قصة السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه واليهودي الذي أسلم
19 نوفمبر 2016مكانة رمضان وآثاره على العبد
19 نوفمبر 2016لا يكون المرء عالما بدون معلّم ثقة
لا يكون المرء عالما إذا اعتمد على المطالعة فى الكتب لنفسه بدون معلّم ثقة، فقد قال الشافعيّ رضي الله عنه (مَنْ تَفَقّهَ مِن بُطُون الكتُب ضَيّعَ الأحكام) وكانَ بعضُهم يقول (مِنْ أَعظَم البَلِيّةِ تَشَيُّخ الصّحَفِيّة أي الذينَ تَعلّموا مِن الصُّحُف).
87 مِن تَذكِرة السّامِع والمتكلّم في أدب العَالم والمتعلّم للقَاضِي إبراهيم بن جَماعة المُتوفّى سنة 733 هجرية.
فالحَذرُ والتَّحذيرُ مِنْ مُطَالَعَةِ كُتُبِ التَّفَاسيرِ وَغَيْرِهَا قَبْلَ الْوُصُولِ إلى أَهْلِيَّةِ ذَلِك بِأن يَكُونَ الْمَرْءُ صَارَ مِنْ أَهْلِ التَّمْييزِ في الْعِلْمِ، واعْلَمْ رَحِمَكَ الله أَنَّ كَثيرًا مِنَ النَّاسِ سَبَبُ هَلاكِهِم أَنَّهُمْ يُطَالِعُونَ في الْكُتُبِ لأَنْفُسِهِم دُونَ أَنْ يَرْجِعُوا إلى عَالِمٍ يَقْرَؤونَ عَلَيْهِ وَيُصْلِحَ لَهُمْ ما في الْكَثِيرِ مِنَ الكُتُبِ مِنَ الْفِسَادِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْكُتُبِ تَحْوي مَفَاسِدَ وَقَدْ أُلِّفَتْ بِاسْمِ الدِّينِ، وَبَعْضُ الْكُتُبِ أُصْولُهَا صَحيحَةٌ لَكِنْ أَدْخَلَ عَلَيْهَا مَلاحِدَةٌ كَلِمَاتٍ فَاسِدَةٍ مَنْ قَالَهَا أَوِ اعْتَقَدَهَا ضَلَّ وَكَفَرَ وَالْعِيَاذُ بِالله، وَمِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ الَّتي يَنْبَغي الْحِرْصُ عِنْدَ مُطَالَعَتِهَا كُتُبُ التَّفْسِيرِ الْمُنْتَشِرَةُ بَيْنَ أَيْدي النَّاسِ، وَقَدِ اشْتَهَرَ تَفْسيرٌ بَيْنَ أَيْدي النَّاسِ اشْتِهَارًا كَبيرًا لِصِغَرِ حَجْمِهِ يُسَمَّى تَفْسيرَ الْجَلالَيْنِ نِسْبَةً إِلى جَلالِ الدِّينِ السِّيُوطيِ وَجلالِ الدِّينِ الْمَحَلِّيِ وَفي هَذَا الْكِتَابِ مَوَاضِعُ يَجِبُ الحَذَرُ والتَّحْذِيرُ مِنْهَا لِمَا فيها مِنَ الْفَسَادِ:
وَأَشَدُّهَا فَسَادًا مَا في تَفْسيرِ سُورَةِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ فيهِ أَنَّ الرَّسُولَ كَانَ يَقْرَأُ سُورَةَ النَّجْمِ بِمَجْلِسٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا بَلَغَ (أَفَرَأيْتُمُ اللاتَ والْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ (تِلْكَ الْغَرَانيقُ الْعُلا وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى) فَقَرَأَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَفَرِحَ الْمُشْرِكُونَ وَكَانُوا بِالْقُرْبِ مِنْهُ مَعَ الْمُسْلِمينَ وَقَالُوا مَا ذَكَرَ ءالِهَتَنَا بِخَيْرٍ قَبْلَ الْيَوْمِ فَجَاءَ جِبْريلُ وَقَالَ لَهُ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْقُرْءَانِ فَحَزِنَ رَسُولُ اللهِ فَأَنْزَلَ اللهُ الآيَةَ الَّتي في سُورَةِ الْحَجِّ تَسْلِيَةً لَهُ (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ في أُمْنِيَّتِهِ) وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ غَيْرُ صَحيحَةٍ وَحُصُولُ قِرَاءَةِ شَىْءٍ غَيْرِ الْقُرْءانِ على ظَنِّ أَنَّهُ قُرْءانٌ مُسْتَحيلٌ عَلَى الرَّسُولِ فَهُوَ مَعْصُومٌ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَفْظَعَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ هَذَا التَّفْسِيرَ وَقَالَ مَنِ اعْتَقَدَ هَذَا كَفَرَ، وَالتَّفْسيرُ الصَّحيحُ أَنَّ كُلاً مِنَ الأَنْبِيَاءِ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى قَوْمِهِ ثُمَّ الشَّيْطَانُ يُلْقِي بِلِسَانِ نَفْسِهِ عَلى النَّاسِ كَلامًا غَيْرَ الَّذي يَقْرَؤونَهُ لِيَفْتِنَ النَّاسَ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ وَيُثْبِتُ مَا يَقْرَأُهُ الأَنْبِيَاءُ.
وَالْمَوْضِعُ الثَّاني الَّذي يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُ في هَذَا التَّفْسِيرِ مَا ذُكِرَ في تَفْسِيرِ الآيَةِ (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا) فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ أَنَّ يُوسُفَ قَصَدَ الزِّنى بِهَا وَهَذَا غَلَطٌ شَنِيعٌ يُخَالِفُ نَزَاهةَ الأَنْبِيَاءِ فَيَسْتَحيلُ على نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَصْدُ الزِّنى كَمَا يَسْتَحيلُ عَلَيْهِمْ فِعْلُهُ وَالْمَعْنَى الصَّحيحُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمِعْيارِ الْمُعْرِبِ أَنَّ يُوسُفَ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَهَا عَنْهُ وَالْمَرْأَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَدْفَعَهُ لِيَزْنِيَ بِهَا.
وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ في تَفْسِيرِ الْجَلالَيْنِ عِنْدَ قَوْلِهِ تعالى (فَلَمَّا ءاتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاء) يَقُولُ إِنَّ ءادَمَ وَحَوَّاءَ وَافَقَا إِبْلِيسَ في أَمْرِهِ لَهُمَا بِتَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ الَّذي يَأتِيهِمَا عَبْدَ الْحَارِثِ وَهَذَا مُسْتَحيلٌ عَلى ءادَمَ أَنْ يَنْخَدِعَ بِالشَّيْطَانِ إِلى حَدِّ الإشْرَاكِ وَالْمَعْنَى الصَّحيحُ لِهَذِهِ الآيَةِ أَنَّ الأَبَ وَالأُمَّ مِنْ ذُرِّيَّةِ ءادَمَ وَحَوَّاءَ بَعْضُهُمْ أَشْرَكُوا بَدَلَ أَنْ يَشْكُرُوا اللهَ بِطَاعَتِهِ وَيَدُلُّ عَلى ذَلِكَ ءاخِرُ الآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ تعالى (فَتَعَالى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُون).
وَالْمَوْضِعُ الرَّابِعُ تَفْسِيرُهُ النَّعْجَةَ الْمَذْكُورَةَ في ءايَةِ (إِنَّ هَذَا أخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ) يَقُولُ في هَذَا الْكِتَابِ لِتَنْبِيهِ دَاوودَ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ امْرَأَةً وَطَلَبَ امْرَأَةَ شَخْصٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُا وَتَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ فَسَّرَ قَوْلَهُ تعالى (وَظَنَّ دَاوودُ أَنَّمَا فتَنَّاهُ) أَوْقَعْنَاهُ في بَلِيَّةٍ بِمَحَبَّتِهِ تِلْكَ الْمَرْأَةُ، فَقَدْ أَسَاءَ الْمُفَسِّرُ بِقَوْلِهِ إِنَّ النَّعْجَةَ هِيَ امْرَأَةُ شَخْصٍ أُعْجِبَ بِهَا دَاوودُ فَعَمِلَ حِيلَةً فَأَرْسَلَ زَوْجَهَا لِلْغَزْوِ لِيُقْتَلَ ثُمَّ يَأخُذَهَا دَاوودُ وَهَذَا لا يَلِيقُ بِمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ، وَالتَّفْسيرُ الصَّحيحُ أَنَّ النَّعْجَةَ في هَذِهِ الآيَةِ هِيَ النَّعْجَةُ الْحَقِيقَيَّةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا امْرَأَةً وَأَمَّا اسْتِغْفَارُ دَاوودَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَكَانَ لأَجْلِ أَنَّ دَاوودَ حَكَمَ قَبْلَ سُؤالِ الْخَصْمِ.