الْمَلائِكَةُ لا يَتَشَكَّلُونَ بِأَشْكَالِ النِّسَاءِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ) وَهُمْ الْكُفَّارُ الْمُشْرِكُونَ (لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى) أَىْ يَقُولُونَ إِنَّ الْمَلائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ وَقَالَ تَعَالَى (وَجَعَلُوا) أَىِ الْمُشْرِكُونَ (الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمٰنِ) أَىْ خَلْقُهُ (إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) أَىْ كَيْفَ يَحْكُمُونَ بِأَنَّهُمْ إِنَاثٌ أَحَضَرُوا خَلْقَهُمْ حِينَ خُلِقُوا (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَلائِكَةَ لا يَتَشَكَّلُونَ بِأَشْكَالِ النِّسَاءِ إِنَّمَا يَتَشَكَّلُونَ بِأَشْكَالِ الرِّجَالِ جَمِيلِى الصُّورَةِ مِنْ غَيْرِ ءَالَةِ الذُّكُورِيَّةِ كَمَا كَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَأْتِى النَّبِىَّ ﷺ، كَانَ فِى كَثِيرٍ مِنَ الأَحْيَانِ يَأْتِى عَلَى هَيْئَةِ صَحَابِىٍّ اسْمُهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِىُّ أَمَّا قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ إِنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ إِلى النَّبِىِّ ﷺ فِى صُورَةِ عَائِشَةَ أَىْ تَشَكَّلَ بِشَكْلِهَا فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقُرْءَانِ، وَقَدْ وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَتَاهُ سَيِّدُنَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَمَعَهُ صُورَةُ عَائِشَةَ فِى قُمَاشَةٍ، لَمْ يَأْتِهِ مُتَشَكِّلًا فِى صُورَةِ عَائِشَةَ بَلْ أَتَاهُ بِصُورَةِ عَائِشَةَ وَأَرَاهَا لِلنَّبِىِّ ﷺ، فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ تَقُولَ أَتَى بِصُورَةِ كَذَا وَبَيْنَ أَنْ تَقُولَ أَتَى فِى صُورَةِ كَذَا، فِى لُغَةِ الْعَرَبِ حَرْفٌ وَاحِدٌ قَدْ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، الْجَاهِلُ بِعِلْمِ الدِّينِ لا يُمَيِّزُ بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ فَيُهْلِكُ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَهُوَ لا يَدْرِى.