في كتابه المسمى الواسطة ابن تيمية المتناقض ينقل أن المسلمين كانوا يستشفعون بالنبي في الاستسقاء
21 نوفمبر 2019البدر المنير في إيضاح عقيدة الإمام مالك الصغير (رسالة في تبرئة ابن أبي زيد القيرواني من دسائس المجسّمة) (2)
11 ديسمبر 2019أمّا نَحنُ فالحَمد لله فعَلى مَا كانَ علَيهِ الصّحَابَةُ ومَن تَبِعَهُم إلى يَومِنَا هَذا، نَحنُ مع جمهُور الأمّةِ لَسنَا شَاذّينَ
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمّدٍ الصادقِ الوعدِ الأمينِ وعلى إخوانِهِ النبيّينَ والمرسلينَ ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ و آلِ البيتِ الطاهرينَ وعنِ الخلفاءِ الراشدينَ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الأئمةِ المهتدينَ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحينَ.
أمّا نَحنُ فالحَمد لله فعَلى مَا كانَ علَيهِ الصّحَابَةُ ومَن تَبِعَهُم إلى يَومِنَا هَذا، نَحنُ مع جمهُور الأمّةِ لَسنَا شَاذّينَ، وكانَ الخُلَفاءُ والسّلاطِينُ على مَذهَبِ أَهلِ السُّنّةِ، ومِنهُم أمير المسلمين وملك الملثمين يوسف بن تاشفين الأشعري المالكي ومن أشهرِ العلماءِ المقرَّبين من السلطان يوسف بن تاشفين أبو بكر بن العربيّ المالكيّ الأشعريّ رحمهما الله تعالى ومنهم السُّلطَانُ صَلاحُ الدّين الأيُّوبيّ المتَوفَّى سَنةَ تِسعِينَ وخَمسِمائةٍ مِن تَاريخ الهجرَة النّبَويّة، كانَ رضيَ اللهُ عنهُ سُلطَانًا عَادلًا وكانَ حَافظًا للقُرآنِ وكانَ حَافظًا لكِتَابِ التّنبِيهِ في فِقهِ المذهَب الشّافعِيّ وكانَ حَافظًا لكِتَابِ الحَماسَةِ، تَلَقَّى العِلمَ مِن أهلِ المعرفَةِ وكانَ يَحضُر مجَالِسَ المحَدّثِين على العَادَةِ القَدِيمَةِ عندَ عُلَماءِ الحديث وكانَ رضيَ اللهُ عَنهُ أشعَريّ العَقِيدَةِ وهيَ التي نَحنُ علَيها أنّ اللهَ تَبارك وتعالى ليسَ حَجمًا كثِيفًا ولا حَجمًا لطِيفًا ولا يتّصفُ بصِفَاتِ الحَجْم، صِفَاتُ الحَجم اللّطيف والكثِيف مُستَحِيلَةٌ على الله، اللهُ تَعالى كمَا أنّ ذاتَه أي حقيقتَه ليسَ حَجمًا لطيفًا كالضّوء والرِّيح وليسَ حَجمًا كثيفًا كالإنسَانِ والحجَر والشّجَر والنَّجْم والشّمسِ والقَمر لأنّه خَالِقُ كُلٍّ، خَالِقُ الحَجم اللّطِيف وخَالِقُ الحَجْم الكَثِيف، ما كانَ في الأزل حَجْمٌ كَثِيفٌ ولا حَجمٌ لَطِيفٌ، مَا كانَ لَيلٌ ولا نَهارٌ، ولم يكن هَذا الفَراغُ الذي بينَ الأرض والسّمَاء وبينَ كلّ سَماءٍ وسماءٍ وبَينَ السّمَاواتِ السّبْع إلى العَرش، ما كانَ شَىءٌ إلا اللهُ، مَا كانَ مَوجُودٌ إلا اللهُ، كُلُّ هَذه الأشيَاء حَادثَةٌ لم تَكُن، اللهُ تَبَارك وتعالى هو خَالِقُ الحَجْم اللَّطِيف والكَثِيف فلَيسَ هوَ حَجمًا لَطِيفًا ولا حَجْمًا كَثِيفًا وليسَ متَحيّزًا في جِهَةِ فَوقٍ ولا في غَيرِها وليسَ متَحَيزًا في جميع الجهَاتِ، كُلُّ ذلكَ مُستَحِيلٌ على الله لأنّه لو كانَ كذلكَ لكَانَ لهُ أَمثَالٌ، والقرآنُ الكَريم يقُولُ (ليسَ كمِثلِه شَىءٌ) مَعنَاهُ لا يُشبِهُ شَيئًا مِنَ العَالَم بوَجْهٍ مِنَ الوجُوه، ثم كمَا أنّ ذَاتَه أي حَقِيقَتَه لا يُشبِهُ شَيئًا كذلكَ صِفاتُه لا تُشبِهُ صِفاتِ غَيرِه، وهوَ مُتَّصِفٌ بالقُدرَة والإرادَةِ والعِلْم والسَّمْع والبَصَر والحيَاةِ والكَلام، هَذه الصّفَاتُ ليسَت كصِفَاتِ الخَلق لأنّ صِفاتِه لا تَزيدُ ولا تَنقُص ولا تَنقَطِعُ بمرُور الزّمَان، في أثناءِ الزّمَانِ لا تَنقَطِعُ، لا يَدخُلها تَقطُّعٌ كحيَاتِه أي كمَا أنّ حيَاتَه لا يَدخُلها تقَطُّعٌ كذلكَ كُلُّ صِفَاتِه لا يَدخُلُها تقَطُّعٌ.
ومنهم ابن تومرت الذي ذكره محمد بن محمد بن عمر بن علي بن سالم مخلوف المتوفى 1360 هـجري في شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، وابن تومرت هو مؤسس دولة المُوحِّدين الَّتي كانت أعظمَ دولة عرَفها تاريخ تلك الدِّيار إذ جمعَت المَغْرِبَ الاسلامي كلَّه مع بلاد الأندلس تحت رايةٍ واحدةٍ وكان لها قَدَمٌ في الفتوحات وحماية ثغور المُسلمين، وقد كان ابن تومرت سنيا منزها لله تعالى فقد قال العلامة أبو عبد الله محمد بن عرفة الورغمي المالكي شيخ الاسلام بتونس وشيخ جامع الزيتونة وخطيبه في العهد الحفصي ورأس المالكية في زمانه ومجدد القرن الثامن في تفسيره المعروف بتفسير ابن عرفة في سورة الرحمان (وما أحسن قول الإمام المهدي (يعني ابن تومرت) في عقيدته حيث قال (لا يقالُ متى كانَ ولا أينَ كانَ ولا كيفَ، كان ولا مكان دبَّر الزمانَ لا يتقيَّدُ بالزمانِ ولا يتخصَّصُ بالمكان)) وقال في تفسير قول الله تعالى ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ (الشورى 4) ما نصه (الْعَلِيُّ الذي لا يُدرَك كُنْهُه، فهو عبارة عن علوِّ المكانَة لا المكان، والعظمَةُ معنويةٌ لا حِسِّيةٌ فليس المراد كعِظَمِ الجِرْم).
وورد في كتاب أخبار المهدي بن تومرت وابتداء دولة الموحدية لأبي بكر الصنهاجي المكنى بالبيدق أن ابن تومرت قال (واشتغلوا بالتوحيد فإنه أساس دينكم حتى تنفوا عن الخالق التشبيه والتشريك والنقائص والآفاق والحدود والجهات ولا تجعلوه في مكان ولا في جهة فإنه تعالى موجود قبل الأمكنة والجهات، فمن جعله في جهة ومكان فقد جسمه ومن جسمه فقد جعله مخلوقا ومن جعله مخلوقا فهو كعابد وثن…فمن مات على هذا فهو مخلد في النار). انتهى
ولقد مدح عجوز المذهب المالكي ابن رشد الجد ابن تومرت في كتابه مناهج الأدلة في عقائد الملة فاغتاظ لذلك ابن تيمية الحراني وانبرى للرد عليه في كتابه درء التعارض فقال قال ابن رشد (وأما ما حصله الإمام المهدي من التصريح بنفي الجسمية فهو الواجب بحسب زمانه….ولما كانت خاصة الإمام المهدي رفع الاختلاف بين الناس أتى مقررا لنفي الجسمية عنه سبحانه كفر المثبت للجسمية وهو شيء جرى من فعله في الشرع في وقته (وبحسب الناس الذين وجد فيهم) مجرى التتميم والتبيين والله يختص بفضله من يشاء). انتهى
ثم شرع ابن تيمية بزعمه في الرد على ابن رشد الجد.
ويكفي ابن تومرت فضلًا دوام انتفاع المُسلمين بمتن عقيدته المُرشدة الَّتي لا زال المُسلمون يردِّدونها في مشارق الأرض ومغاربها منذ ما يزيد عن تسعة قرون، وهذه العقيدة قد أثنى عليها الحافظ صلاح الدِّين العلائيُّ وسمَّاها العقيدة المُرشدة ووافقه على ذلك الإمام تاج الدِّين السُّبكيُّ وقال في آخرها هذا آخر العقيدة وليس فيها ما ينكره سُنِّيٌّ. انتهى مِن الطَّبقات