إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْـمَوْلِدِ الْنَّبَوِيِّ الْشَّرِيفِ عِنْدَ كِبَار عُلَمَاءِ الْبِلاَدِ الْـجَزَائِرِيَّة
13 نوفمبر 2022قَوْلُ اللّهِ تَعَالَى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
13 نوفمبر 2022التَّوسُّل والاستغاثة لفضيلة الأستاذ الكبير حجة الإسلام الشيخ يوسف الدجوي (1)
التَّوسُّل والاستغاثة لفضيلة الأستاذ الكبير حجة الإسلام الشيخ يوسف الدجوي (1287 هـ – 1365 هـ) (1)
لا تزال ترد إلينا الرّسائل بشأن التوسّل طلبًا للتوضيح والإسهاب، وقد ذكر بعض مرسليها أن من الناس من يكفّر المتوسّلين برسول الله صلى الله عليه وسلم الّذي سنتوسّل به جميعًا يوم القيامة على ما نطقت به الأحاديث الصحيحة، ولو قالوا إن في المسألة تفصيلاً، أو أنّ بعض العبارات التي يقولوها المتوسّلون، أو الزائرون ينبغي التّحاشي عنها، وتعليم ما يصح أن يقول في توسّله أو عند زيارته، لقبلنا منهم ذلك وشكرناهم عليه، ولكنهم أفرطوا كل الإفراط، فرأينا أن نفيض القول في ذلك، فلعلّنا بزيادة التّقرير والتّكرير نُزيل تلك العقيدة التي هي أخطر شيءٍ على الإسلام والمسلمين، ولنجعل الكلام معهم في مقامين، حتى نفحمهم بالمعقول والمنقول، فنقول الكلام معهم في جهة الدليل العقلي، وما نضطر إليه من الدليل النقلي.
قبل أن نخوض في هذا الموضوع نحب أن نشترط على المنكرين أن يصبروا صبر المرتاضين بصناعة المنطق، العارفين بقوانين المناظرة، فلا يخرجوا عن الفرض الذي نفرضه حتى نتم الكلام فيه، وأن يعرفوا موضوع البحث فلا ينتقلوا عنه إلى غيره، وسنفرض الفروض كلها ثم نبطلها واحدًا واحدًا.
ولينظروا حتى لا يختلط المعقول بالمنقول، ولا المنقول بالمعقول، وسنوفّي كلاًّ حقّه إن شاء الله، وعسى ألاّ يكونوا بعد ذلك ممن يسلّم المقدّمات ثم ينازع في النّتيجة، فنقول:
هؤُلاء إن كانوا يمنعون التوسّل والاستغاثة، ويجعلونهما شركًا من حيث إنّهما توسّل واستغاثة، فاستغاثة المظلوم بمن يرفع ظلمه إذًا شرك، واستغاثة الرجل بمن يعينه في بعض شؤونه شرك، واستغاثة الملك بجيشه لدى الحروب شرك، واستغاثة الجيش بالملك فيما يصلح أمره شرك، بل نقول يلزمهم على هذا الفرض أنَّ طلب المعونة من أرباب الحرف والصنائع التي لا غنى للناس عنها شرك، وطلب المريض للطبيب شرك، بل يلزم بناءً على تلك الكليات التي تقتضيها الحيثيّة أن استغاثة الرّجل الاسرائيلي بسيدنا موسى عليه السلام وإجابته إياه كما قال تعالى (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ) [القصص 15] شرك، إلى غير ذلك مما لا يقول به عاقل فضلاً عن فاضل.
هذا كله إن كانوا يقولون إنها ممنوعة من حيث إنّها استغاثة بغير الله كما فرضنا، فإن قالوا أنّ الاستغاثة والتوسل بالأموات شرك دون الأحياء، قلنا لهم لا معنى لهذا بعد أن سلّمتم أن الاستغاثة بغير الله من الأحياء ليست بشرك، وبعد ما ورد به القرآن ووقع عليه الإجماع في كل زمان ومكان، ولا معنى لأن يكون طلب الفعل من غير الله شركًا تارة، وغير شرك تارة أخرى، فإن فيه نسبة الفعل لغير الله على كل حال.
وإن قالوا إنّنا لا نعتقد التأثير الذاتي من الأحياء الذين نطلب منهم المعونة، قلنا لهم يجب إذًا أن تجعلوا مناط المنع هو اعتقاد التأثير الذاتي لغير الله تعالى، لا فرق بين الأحياء والأموات، فإن وجد ذلك الاعتقاد كان شركًا وإلا فلا، سواءٌ كانت الدّعوة لحي أو ميت، وإن كان مناط المنع هو تلك السَّبَبِيَّة الظاهرة التي تفهم من ظواهر الألفاظ، وجب أن يكون ذلك كله شركًا، حتى طلب الرجل من أخيه أن يعينه في الحمل على دابته، أو بناء داره، أو حفر نهره، إلى غير ذلك كما أوضحنا في الفرض الأوّل.
فإن قالوا إنّنا ننسب تلك الأفعال والتأثيرات إلى غير الله تعالى من الأحياء، معتقدين أنّ الخلق والإيجاد ليس إلا لله تعالى، وأن الحي ليس له إلا الكسب لا غير، قلنا لهم كذلك من يطلب من الأموات أو يتوسّل بهم، والقرينة فيهما واحدة، وهو إيمان بأن الله بيده ملكوت السّموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله، وأنّ ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنّه لا خالق غيره ن ولا موجد سواه.
وإن كان سرّ المنع عندهم هو أن الميت لا يقدر على شيء مما طلب منه فنقول لهم:
أولاً – لا يلزم من ذلك أن يكون الطلب شركًا بل عبثًا فقط، والاستغاثة بالأحياء أقرب إلى الشرك منها بالأموات، لأنها أقرب إلى اعتقاد تأثيرهم في الإعطاء والمنع بمقتضى الحس والمشاهدة، لولا نور الإيمان وساطع البرهان.
ثانيًا – ثم نقول لهم ما معنى قولكم (إن الميت لا يقدر على شيء) وما سره وباطنه عندكم؟ إن كان ذلك لكونكم تعتقدون أنّ الميّت صار ترابًا، فما أضلّكم في دينكم، وما أجهلكم بما ورد عن نبيكم، بل عن ربكم من ثبوت حياة الأرواح، وبقائها بعد مفارقة الأجسام، ومناداة النبي صلى الله عليه وسلم لها يوم بدر بقوله ( يا عَمرو بنَ هِشَام وَيَا عُتبَة بنَ ربيعَة وَيَا فُلانَ بن فلان إنَّا وَجَدنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُم مَا وَعَدَ رَبُّكْم حَقًّا) فقيل له ما ذلك؟ فقال (مَا أنْتُم بِأسمَعَ لِمَا أقُولُ مِنْهم) ومن ذلك تسليمه على أهل القبور ومناداته لهم بقوله (السَّلاَمُ عَلَيكم يَا أهْلَ الدِيَار) ومن ذلك عذاب القبر ونعيمه، وإثبات المجيء والذهاب إلى الأرواح، إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي جاء بها الإسلام، وأثبتتها الفلسفة قديمًا وحديثًا.
ولنقتصر هنا على هذا السّؤال:
أيعتقدون أن الشهداء أحياءٌ عند ربهم، كما نطق القرآن بذلك أم لا؟ فإن لم يعتقدوا فلا كلام لنا معهم، لأنّهم كذّبوا القرآن حيث يقول (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) [سورة البقرة 154] (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون) [سورة آل عمران 169] وإن اعتقدوا ذلك فنقول لهم إن الأنبياء، وكثيرًا من صالحي المسلمين الذين ليسوا بشهداءَ كأكابر الصحابة، أفضل من الشهداء بلا شك ولا مرية، فإذا ثبتت الحياة للشهداء فثبوتها لمن هو أفضل منهم أولى.
على أن حياة الأنبياء مصرّح بها في الأحاديث الصحيحة، وقد رأى صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام يصلّي فوق الكثيب الأحمر، وراجعه مرارًا عندما فرضت الصلاة خمسين في كل يوم وليلة حتى صارت خمسًا، كما قابل آدم وإبراهيم وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام فهذا كلّه يثبت حياة الأرواح، وأنه لا شك فيها.
فإذًا نقول حيث ثبتت حياة الأرواح بالأدلة القطعيّة التي قدمنا بعضها، فلا يسعنا بعد ثبوت الحياة إلا إثبات خصائصها، فإن ثبوت الملزوم يوجب ثبوت اللازم كما أن نفي اللازم يوجب نفي الملزوم كما هو معروف.
وأي مانع عقلاً من الاستغاثة بها، والاستمداد منها كما يستعين الرجل بالملائكة في قضاء حوائجه، أو كما يستعين الرجل بالرجل، وأنت بالروح لا بالجسم إنسان.
وتصرّفات الأرواح على نحو تصرفات الملائكة لا تحتاج إلى مماسة ولا آلة، فليست على نحو ما تعرف من قوانين التّصرّفات عندنا، فإنّها من عالم آخر، (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [سورة الإسراء 85] وماذا يفهمون من تصرّف الملائكة أو الجن في هذا العالم؟!
ولا شك أنّ الأرواح لها من الإطلاق والحرِّيَّة ما يمكّنها من أن تجيب من يناديها، وتغيث من يستغيث بها، كالأحياء سواء بسواءٍ، بل أشد وأعظم. وقد ذكرنا لك فيما سبق عن ابن القيم أنّ الأرواح القوية، كروح أبي بكر وعمر ربّما هزمت جيشًا، إلى آخر ما ذكرناه فإن كانوا لا يعرفون إلا المحسوسات، ولا يعترفون إلا بالمشاهدات، فما أجدرهم أن يسموا طبيعيين لا مؤمنين.
على أنّنا نتنزل معهم، ونسلم لهم أن الأرواح بعد مفارقة الأجساد لا تستطيع أن تعمل شيئًا، ولكن نقول لهم إذا فرضنا ذلك وسلّمناه جدلاً فلنا أن نقرّر أنّه ليست مساعدة الأنبياء والأولياء للمستغيثين بهم من باب تصرّف الأرواح في هذا العالم على نحو ما قدمنا، بل مساعدتهم لمن يزورهم أو يستغيث بهم بالدعاء لهم، كما يدعو الرجل الصالح لغيره، فيكون من دعاء الفاضل للمفضول، أو على الأقل من دعاء الأخ لأخيه، وقد علمت أنهم أحياءٌ يشعرون ويحسّون ويعلمون، بل الشعور أتم والعلم أعم بعد مفارقة الجسد، لزوال الحجب التّرابية، وعدم منازعات الشهوات البشرية.
وقد جاء في الحديث أن أعمالنا تعرض عليه صلى الله عليه وسلم، فإن وجد خيرًا حمد الله، وإن وجد غير ذلك استغفر لنا، ولنا أن نقول إن المستغاث به، والمطلوب منه الإغاثة هو الله تعالى، ولكن السائل يسأل متوسلاً إلى الله بالنبي أو بالولي في أنه يقضي حاجته، فالفاعل هو الله، ولكن أراد السائل أن يسأله تعالى ببعض المقربين لديه الأكرمين عليه، فكأنه يقول أنا من محبيه أو محسوبيه، فارحمني لأجله، وسيرحم الله كثيرًا من الناس يوم القيامة لأجل النبي صلى الله عليه وسلم، وغيره من الأنبياء، والأولياء، والعلماء.
وبالجملة فإكرام الله لبعض أحباب نبيه لأجل نبيه، بل لبعض العباد لبعض أمر معروف غير مجهول، ومن ذلك الذين يصلون على الميت، ويطلبون من الله أن يكرمه ويعفو عنه لأجلهم بقولهم (وقد جئناك شفعاءَ فشفعنا فيه) والمقصود من ذلك كله إثبات أن الله يرحم بعض العباد ببعض، على أن توجّه الإنسان إلى النبي، أو الولي، والتجاءَه إليه تحس به روح النبي والولي تمام الإحساس، وهو كريم ذو وجاهة عند الله تعالى، كما قال تعالى في بعض أصفيائه (وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا) [سورة الأحزاب 69] وكما قال في بعض آخر (وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) [سورة آل عمران 45]، فتعتني تلك الروح بذلك الملتجئ أشد الاعتناء في تسديده وتأييده، والدعاء له هي والملائكة الذين يجلونها، ويحبون مسرتها ورضاها، والأنبياء والأولياء محبوبون للملائكة بشاهد قوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ)… إلى آخر الحديث، وأن الملائكة لتقول للذين قالوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا (نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ) [سورة فصلت 31]، كما نصّ على ذلك القرآن الشريف.
وذلك سرّ التوجّه إلى الأولياء وزيارتهم، لتنتبه أرواحهم لحال الزائر، وتلتفت إلى معونته بما أعطاهم الله تعالى من الخصائص، كما تنفع أخاك بما أعطاك الله من قوة، أو وجاهة، أو مكانة، أو ثروة، أو أعوان، أو أنصار … إلى آخره، وإن الإنسان هو هو في الدنيا والآخرة، من حيث روحه التي هي باقية في العالمين جميعًا، وليس الإنسان إنسانًا إلا بها كما شرحنا، والأمر جلي، ولكنها الأهواء عمَّت فأعمت.
والخلاصة أنه لا يكفر المستغيث إلا إذا اعتقد الخلق والإيجاد لغير الله تعالى، والتّفرقة بين الأحياء والأموات لا معنى لها، فإنه إن اعتقد الإيجاد لغير الله كفر، على خلاف للمعتزلة (2) في خلق الأفعال، وإن اعتقد التسبب والاكتساب لم يكفر.
وأنت تعلم أن غاية ما يعتقد الناس في الأموات، هو أنهم متسببون ومكتسبون كالأحياء، لا أنهم خالقون مُوجِودون كالإله إذ لا يعقل أن يعتقد فيهم الناس أكثر من الأحياء، وهم لا يعتقدون في الأحياء إلا الكسب والتّسبّب، فإذا كان هناك غلط فليكن في اعتقاد التّسبّب والاكتساب لأن هذا هو غاية ما يعتقده المؤمن في المخلوق كما قلنا، وإلا لم يكن مؤمنًا، والغلط في ذلك ليس كفرًا ولا شركًا.
ولا نزال نكرر على مسامعك أنه لا يعقل أن يعتقد في الميت أكثر مما يعتقد في الحي، فيثبت الأفعال للحي على سبيل التّسبّب، ويثبتها للميت على سبيل التأثير الذّاتي والإيجاد الحقيقي، فإنه لا شك أن هذا مما لا يعقل.
فغاية أمر هذا المستغيث بالميت بعد كل تنزل أن يكون كمن يطلب العون من المُقعد غير عالم أنّه مقعد، ومن يستطيع أن يقول إن ذلك شرك؟! على أن التّسبّب مقدور للميت وفي إمكانه أن يكتسبه كالحي بالدعاء لنا، فإن الأرواح تدعو لأقاربهم، كما في الحديث الشريف إذا بلغهم عنهم ما يسوؤهم، فيقولون (اللهم راجع بهم أو لا تميتهم حتى تهديهم) بل الأرواح يمكنها المعاونة بنفسها كالأحياء، ويمكنها أن تلهمك وترشدك كالملائكة، إلى غير ذلك على ماشرحناه، وكثيرًا ما انتفع الناس برؤيا الأرواح في المنام ولعلّنا نعود إليه.
يتبع في الجزء الثاني.
_______________
(1) مقالات وفتاوى الشّيخ يوسف الدّجوي ط دار البصائر (1 /232)، وقد عُزِيَ إلى مجلة الأزهر العدد الثالث المجلد الثاني ربيع الأول سنة 1350 هـ.
(2) مِمَّنْ نَقَلَ تَكْفيرَ الْمُعْتَزِلِيِّ القَائِلِ بِأَنَّ العَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ الإِمَامُ شَيْخُ الإِسْلامِ البُلْقِيْنِيُّ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِمَّا يُوهِمُ عَدَمَ كُفْرِهِمْ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّنْفِ الآخَرِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، كَالَّذِينَ يَقْتَصِرُونَ عَلَى قَوْلِ إِنَّ اللَّهَ لا يُرَى فِي الآخِرَةِ، وَإِنَّ القُرْءَانَ مَخْلُوقٌ وَيَعْنُونَ بِالقُرْءَانِ اللَّفْظَ الْمُنَزَّلَ، وَالقَوْلِ بِأَنَّ صَاحِبَ الكَبِيرَةِ إِذَا مَاتَ بِغَيْرِ تَوْبَةٍ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ.
وَقَدْ قِيلَ لِسَيِّدِنَا عَلِيٍّ إِنَّ فُلانًا يَنْسُبُ القَدَرَ لِنَفْسِهِ، أَيْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مُسْتَقِلاًّ لِمَشيئَةِ أَفْعَالِهِ عَنِ اللَّهِ، فَكَلَّمَهُ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ وَكَسَرَهُ بِالْحُجَّةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ (إِنْ عُدْتَ إِلَى هَذَا لأَقْطَعَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ) مَعنَاهُ أَقْطَعُ رَأْسَكَ، فَتَابَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، وَمِمَّنْ حَذَّرَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَدْ رُفِعَ إِلَيْهِ أَمْرُ رَجُلٍ مِنْ رُؤُوسِهِمْ يُقَالُ لَهُ غَيْلانُ أَبُو مَرْوَانَ، فَاسْتَدْعَاهُ وَاسْتَتَابَهُ، فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ، لَكِنَّهُ عَادَ بَعْدَمَا مَاتَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى غَيِّهِ وَضَلالِهِ.
وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَانَا يُنْكِرَانِ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ عَقِيدَتَهُمُ الفَاسِدَةَ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ الْمُبَارَكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الإِمَامُ الْجَلِيلُ الْمُجْتَهِدُ حَذَّرَ مِنْ ثَوْرِ بنِ يَزِيدَ وَعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ الَّذِي هُوَ مِنْ رُؤُوسِ الْمُعْتَزِلَةِ كَذَلِكَ.
لمزيد بيان حال المعتزلة اضغط على هذا الرابط
حديث (صِنْفَان من أُمَّتي ليسَ لَهُما نَصِيبٌ في الإسْلامِ القَدَرِيَّةُ والمرجئَةُ)
حديث (صِنْفَان من أُمَّتي ليسَ لَهُما نَصِيبٌ في الإسْلامِ القَدَرِيَّةُ والمرجئَةُ)