسوء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *