الإجتهاد ليس في كل موضع عذرا يمنع التكفير
13 أغسطس 2018فضل الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم
14 أغسطس 2018مُوسَى وَالْخَضِرُ فِى السَّفِينَةِ
مُوسَى وَالْخَضِرُ فِى السَّفِينَةِ
أَعَادَ مُوسَى فَتَاهُ إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ وَانْطَلَقَ مَعَ الْخَضِرِ يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ حَتَّى لَمَحَا سَفِينَةً فَطَلَبَا مِنْ أَهْلِهَا حَمْلَهُمَا إِلَى حَيْثُ يَذْهَبُونَ وَقَالَ لَهُمُ الْخَضِرُ (سَأُعْطِى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا ضِعْفَ مَا تَأْخُذُونَ مِنْ غَيْرِنَا) فَقَالَ أَحَدُ الْبَحَّارَةِ (إِنَّا نَرَى رِجَالًا فِى مَكَانٍ مَخُوفٍ فَنَخْشَ أَنْ يَكُونُوا لُصُوصًا) فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ (بَلْ سَنَحْمِلُهُمَا فَإِنَّنَا نَرَى عَلَى وُجُوهِهِمَا النُّورَ) فَحَمَلاهُمَا بِدُونِ أُجْرَةٍ.
وَبَيْنَمَا هُمَا فِى السَّفِينَةِ فُوجِئَ مُوسَى بِأَنَّ الْخَضِرَ أَخَذَ لَوْحَيْنِ مِنْ خَشَبِ السَّفِينَةِ فَخَلَعَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ يَرَى الْخَضِرَ عِنْدَئِذٍ إِلَّا مُوسَى وَلَوْ رَءَاهُ الْبَحَّارَةُ لَمَنَعُوهُ إِذْ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْخَضِرِ أَنَّهُ لا يَرَاهُ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ يَأْتِى إِلَى النَّبِىِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا يَرَاهُ إِلَّا هُوَ فَأَنْكَرَ مُوسَى وَهُوَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ الَّذِى أُرْسِلَ لِهِدَايَةِ النَّاسِ وَرَدِّ الظُّلْمِ عَنْهُمْ أَنْ يُقَابَلَ صَنِيعُ الْبَحَّارَةِ بِالإِسَاءَةِ وَجَمِيلُهُمْ بِالنُّكْرَانِ وَخَشِىَ أَنْ يُصِيبَهُمْ غَرَقٌ أَوْ هَلاكٌ فَنَظَرَ إِلَى الْخَضِرِ مُعَاتِبًا وَقَالَ (أَرَدْتَ إِهْلاكَهُمْ وَقَدْ أَصْعَدُونَا بِدُونِ مُقَابِلٍ وَأَحْسَنُوا لِقَاءَنَا فَتَخْرِقُ سَفِينَتَهُمْ وَتُحَاوِلُ إِغْرَاقَهُمْ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا عَظِيمًا) فَالْتَفَتَ الْخَضِرُ إِلَيْهِ وَمَا زَادَ أَنْ ذَكَّرَهُ بِالشَّرْطِ وَالْعَهْدِ قَائِلًا (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ) فَتَذَّكَرَ مُوسَى وَقَالَ (لا تُؤَاخِذْنِى) وَتَنَحَّى جَانِبًا.
وَبَيْنَمَا هُمَا عَلَى السَّفِينَةِ إِذْ جَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِهَا فَغَمَسَ مِنْقَارَهُ فِى الْبَحْرِ فَقَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى (يَا مُوسَى مَا عِلْمِى وَعِلْمُكَ فِى جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَمَا نَقَرَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ) مَعْنَاهُ لا نَعْلَمُ مِنْ مَعْلُومَاتِ اللَّهِ إِلَّا الْقَدْرَ الْقَلِيلَ الَّذِى أَعْطَانَا وَالْقَدْرُ الَّذِى أَعْطَانَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَمْ يُعْطِنَا كَمَا أَصَابَ مِنْقَارُ الْعُصْفُورِ مِنَ الْمَاءِ حِينَ غَمَسَهُ فِى الْبَحْرِ.
وَلَمَّا مَرَّتِ السَّفِينَةُ بَعْدَ حِينٍ بِدُونِ أَنْ يَغْرَقَ أَحَدٌ مَرَّرَ الْخَضِرُ يَدَهُ عَلَى مَكَانِ اللَّوْحَيْنِ الْمَكْسُورَيْنِ فَعَادَا كَمَا كَانَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَاسْتَبْشَرَ بِهِ أَهْلُ السَّفِينَةِ ثُمَّ وَصَلَ إِلَى مُرَادِهِ فَنَزَلَ هُوَ وَمُوسَى.