قول الله تعالى (ما الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطعام انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)
15 مايو 2022حديث (لَعَنَ اللهُ المحلِّلَ والْمُحَلَّلَ لهُ)
17 مايو 2022معنى اليَهُوْدُ وَالنَّصَارَى وأَهْل الكِتَابِ
معنى اليهود والنصارى وأهل الكتاب
أَهْلُ القُرْءَانِ نَحْنُ، وَهُوَ أَفْضَلُ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللهُ تَعَالَى، القُرْءَانُ هُوَ سَيِّدُ الكُتُبِ، أَفْضَلُ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ، نَحْنُ أَهْلُ القُرْءَانِ، أُمَّةُ مُحَمَّدٍ يُقَالُ لَهُم أَهْلُ القُرْءَانِ، الكِتَابِ العَزِيْزِ، أَمَّا إِذَا قِيْلَ أَهْلُ الكِتَابِ، لَمَّا يُذْكَرُ فِي القُرْءَانِ ﴿يَا أَهْلَ الكِتَابِ﴾ مَعْنَاهُ يَا يَهُوْدُ وَيَا نَصَارَى، اليَهُوْدُ وَالنَّصَارَى اللهُ تَعَالَى سَمَّاهُم أَهْلَ الكِتَابِ، وَهُم إِلَى الآنَ لَم يَزَالُوا يَنْتَسِبُوْنَ بِالقَوْلِ إِلَى التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ، لَكِنَّهُم خَالَفُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيْلَ لَكِنَّهُم لَم يَتْرُكُوا الاسْمَ، كَذَلِكَ يَقُوْلُوْنَ نَحْنُ أَحْبَابُ عِيْسَى، وَهُم مُخَالِفُوْنَ لِعِيْسَى، وَأُوْلَئِكَ اليَهُوْدُ يَقُوْلُوْنَ نَحْنُ أَحْبَابُ مُوْسَى، نَحْنُ جَمَاعَةُ مُوْسَى، وَهُم أَعْدَاءُ مُوْسَى، فَهَؤُلَاءِ لِأَنَّهُم يَنْتَسِبُوْنَ إِلَى التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ يُقَالُ لَهُم أَهْلُ الكِتَابِ، لَا لِأَنَّهُم مُتَمَسِّكُوْنَ بِالإِنْجِيْلِ الحَقِيْقِيِّ الأَصْلِيِّ وَالتَّوْرَاةِ الحَقِيْقِيَّةِ، لَا يَتَّبِعُوْنَ إِنَّمَا تَمَسَّكُوا بِالاسْمِ، لِذَلِكَ اللهُ سَمَّاهُم أَهْلَ الكِتَابِ.
قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، الْيَهُودُ أَصْلُ تَسْمِيَتِهِمْ بِهَذَا مِنْ كَلِمَةِ (إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ) سورة الأَعْرَاف ءاية 156، لَمَّا تَابُوا في أَيَّامِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ، بَعْدَمَا عَبَدُوا الْعِجْلَ تَابُوا، وَمُوسَى كَانَ غَضِبَ عَلَيْهِمْ غَضَبًا شَدِيدًا ثُمَّ لمّا تَابَ أُولَئِكَ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل، مُوسَى قَالَ (هُدْنَا إِلَيْكَ) أَيْ رَجَعْنَا إِلَيْك، فَمِنْ هُنَا سُمُّوا الْمُسْلِمُونَ مِنُهُمْ يَهُودا ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كفروا أَيْضًا بَقِيَ هَذَا الإِسمْ عَلَيْهِم.
أَمَّا النَّصَارى سُمُّوا بِاسْمِ أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَة في فَلسْطِين، نُسِبُوا إِلَى تِلْكَ الأَرْضِ.
أَمَّا الصَّابِئُونَ فَهُمْ قَوْمٌ أَقْدَمُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِب قَبْلَ ذَلِكَ كَانُوا مُسْلِمِينَ ثُمَّ انْحَرَفُوا، صَاروا كَافِرِينَ.
فَفِي الْقُرْءَانِ اْلكَرِيم أَنَّ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ الْفِرَق الثَّلاَث مَنْ كَانُوا عَلَى الإِيمَانِ وَالتَّقْوَى منهم (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون) كَمَا أَنَّ الْمُؤمِنِينَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّة، مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّة (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنون) يُونُس ءاية 62.
كَذَلِكَ أولئك الْفِرَق الثَّلاَث لَمَّا كَانُوا مُسْلِمِينَ، مَنْ كَانَ مِنْهُم عَلَى التَّقْوَى (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون) مَعْنَاهُ لَيْسَ مَدْحًا لِهَؤُلاَءِ الْيَهُود الَّذِينَ كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ، هَؤُلاَءِ لا يَسْتَحِقُّونَ الْمَدْح، الْقُرْءَانُ لا يَعْنِي هَؤُلاَءِ، كَذَلِكَ لا يَعْنِي النَّصَارَى الَّذِينَ هُمْ يَعْبُدُونَ عِيسَى، وَكَذلِكَ الصَّابِئون بَعْدَ أَنْ عَبَدُوا الْكَوَاكِب لا يَعْنِيهُم الْقُرْءَانُ، إِنَّمَا يَعنِي مَنْ كَانَ مِنْ هَؤُلاَءِ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَاتَّقَى اللَّهَ تَعَالَى، هَؤُلاَءِ كَأُمَّةِ محمَّدٍ، منْ كَانَ تَقِيًّا (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون) في الآخِرَةِ لأَنَّ الأَوْلِيَاء في أَتْبَاعِ مُوسَى وَأَتْبَاع عِيسَى، وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانَ أَوْلِيَاء، أُولَئِكَ (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
وسَببُ تسميةِ الذين كفروا بعد ذلك من اليهود والنصارى بأهل الكتاب لأنهم ينتسبون للتوراة والإنجيل انتسابًا ولا يؤمنون بالتوراة والإنجيل الأصلِيَّينِ فلا يجوزُ تسميتهم مؤمنين والدليل على ذلك قوله تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ (98))آل عمران، وقوله تعالى (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم) آل عمران 110، وقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65)) المائدة، معناه أنهم ليسوا مؤمنين.
وأما قول الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)) البيِّنة، فمِنْ هنا ليست للتبعيض إنما هي بيانيَّة معناهُ كلهم كفروا.