يَجِبُ التَّحْذيرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ ( إِنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ إِلى النَّبِيِّ في صُورَةِ عَائِشَةَ ) لأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ، فَكَمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الْمَلائِكَةَ لا يَتَشَكَّلُونَ بِأَشْكَالِ النِّسَاءِ، يَتَشَكَّلُونَ بِأَشْكَالِ الرِّجَالِ جَمِيلي الْصُّورَةِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ ءالَةِ الذُّكُورِيَّةِ، كَمَا كَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَأْتِي إِلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، كَانَ في كَثيرٍ مِنَ الأَحْيَانِ يَأْتِي عَلَى هَيْئَةِ صَحَابِيٍ اسْمُهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ.
وَقَدْ وَرَدَ في الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا سَيِّدُنَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَتَاهُ وَمَعَهُ صُوُرَةُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا في قِمَاشَةٍ، لَمْ يَأْتِهِ مُتَشَكِّلًا في صُوُرَةِ عَائِشَةَ، لا، بَلِ اللهُ تعالى خَلَقَ مِثَالًا لَهَا، صُورَةً لِعَائِشَةَ، فَأَتَى بِهِ إِلى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَأَرَاهُ لِلرَّسُولِ، هَذَا وَرَدَ في الْحَدِيثِ الْصَّحِيحِ. حَرْفٌ وَاحِدٌ قَدْ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، الَّذِي وَرَدَ في الْحَديث (بِصُورَةِ) وَلَيْسَ (في صُورَةِ)، فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ تَقُولَ أَتى بِصُورَةِ كَذَا وَبَيْنَ أَنْ تَقُولَ أَتى في صُوُرَةِ كَذَا، فَفِي لُغَةِ الْعَرَبِ حَرْفٌ وَاحِدٌ قَدْ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، الْجَاهِلُ بِعِلْمِ الْدِّينِ لا يُمَيِّزُ بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ فَيُهْلِكُ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَهُوَ لا يَدْرِي.