قصة وخبر أصحاب الكهف
19 نوفمبر 2016قصة عمر بن عبد العزيز وأمه
19 نوفمبر 2016في الْمَاضي كَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَبْكُوا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ يَقُولونَ تَعالَوْا بِنَا نَذْهَبْ إِلى هَذَا الْفَتَى المُطَّلِبِيِّ، يَعْنُونَ الشَّافِعِيَّ
في الْمَاضي كَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَبْكُوا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ يَقُولونَ تَعالَوْا بِنَا نَذْهَبْ إِلى هَذَا الْفَتَى المُطَّلِبِيِّ، يَعْنُونَ الشَّافِعِيَّ، فَيَذْهَبُونَ إِلى الشَّافِعِيِّ فَيَقْرَأُ الشَّافِعِيُّ الْقُرْءانَ فَيَتَسَاقَطُونَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، هَذَا يَقَعُ هَكَذَا وَهَذَا يَقَعُ هَكَذَا، جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْخَاشِعِينَ.
وُلِدَ الشّافِعيُّ في غَزّةَ في فِلَسطِينَ ودُفِنَ في مِصْرَ في القَاهِرَة، فعن أبي الأحوصِ عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تَسُبُّوا قُرَيشًا فإنّ عَالمَها يَملأ طِبَاقَ الأرضِ عِلمًا) رواه الطيالسِي، قال البيهقيُّ وغَيرُه إنّ هَذا الحَديثَ يَنطَبِقُ على الشّافِعيّ، وكانَ الشّافعِيُّ عَالما فقِيهًا مجتَهِدًا محَدّثًا، والحديثُ مَعنَاه سيَأتي عالمٌ مِن قُريشٍ يَملأ جِهَاتِ الأرضِ عِلمًا، ففَكَّرَ العُلَماءُ على مَن يَنطَبِقُ هَذا الحديثُ فوجَدُوهُ يَنطَبِقُ على الشَّافِعيّ لأنّهُ مِن قُرَيش، أمّا الثّلاثَةُ الآخَرِينَ لَيسُوا مِن قُرَيش، ففَسَّرُوا الحديثَ بالشّافِعيّ والأمرُ كذَلكَ لأنّ مَذهبَه انتَشَر في الشَّرقِ والغَرْب والشَّمَالِ والجَنُوب إلى يَومِنَا هذا.
الشّافعِيُّ رضيَ اللهُ عَنهُ كانَ حَسَنَ الصَّوتِ بالقُرءانِ إذَا أَرادَ الإنسَانُ أنْ يَرِقُّ قَلبُه كانَ يَذهَبُ إلَيهِ يَستَمِعُ إلَيهِ حتى يَقَع على الأرضِ مِن شِدَّةِ مَا يَحصُل لهُ مِنَ الخَشْيَةِ والطَّرَب. إذَا واحِدٌ جلَس عندَه وهو يَقرأ القرءانَ يَسقُطُ مِن خَشيَةِ الله.
لما كَانَ عُمرُه أربَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَصَلَ إلى دَرجَةِ الإفتَاءِ، حَفِظَ القُرءانَ في سِنّ سَبْعٍ ثم حَفِظَ كتَابًا ءاخَرَ ثم لما صَارَ عُمرُه أربَعَ عَشْرَةَ الإمامُ مَالِكٌ أجَازَه بالفَتْوَى، والإمَامُ الشَّافعِيُّ رضيَ اللهُ عَنهُ كانَ وُلِدَ بَعدَ مُنتَصَفِ القَرْنِ الثّاني مِنَ الهجرة ثم مَاتَ سنَةَ مِائتَين وخمسٍ كانَ رضيَ اللهُ عَنهُ حَسَنَ الصُّورَةِ حَسَنَ الصَّوت حتى إنّ بَعضَ النّاسِ لَمّا يُرِيدُونَ أنْ يَسمَعُوا قِراءَةَ القُرءانِ على الوَجْه الصّحِيح الذي فيهِ تَرقِيقُ القَلب يَذهَبُونَ إلَيهِ يَقُولُونَ اذْهَبُوا بنَا عندَ هَذا الفَتى المطَّلِبيّ، فيَجلِسُونَ عِندَهُ وهوَ يَقرَأ ومِنْ شِدَّةِ مَا يَحصُلُ عندَهُم مِنَ الشَّوقِ والخَوفِ مِنَ اللهِ يتَسَاقَطُونَ، يَغلِبُ علَيهِمُ الخَوفُ مِنَ اللهِ، ومَا ذلكَ إلا لِسِرٍّ في قِراءَتِه، ليسَ كُلُّ قِراءَةٍ فِيها بَركَة، وكانَ مِنْ أَهلِ الكَشْفِ، ثَلاثَةٌ مِن تَلامِيذِه قَالَ لأَحَدِهم أنتَ في الحدِيثِ يَعني أنتَ تَبقَى تَشتَغِلُ في الحديثِ وهوَ في الرَّبِيعُ بنُ حَبِيبٍ الْمُرادِيّ، وقالَ لآخَر أنتَ في الحَدِيد، وقالَ لآخَرٍ أنتَ قَوِيٌّ في المنَاظَرة، أنتَ رَجُلُ الْمُنَاظَرة، الذي قالَ لهُ أنتَ في الحَدِيد وهوَ البُوَيطِيّ يُوسُفُ بنُ يَحيى، لما حَصَلَتْ مِحنَةٌ بَعدَ وفاةِ الشّافِعيّ الخلِيفَةُ كانَ ببَغدادَ وصَارَ يَقُولُ للنّاس قُولُوا القُرءانُ مَخلُوقٌ، وهَذا الكَلامُ لا يَجُوز، بَعضُ النّاسِ خَوفًا مِنَ العُقُوبَةِ كَانوا يَقُولُونَ، وبَعضُهُم يَأبَونَ أنْ يَقُولوا، الإمامُ أحمدُ في بَغدادَ امتَنعَ فسَلَّطَ علَيهِ الخَلِيفَةُ مِائةً وخَمسِينَ جَلّادًا يتَعاقَبُونَ على ضَربِه في لَيلَةٍ واحِدَة لكن لم يمتْ مِن ذَلك أمّا الذي تكَلَّمَ عنه الشّافعِيُّ وقالَ لهُ أنتَ في الحَدِيد، ثم هَذا في مِصرَ امتَنعَ مِنَ القَولِ بذلكَ فأَرسَلُوه مِن مِصرَ إلى بَغدَادَ مُكَبَّلًا بالحَدِيد، ومعَ ذلكَ مَا تَزحزَح بَل ثَبَت حتى ماتَ والآخَرُ صَارَ قَويّا في المنَاظَرة أيُّ إنْسَانٍ يُناظِرُه يَقْوَى علَيهِ وهوَ الْمُزَنيّ إسماعيلُ بنُ يَحيى.
بَعضُ الجُهّالِ يَظُنُّونَ أنّ العُلَماءَ لَيسَ لَهم كَرامَاتٍ إنّما الكَرامَاتُ على زَعمِهم لأهلِ الطَّريقَةِ المتَصَوّفِينَ وهَذا بَاطِلٌ كُلُّ عَالِم يَعمَلُ بِعِلمِه ظَاهِرًا وبَاطنًا فهوَ وَليٌّ إنْ ظَهرَتْ لهُ كَرامَةٌ وإنْ لم تَظهَر. مَنْ لَنَا في هَذا الزَّمَن مِثلَ الشّافِعيّ الذي إذَا قَرأ القُرءانَ فَاسْتَمَع لهُ النّاسُ يتَسَاقَطُونَ مِن شِدَّةِ الفَرَح والخَشْيَةِ، مِن شِدَّةِ اللَّذّةِ بسَمَاعِ قِرَاءَةِ القُرءان.
هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف يجتمع نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، لقي جده شافع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع، وأم الشافعي هي فاطمة بنت عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأما مولده فعن عمرو بن سواد قال: قال لي الشافعي ولدت بعسقلان فما أتت علي سنتان حملتني أمي إلى مكة وكانت رغبتي في شيئين الرمي وطلب العلم فنلت من الرمي حتى أني لأصيب من عشرة عشرة وسكت عن العلم، فقلت أنت والله في العلم أكثر منك في الرمي، وقد ولد سنة 150 هجرية في السنة التي مات بها أبو حنيفة رحمهما الله.