إرشاد الأوَّاه إلى تحريمِ ذِكرِ الله بلفظِ ءاه لأبي المكارم الشاذلي الحسيني (1)
22 فبراير 2023إرشاد الأوَّاه إلى تحريمِ ذِكرِ الله بلفظِ ءاه لأبي المكارم الشاذلي الحسيني (3)
26 فبراير 2023إرشاد الأوَّاه إلى تحريمِ ذِكرِ الله بلفظِ ءاه لأبي المكارم الشاذلي الحسيني (2)
مخالفتهم لعلماء الفقه
أما ما يرد مزاعمهم من أقوال علماء الفقه من أهل المذاهب الأربعة وغيرها ما رواه ابن المنذر في الأوسط (1) أن الأنين ـوهو قول (ءاه) و (أوه) وفيها لغات كثيرة (2) يفسد الصلاة وحكاه عن الشعبي والنخعي ومغيرة وبه قال سفيان الثوري وفي مذهب الشافعي ثلاثة أوجه أصحها إن ظهر منه حرفان أفسد وإلا فلا (3)، قال العمراني في البيان (4) (فإن تنحنح أو أنّ أو تنفس أو نفخ فإن تبين منه حرفان مثل أن يقول (ءاه) أو (واه) أو (أُف) بطلت صلاته لأن ذلك يُعد كلامًا، وقال المقدسي الحنبلي في المغني والشرح الكبير ما نصه (5) ولم أر عن أحمد في التأوه شيئا ولا في الأنين والأشبه بأصولنا أنه متى فعله مختارًا أفسد صلاته، لكن المالكية (6) والحنفية (7) قالوا الأنين والتأوه إن كان من خشية الله أو خوف النار أو العذاب لا يفسد الصلاة وإلا فسدت.
ثم مما يدل على أن هذه اللفظة ليست من أسماء الله تعالى أنه لا يثبت بها اليمين وكذا لا يثبت بقول بعض الجهال (واللا) بدون هاء بل من قال ذلك عليه معصية لأنه حرّف اسم الله تعالى.
فبعد هذا كيف يكون ءاه اسمًا لله تعالى وهو يُبطل الصلاة، فإنه لم يذكر واحد من الفقهاء أن واحدًا من ألفاظ الأنين هو اسم من أسماء الله، بل قال جمع من السلف ومن فضلاء أهل التصوف الحقيقي ومنهم طاووس والفضيل بن عياض وذو النون المصري وسفيان الثوري والإمام أحمد بن حنبل وجماعة من الشافعية منهم أبو الطيب وابن الصباغ إن أنين المريض وتأوهَه مكروه، وتعقبه بعضهم وهو النووي وقال اشتغاله بالذكر أولى، وهي مسئلة مشهورة بين الفقهاء ومع ذلك لم يقل أحد منهم إن (ءاه) من أسماء الله تعالى.
(1) الأوسط في السنن والإجماع والخلاف 3/257.
(2) قال الشرنبلالي الحنفي ممزوجًا بالمتن في باب ما يفسد الصلاة ص/61 ما نصه (والأنين) وهو أه بسكون الهاء مقصور بوزن دع (والتأوه) وهو أن يقول أوه وفيها لغات كثيرة. اهـ
(3) فتح الباري 2/206.
(4) البيان في مذهب الشافعي 2/309.
(5) المغني والشرح الكبير 1/707.
(6) الخرشي على مختصر خليل 1/325، منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 1/203 ـ 204.
(7) مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح ص/220، حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح ص/220، إعلاء السنن 5/47.
مخالفتهم لأقوال أهل اللغة
أما مخالفتهم لعلماء اللغة فقد قال الحافظ اللغوي الفقيه محمد مرتضى الزبيدي في شرح القاموس (1) بعد أن عدّ جملة من ألفاظ الأنين ما نصه (أوَّهِ، وءاهِ، وأوَّهْ، وأوِّ، وءاوُوه، وءاهٍ، وأوَّتاه، وءاويَّاه) ثم قال ممزوجًا بالمتن (فهن اثنتان وعشرون لغة كل ذلك كلمة تقال عند الشكاية أو التوجع والتحزن). اهـ، وكذا ذكر صاحب لسان العرب (2)، وقال الفيومي في المصباح (3) ءاهِ من كذا بالمد وكسر الهاء لالتقاء الساكنين كلمة تقال عند التوجع وقد تقال في الإشفاق، وأوْهِ بسكون الواو وبالكسر كذلك وقد تشدد الواو وتفتح وتسكن الهاء وقد تحذف الهاء فتكسر الواو. وتأوه مثل توجع وزنًا ومعنًى. اهـ
فالعجب كيف أن الذين يعملون بزعمهم حضرة ذكرٍ عند وقوفهم وقيامهم متماسكين بالأيدي واهتزازهم مع التثني والتكسر اختاروا لفظ (ءاه) من بين تلك الكلمات العديدة التي ذكرها الحافظ الزبيدي في شرح القاموس والتي كلها تدل على الشكاية والتوجع والعجز.
أيضًا المريض يقول (ءاه) والمظلوم يقول (ءاه) وقد قال بعض المداحين:
ءاهٍ مما جنيتُ إن كان يغني *** ألِفٌ من عظيمِ ذنبٍ وهاءُ
ومعناه إن كان يغني ألف وهاء من عظيم ذنبٍ فـ ءاهٍ مما جنيتُ من ذنوب كثيرة ولكنها لا تغني ولا تفيد، فهذا دليل على أن (ءاه) ليس من أسماء الله.
ومما يرد مزاعمهم الباطلة في اختيار هذه اللفظة أن المذكور في الحديث المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ الأنين وليس لفظ (ءاه) فمقتضى احتجاجهم بهذا الحديث الموضوع أن يكون لفظ ءاه، وءاووه، وأوتاه وغيرها من ألفاظ الأنين وهي نحو العشرين كما ذكر الحافظ محمد مرتضى الزبيدي فيلزم على كلامهم أن تكون كل تلك الكلمات اسمًا من أسماء الله وهم لا يقولون ولا يذكرون ذلك فالعجب كيف أنهم اختاروا من بينها لفظ (ءاه) وقالوا عنه اسمًا من أسماء الله، وهذا الحديث الموضوع الذي يحتجون به لم ينص على لفظ من ألفاظ الأنين التي هي اثنتان وعشرون كلمة فما هذا التحكم، فبأي حجة اختاروا (ءاه) من بين تلك الكلمات فليس لهم مستند إلا الهوى، فتبين أن مستندهم أوهى من بيت العنكبوت وتبين أن الطريقة الشاذلية بريئة من هذا ومن نسبه إلى الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه فقد افترى عليه، وتبين أيضًا بطلان ما ذكره الأمير والباجوري في حاشيتهما على جوهرة التوحيد حيث قال الباجوري (4) ينبغي للمريض أن يقول (ءاه) لأنه ورد أنه اسم من أسمائه تعالى، وذكر نحوه الأمير في شرحه على منظومة غرامي صحيح فليُحذر من ذلك.
فبعد هذا ماذا بقي للمتشبث بهذا الرأي الفاسد بعد هذا إلا العناد.
(1) تاج العروس 9/376 ـ 377.
(2) لسان العرب 13/472 ـ 473.
(3) المصباح المنير ص/31.
(4) شرح جوهرة التوحيد ص/157.
يتبع في الجزء الثالث إن شاء الله تعالى.