كيف وصل الإسلام إلى جزر المالديف
2 نوفمبر 2016حجية الاجماع
2 نوفمبر 2016اختلاف المذاهب
اختلاف المذاهب
قال الحافظ الفقيه شيخ الإسلام جلال الدين السيوطي الشافعي رحمه الله تعالى (اعلم أن اختلاف المذاهب في هذه الملة نعمة كبيرة، وفضيلة عظيمة، وله سر لطيف أدركه العالمون، وعمي عنه الجاهلون، حتى سمعت بعض الجُهَّال يقول النبي صلى الله عليه وسلم جاء بشرع واحد، فمن أين مذاهب أربعة؟
ومن العجب أيضا من يأخذ في تفضيل بعض المذاهب على بعض، تفضيلا يؤدي إلى تنقيص المُفَضَّل عليه وسقوطه، وربما أدى إلى الخصام بين السفهاء، وصارت عصبية وحمية جاهلية، والعلماء منزهون عن ذلك…..وقد وقع الاختلاف في الفروع بين الصحابة رضي الله عنهم، فما خاصم أحد أحدا، ولا عادى أحد أحدا، ولا نسب أحد أحدا إلى خطأ ولا قصور) من جزيل المواهب في اختلاف المذاهب.
وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى (…الواصل إلى طريق الاجتهاد قليل وأقل من القليل بعد الصدر الأول والسلف الصالح…وقد وقع إجماع المسلمين في أقطار الأرض على تقليد هذا النمط واتباعهم…ودرس مذاهبهم.
ثم اختلفت الآراء في تعيين المقلد منهم على ما نذكره فغلب كل مذهب على جهة. فمالك بن أنس رحمه الله بالمدينة وأبو حنيفة والثوري بالكوفة والحسن البصري بالبصرة والأوزاعي بالشام والشافعي بمصروأحمد بن حنبل بعده ببغداد وكان لأبي ثور هناك أتباع أيضاً.
ثم نشأ ببغداد أبو جعفر الطبري وداود الأصبهاني فألفا الكتب واختارا في المذاهب على رأي أهل الحديث ……وكان لكل واحد منهم أتباع، وسرت جميع هذه المذاهب فغلب مذهب مالك رحمه الله أهل الحجاز والبصرة ومصر وما والاها من بلاد أفريقية والأندلس وصقلية والمغرب الأقصى إلى بلاد من أسلم من السودان إلى وقتنا هذا وظهر ببغداد ظهوراً كثيراً وضعف فيها بعد أربعمائة سنة وضعف بالبصرة بعد خمسمائة سنة وغلب من بلاد خراسان على قزوين وأبهر وظهر بنيسابور أولاً وكان بها وبغيرها له أئمة ومدرسون….وكان ببلاد فارس وانتشر باليمن وكثير من بلاد الشام، وغلب مذهب أبي حنيفة رحمه الله على الكوفة والعراق وما وراء النهر وكثير من بلاد خراسان إلى وقتنا هذا وظهر بأفريقية ظهوراً كثيراً إلى قريب من أربعمائة عام فانقطع منها ودخل منه شيء ما وراءها من المغرب قديماً بجزيرة الأندلس وبمدينة فاس، وغلب مذهب الأوزاعي رحمه الله على الشام وعلى جزيرة الأندلس إلى أن غلب عليها مذهب مالك بعد المائتين فانقطع منها وأما مذهب الحسن والثوري فلم يكثر أتباعهما ولم يطل تقليدهما وانقطع مذهبهما عن قريب، وأما الشافعي رحمه الله فكثر أتباعه وظهر مذهبه ظهور مذهبي مالك وأبي حنيفة قبله وكان أول ظهوره بمصر وكثر أصحابه بها مع المالكية ثم بالعراق وبغداد وغلب عليها وعلى كثير من بلاد خراسان والشام واليمن إلى وقتنا هذا ودخل ما وراء النهر وبلاد فارس ودخل شيء منه أفريقية والأندلس بأخرة بعد ثلاثمائة، وأما مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله فظهر ببغداد ثم انتشر بكثير من بلاد الشام وغيرها وضعف الآن، وأما أصحاب الطبري وأبي ثور فلم يكثروا ولا طالت مدّتهم وانقطع أتباع أبي ثور بعد ثلاثمائة وأتباع الطبري بعد أربعمائة، وأما داود فكثر أتباعه وانتشر ببلاد بغداد وبلاد فارس مذهبه وقال به قوم قليل بأفريقية والأندلس وضعف الآن، فهؤلاء الذين وقع إجماع الناس على تقليدهم مع الاختلاف في أعيانهم واتفاق العلماء على اتباعهم والاقتداء بمذاهبهم ودرس كتبهم والتفقه على مآخذهم والبناء على قواعدهم والتفريع على أصولهم…..إلخ.
من ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي ثم السبتي المالكي (476 هـ – 544 هـ) رحمه الله تعالى، وسبحان الله والحمد لله رب العالمين.