أسباب المغفرة والثبات على التوبة
16 يوليو 2018الخشوعُ في الصَّلاةِ
18 يوليو 2018التـوبــة إلى الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له، خلق العرش إظهارًا لقدرته ولم يتخذه مكانًا لذاته، جلّ ربي لا يشبه شيئًا ولا يشبهه شىء ولا يحل في شىء ولا ينحل منه شىء ليس كمثله شىء وهو السميع البصير. وأشهد أنّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيّه وحبيبه، طب القلوب ودواؤها وعافية الأبدان وشفاؤها ونور الأبصار وضياؤها صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول أرسله.
أما بعد عباد الله فإنّي أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير القائل في محكم كتابه (يا أيها الذين ءامنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين ءامنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شىء قدير) سورة التحريم 8.
اغفر لنا ربنا إنك على كل شىء قدير، اقبل منا صيامنا يا ربنا إنك على كل شىء قدير، اقبل منا قيامنا يا ربنا إنك على كل شىء قدير، اقبل منا ركوعنا يا ربنا إنك على كل شىء قدير، اقبل منا سجودنا يا ربنا إنك على كل شىء قدير، ثبتنا على الطاعة والتوبة يا ربنا إنك على كل شىء قدير.
إخوة الإيمان، يقول ربنا تبارك وتعالى في القرءان عن القرءان (إن هو إلا ذكر للعالمين) سورة ص 87.
إن هو إلا عظة للخلق، إن هو أي ما القرءان إلا عظة للخلق، فتأمل معي أخي المؤمن، أخي الصائم معاني هذه الآيات العظيمة التي سنتلوها من كتاب الله العزيز لتتعظ بالقرءان وأنت تودع شهر القرءان، لتثبت على التوبة وأنت تودع شهر التوبة، بسم الله الرحمن الرحيم (وجوه يومئذٍ مسفرة)(ضاحكة مستبشرة) عبس 38-39.
وجوه الصالحين تكون يوم القيامة مشرقة مضيئة قد علمت ما لها من الخير والنعيم مسرورة فرحة بما نالها من كرامة الله عز وجل.
فاثبت أخي المؤمن الصائم على التقوى والصلاح والتوبة، والتوبة معناها الرجوع وهي في الغالب تكون من ذنب سبق للخلاص من المؤاخذة به في الآخرة وهي واجبة فورًا من المعصية الكبيرة وكذلك من المعصية الصيغرة، والتوبة هي الندم أي التحسر في القلب أسفًا على عدم رعاية حقِّ الله عز وجل والإقلاع عن الذنب في الحال أي ترك هذه المعصية في الحال والعزم على أن لا يعود إليها أي التصميم المؤكد أن لا يعود إلى هذه المعصية.
وإن كان الذنب ترك فرض قضاه كمن ترك صيام يوم من رمضان بلا عذر شرعي يقضيه بعد يوم العيد مباشرة، فإن كان الذنب ترك فرض قضاه أو تبعة لآدمي قضاه أو استرضاه، فقد روى البخاري في الصحيح مرفوعًا (من كان لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليستحله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم).
فمن كان لأخيه المسلم عنده مظلمة في عرض أو مال كأن سبه أو أكل له ماله بغير حق فليُبرىء ذمته اليوم قبل يوم القيامة لأنه إن لم يبرىء ذمته في الدنيا قبل الآخرة، لا تردّ عنه الدراهم ولا الدنانير شيئًا فإن مات ولم يبرىء ذمته من هذه المظلمة فإن كان له حسنات أخذ له صاحب الحق من حسناته بقدر مظلمته فإن لم تكف حسناته لذلك أخذ من سيئات المظلوم فحملت على الظالم.
يقول ربنا تبارك وتعالى في القرءان (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) عبس 34-35، (وصاحبته) أي زوجته (وبنيه) أي أبنائه.
فإن كان ظلم يفر منهم يوم القيامة لأنه يعرف أن ذلك اليوم يوم عقاب وقصاص لكن أين المفر، أما الذين عاشوا وليس بينهم تبعات وظلم يشتاق بعضهم لرؤية بعض.
توبوا إلى الله عباد الله واعلموا أن من الناس من يعاقبهم الله تعالى بسوء الخاتمة بسبب شؤم المعاصي.
يروى أن أحد العلماء المحدثين واسمه الفضيل بن عياض كان له تلميذ وكان هذا التلميذ يحتضر على فراش الموت فوقف الفضيل عنده وصار يلقنه الشهادتين عند الاحتضار يقول له قل لا إله إلا الله فلا يستطيع هذا التلميذ أن ينطق بها، قل لا إله إلا الله فلا ينطق حتى قال هذا التلميذ إني بريء منها ومات على الكفر والعياذ بالله، الفضيل بن عياض خاف وارتعب وصار يبكي من خشية الله، ثم رأى هذا التلميذ في المنام وإذا به يجر إلى جهنم فقال له الفضيل ويلك ماذا فعلت ؟ قال له يا أستاذي أنا كنت أستغيب إخواني وكنت أحسدهم فوصلت إلى هذه المرحلة ومت على الكفر.
اللهمّ لا تجعل مصيبتنا في ديننا وثبتنا على الإسلام، هذا وأستغفر الله لي ولكم.