جواب القاضي أبي الوليد ابن رشد عن فائدة الدعاء وقد سبق القدر

سُورَةُ الْكَوْثَرِ مَكِّيَّةٌ فِى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَدَنِيَّةٌ فِى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَهِىَ ثَلاثُ ءَايَاتٍ
سُورَةُ الْكَوْثَرِ مَكِّيَّةٌ فِى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَدَنِيَّةٌ فِى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَهِىَ ثَلاثُ ءَايَاتٍ
28 ديسمبر 2021
سُورَةُ الْكَافِرُونَ مَكِّيَّةٌ فِى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَدَنِيَّةٌ فِى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهِىَ سِتُّ ءَايَاتٍ
سُورَةُ الْكَافِرُونَ مَكِّيَّةٌ فِى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَدَنِيَّةٌ فِى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهِىَ سِتُّ ءَايَاتٍ
1 يناير 2022

جواب القاضي أبي الوليد ابن رشد عن فائدة الدعاء وقد سبق القدر

جواب القاضي أبي الوليد ابن رشد عن فائدة الدعاء وقد سبق القدر

ما فائدة الدعاء وقد سبق القدر (1)؟
وسئل رضي الله عنه في رجل قال في دعائه اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي فسمعه رجل آخر فقال له أي معنى لهذا الدعاء؟ هذا دعاء لا منفعة منه لأنه أمر قد فرغ منه فقال له الداعي اتق الله، ولا تقل هذا، فقال له نعم أقول هذا وأعلن به أليس هذا في الحديث المأثور أن الله تعالى إذا خلق الجنين في بطن أمه، فرغ من رزقه، وأجله وعمله، ذكر أم أنثى، شقي أو سعيد، حسن أم قبيح الحديث، فقال له الداعي نعم كذلك هو، فقال له ذلك الرجل فأى معنى لدعائك أن تقول فحسن خلقي وهو شىء لا يكون أبدا؟ لأنه إن كان تعالى خلقه حسن الخلق فلا يسوء خلقه أبدا وإن كان خلقه سيىء الخلق فلا يحسن خلقه أبدا إذ هو أمر مفروغ منه وهذا من الدعاء الذي لا معنى لقطع القلب فيه فسكت الداعي ولم يكن عنده من الحجة ما يجاوبه بها.
فلك الفضل في بيان ما يرجع إليه في هذه المسألة وما يعتقد منه وما ظهر إليك من الأدلة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسطره في جوابك وما يردع به هذا المشعوذ وغيره حتى لا يجترئ على مثل هذا القول، وهل يحسب عليه في قوله هذا أدب أو غير ذلك؟ مانا بذلك مأجورا مشكورا إن شاء الله.

الدعاء عبادة منكرها كافر.
فأجاب أيده الله بهذا الجواب ونصه (لا ينكر الدعاء إلى الله عز وجل إلّا كافر بالله، مكذب بكتاب الله لأن الله تعالى تعبد عباده في غير ما آية من كتابه ووعدهم بالاستجابة، وإجابته إياهم بما سبق في عمله من أحد ثلاثة أشياء على ما ثبت من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاثة إما أن يستجاب له وإما أن يدخر له وإما أن يكفر عنه).

وبالله التوفيق.

(1) من مسائل أبي الوليد ابن رشد الجد محمد بن أحمد القرطبي (المتوفى 520 هـ).

ولزيادة الفائدة نقول:
رَوَى أبو دَاوُد وغيرُهُ أَحاديثَ عَدِيدةً عَن رَسولِ اللهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَن أَنكَرَ هَذَا الأَمرَ فَهُوَ كَافِرٌ، مِنهَا قَولُهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (لو أَنَّ اللهَ عَذَّبَ أَهلَ سَـمَوَاتِهِ وَأَهلَ أَرضِهِ لَعَذَّبَهُم وَهُوَ غَيرُ ظَالـم لَهُم وَلَو رَحِمَهُم كَانَت رَحمَتُهُ لَهُم خَيرًا مِن أَعمَالِهِم وَلَو أَنفَقتَ مثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللهِ مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنكَ حَتَّى تُؤمِنَ بِالقَدَرِ وَتَعلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لـم يَكُن لِيُخطِئَكَ وَمَا أَخطَأَكَ لـم يَكُن لِيُصِيبَكَ وَلَو مِتَّ عَلَى غَيرِ ذَلِكَ لَدَخَلتَ النَّارَ) رَواهُ أَحمَد، فَالعَبدُ كَاسِبٌ لِعَمَلِهِ وَاللهُ تَعالى خَالِقٌ لِعَمَلِ هذا العَبد الذي هوَ كَسبٌ لَه قَالَ اللهُ تَعالى ﴿وَلَو شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن في الأَرضِ كُلُّهُم جَمِيعًا (99)﴾ سورَة يونُس.
أَمَّا الدُّعاءُ فَلا يُغيِّرُ مَشيئَةَ الله، العِبادُ تَتَغيرُ مَشيئَتُهُم أَمَّا اللهُ تَعالى فَلا تَتَغير مَشيئَتَهُ، فَإِذا قيلَ مَاذا يَستَفيدُ الداعِي من الدُّعاءِ.
فَالجوابُ:
الداعِي يَستَفيدُ الثَّوابَ مِن دُعائهِ ثُمَّ إِن شاءَ اللهُ لَه في الأَزَلِ أن يُستَجابَ له فَيُستَجابُ لَه، وَإذا شاءَ اللهُ أن لا يُستَجابَ دُعاؤَهُ قَد يَدفَع اللهُ عنهُ بَلاءً بِهذا الدُّعاءِ الذي دَعاهُ، النَّبِيُّ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَهوَ أَفضَلُ الخلقِ قَالَ (سَأَلتُ رَبِّي لأُمَّتي ثَلاثًا فَأَعطاني ثِنتَين وَمَنَعَني واحِدَةً، سَأَلتُهُ أَن لا يُهلِكَ أُمَّتي بِـمَا أَهلَكَ بِهِ الأُمَمَ مِن قَبلِهِم فَأَعطانيهَا، وَسَأَلتُهُ أَن لا يُسَلِّطَ عَلَيهِم عَدُوًّا مِن غَيرِهِم فَيَستَبيحَ بَيضَتَهُم فَأَعطانيها، وَسَأَلتُهُ أَن لا يَجعَلَ بَأسَهُم بَينَهُم فَمَنَعنيهَا، وَقَالَ لي يَا مُحَمَّد إِني إِذا قَضَيتُ قَضاءً فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ) رَوَاهُ ابنُ حِبان، اللهُ سُبحانَهُ وَتَعالى لـم يُغَيِّر مَشيئَتَهُ لأَحَبِّ الخلقِ إِليهِ لأَنَّ مَشيئَةَ اللهِ أَزَلِية لا تَتَغيّر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *