الإِمَامُ الحَافِظُ الثَّبْتُ مَعْنُ بنُ عِيْسَى القَزَّازُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِك
18 نوفمبر 2022التَّوسُّل والاستغاثة لفضيلة الأستاذ الكبير حجة الإسلام الشيخ يوسف الدجوي (3)
22 نوفمبر 2022ءاداب السفر
ءاداب السفر
الـمُسافِرُ يَجْنِي فَوائِدَ عَظيمَةً مِنْ إِخْلاصِ نيَّتِهِ للَّهِ فِي سَفَرِهِ، وَمِنْهَا رِضاءُ اللهِ عَنْهُ وَتَوْفِيقُهُ إِيَّاهُ، وَتَحْقيقُ مُبْتَغَاهُ فِي سَفَرِهِ، وَعَوْدَتُهُ حَمِيدًا.
يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُوَدِّعَ أَهْلَهُ وَقَرابَتَهُ وَإِخْوانَهُ، إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ فِي سَفَرٍ فَلْيُوَدِّعْ إِخْوانَهُ، فَإِنَّ اللهَ جاعِلٌ فِي دُعائِهِمْ بَرَكَةً، وقد حَثَّ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الـمُسْلِمَ عَلَى أَنْ يَكونَ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَخَاصَّةً فِي السَّفَرِ، فَالرُّفَقاءُ أَحْوَجُ مَا يَكُونُونَ فيه لِبَعْضِهِمُ بَعْضًا.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسولَ اللهِ، إِنِّي أُريدُ أَنْ أُسافِرَ فَأَوْصِني، قَالَ (عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ، والتَّكْبيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ)، فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ (اللّهُمَّ اطْوِ لَهُ البُعْدَ، وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ).
وروى النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَرَادَ أَنْ يُوَدِّعَ رَجُلًا فَقَالَ (أَلَا أُعَلِّمُكَ يَا ابنَ أَخِي مَا عَلَّمَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْ أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ الَّذِي لا تَضِيعُ وَدَائِعُه).
وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي، قَالَ (زوَّدَكَ اللهُ التَّقْوى) قالَ زِدْني، قالَ (وَغَفَرَ ذَنْبَكَ) قالَ زِدْني بِأَبي أَنْتَ وَأُمِّي، قالَ (وَيَسَّرَ لَكَ الـخَيْرَ حَيْثُما كُنْتَ) رَوَاهُ التِّرْمِذيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحيحٌ.
ويستحب لِلْمُسَافِرِ إِذَا نَالَ مُرادَهُ مِنْ سَفَرِهِ أَنْ يَعودَ سَرِيعًا إِلَى أَهْلِهِ، وَلَا يَـمْكُثَ فَوْقَ حاجَتِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذابِ، يَـمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعامَهُ وَشَرابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَـهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ) رَوَاهُ البُخاريُّ وَمُسْلِمٌ.
وكانَ الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ حَريصِينَ عَلَى أَنْ يَدْعُوَ لَـهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالخَيْرِ في سَفَرِهِمْ وحَضَرِهِمْ رَجاءَ حُصولِ الخَيْرِ، فمِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَإِنَّ أَوَّلَ شَىْءٍ كَانَ يُبادِرُ إِلَيْهِ هُوَ الصَّلاةُ فِي الـمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ.
ورَوَى التِّرْمِذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (ثَلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٍ لَا شَكَّ فِيهِنَّ، دَعْوَةُ الـمَظْلومِ، وَدَعْوَةُ الـمُسافِرِ، وَدَعْوَةُ الوالِدِ عَلَى وَلَدِهِ).
ورَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (عَلَيْكُمْ بِالدُّلْـجَةِ فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ) في هَذَا الحَديثِ يُرشِدُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الـمُسافِرَ إِلَى الوَقْتِ الـمُناسِبِ لِسَفَرِهِ، فَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَيْكُمْ بِالدُّلْـجَةِ) أَيِ السَّفَرِ أَوَّلَ اللَّيْلِ.
ومِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسْفَارِهِ، أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الخُروجَ فِي يَوْمِ الخَميسِ فقد رَوَى البُخاريُّ عَنِ الزُّهْريِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ يَوْمَ الخَميسِ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الخَميسِ.
وفِي الحَديثِ الصَّحيحِ الَّذِي رَوَاهُ البُخاريُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ راكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ).
ووَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ البُخاريِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ كَانَ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ فَلْيَتَحَلَّلْهُ قَبْلَ أَنْ لَا يَكونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ).
وروَى التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ إِذَا رَأَى الرَّجُلَ وَهُوَ يُرِيدُ السَّفَرَ قَالَ لَهُ ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُوَدِّعَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَدِّعُنَا، قَالَ فَيَقُولُ أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (مِنْ كَرَمِ الرَّجُلِ طِيبُ زَادِهِ فِي سَفَرِهِ) ورَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُمْ أَنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ إذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قالَ (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ العَمَلِ ما تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ) الحديثَ.
وعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي العُمْرَةِ فَأَذِنَ، وَقَالَ لَا تَنْسَنا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعائِكَ، وَفِي رِوايَةٍ أَشْرِكْنا يَا أُخَيَّ فِي دُعائِكَ، رَوَاهُ البُخارِيُّ.
ورَوَى النَّسائيُّ وابْنُ مَاجَه عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكيمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ سَـمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلًا فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِكَلِماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ شَىْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ).
1 Comment
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسولَ اللهِ، إِنِّي أُريدُ أَنْ أُسافِرَ فَأَوْصِني، قَالَ (عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ، والتَّكْبيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ)، فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ (اللّهُمَّ اطْوِ لَهُ البُعْدَ، وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ).