الرّد على القائلين بحرية الاعتقاد (2)
الرّد على القائلين بحرية الاعتقاد (2)
28 يوليو 2017
دعاء لقضاء الدين
دعاء لقضاء الدين
28 يوليو 2017
الرّد على القائلين بحرية الاعتقاد (2)
الرّد على القائلين بحرية الاعتقاد (2)
28 يوليو 2017
دعاء لقضاء الدين
دعاء لقضاء الدين
28 يوليو 2017

منافع التقليل من الطعام والشراب

منافع التقليل من الطعام والشراب

منافع التقليل من الطعام والشراب

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للهِ ربِّ العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن والصلاة والسلام على حبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.

أما بعد، قال الله تعالى [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ] {الأعراف:31}، وقال النبي صلَّى الله عليه وسلم (ما ملأَ ءادميّ وِعَاءً شَرًّا مِن بَطنِهِ بحَسْبِ ابنِ ءادمَ لُقَيمات يُقِمنَ صُلبَهُ فإن كانَ لا محَالةَ فثُلُثٌ لطَعامهِ وثلُثٌ لشَرابهِ وثُلُثٌ لنَفَسِهِ) رواه الترمذي.

قوله عليه السلام (بحَسْبِ ابنِ ءادَمَ لُقَيمات) أي يكفِيه لقَيمات وهي ما دونَ الأحَد عشَر. قوله عليه السلام (يُقِمنَ صُلبَه) أي تحفَظ لهُ قُوَةَ جسَدِه.

إنَّ في قِلّة الأكل كما يقولُ الأطباء والحكَماء مَنافعُ كثيرة على صِحّة البَدن والقَلب والدِّماغ. وقد قال بعض مشاهير الأطباء العرب: المعدةُ بيتُ الدّاءِ والحِميةُ رأسُ كُلّ دَواء. اهـ
ففِي قِلّة الأكل عافيةُ البَدن، ويُصبحُ الرّجل أصحَّ جِسمًا وأَجودَ حِفظًا وأَزكَى فهمًا، أقلّ نَومًا وأخَفّ نَفسًا، ومَن قَلَّ طَعامُهُ وشَرابهُ، صَحَّ جِسمهُ من كثيرٍ مِنَ العِلَل ورَقَّ قلبهُ وزاد عطفه على الفقراء.
لذلك يقول أحد الحكماء: مَن أرادَ عافيةَ الجِسم فليُقلِّلْ مِنَ الطّعام، ومَن أرادَ عافيةَ القَلب فلْيَترُكِ الآثام ورَاحةَ اللِّسَان في قِلّة الكلام. اهـ
وقيل: لا تَسكن الحكمة معدةً مُلِئَت طَعامًا. اهـ

وأمّا مَنافعُ تقليل الطّعام على القَلب فلِقِلّة الطّعام معَ تَرك الذّنوب تأثير عظيم على قُوّة العقل والفَهم وعلى صَلاح القَلب وتَنويرِه كما يقولُ العلماء والحكماءُ، فالبِطْنَة: وهيَ امتلاء المعدة بالطعام الكثير تُقَسّي القلب وتُغيِّر في العَقل وتُورِث الكسَل والانحطاطَ وإنّ كثيرَ الأكل يتَثاقلُ صاحبُه عن كثيرٍ مما يُريد.
وأمّا قِلّة الأكل فتُورِثُ رِقّةَ القَلب وتَنويره وقُوّة الفهم وانكسارَ النّفس وضعفَ الهوى والتّقليل منَ الغَضب.

يقول السّيد الجليل إبراهيم الخواص: دواءُ القَلب خمسةُ أشياء: قِراءة القرءان بالتّدبّر وخَلاءُ البَطن وقيامُ اللّيل والتّضَرّع عندَ السّحَر ومجالسَة الصّالحين.

ويقولُ أيضًا رضي الله عنه: إذا أرَدت حَاجَةً مِن حَوائج الدّنيا والآخِرة فلا تأكلْ حتى تقضِيَها فإنّ الأكلَ يُغيِّرُ العَقل. اهـ

ويروى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها أخبرت عن سيرة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في طعامه وشرابه فقالت (لم يمتلىء جوفُ النبي صلى الله عليه وسلم شِبَعًا قَطّ وأنهُ كانَ في أَهلهِ لا يَسألهم طَعامًا ولا يتَشهّاه، إن أطعَموه أكلَ وما أطعَموه قَبِل وما سقوه شرِب). اهـ

وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال (المؤمن يأكل في مِعًى واحِد والكافرُ يأكُل في سَبعةِ أَمعَاءٍ) وفي هذا الحديث حَضٌّ على التّقليل مِن نعيم الدّنيا والزّهد فيها، والقناعة بالقليل من الطعام والشراب.

والإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه يقول في الشِبع (الشِبَع يُثقِل البدَن ويُزِيل الفِطنَة ويجلِبُ النّوم ويُضعِفُ صاحبَه عن العِبادَة). اهـ

وقال بعضهم: أصلُ كلِّ داءٍ البَرَدَه (والبَرَده هي التُخَمَه).
والتُخَمَه سُمِّيَت كذلك لأنّ الطّعام يثقلُ على المعدة فتَضعُف عن هضمِه فيَحدث منهُ المرض.

إنّ كثرةَ تَناول الطّعام والشراب مِن غيرِ حَاجةٍ إليهِما يُورث الكسَل والانحِطاط وفسَادَ البَدن وكذلكَ امتلاءُ المعدة بالطّعام وإدخالُ طَعام على طَعام يجعَلُ المعدةَ تَضغط على القَلب أو الرِّئة أو الحِجاب الحاجز ويُقلِّل مِن إدخالِ الأوكسجين المطلوب لهضم الطّعام وتَراكُم الدّهون في جُدران الأوعية الدّموية مما يؤدِّي إلى تصَلُّب الشّرايين حيثُ يُصبِح جِدار الأوعيه الدّموية صَلبًا غَير مَرِن لا يستَطيع الانقِباض والانبِساط حيث تَتطلب حَاجة الجِسم، ومِن ثَمّ يتَطوّر الوضعُ لحدُوث ارتفاعٍ في ضَغطِ الدّم حيثُ يُسبِّب ذلك أمراضًا كثيرةً مثلُ ضَعف الذّاكرة وقِلّة التَّركِيز، وإصابةُ مَراكِز السّمْع والبصر والذّبحة الصّدريّة وهُبوط في عضَلةِ القَلب وكذلكَ الفشَل الكَلَوي.

يقول طبيبُ العرب الحارث بنُ كَلَدَه : المعدةُ بيتُ الدّاء والحِميَةُ رأسُ كلّ دواء.اهـ
وقالَ أحدُ الحكَماء: لا تَأكُلوا كثيرًا فتَشرَبُوا كثِيرًا فتَنامُوا كثيرًا فتَخسَروا كثيرًا. اهـ

اللهم ارزُقنا الزّهد في هذه الدنيا الفَانية وارزُقنا التّقليل من التّنعم، اللهمّ لا تجعل الدّنيا أكبر هَمِّنا ولا مَبلَغَ عِلمنا يا مُقلّب القلوب ثَبِّت قلوبَنا على طاعتِك.

وأخيرًا رحِمَ الله قائل هذه الأبيات :

رغِيفُ خُبزٍ يابِسٍ *** تأكلُه في زاويةْ

وكُوز ماءٍ باردٍ *** تَشرَبُهُ مِن صافِيهْ

وغُرفَةٌ ضَيِّقَةٌ *** نفسُكَ فيها خَاليهْ

أو مَسجِدٌ بمعزلٍ *** عن الوَرى في ناحِيهْ

تَدرُسْ فيهِ دفتراً *** مُستَنِدًا بسَاريهْ

مُعتَبِراً بمن مضَى *** مِنَ القُرون الخاليهْ

خَيرٌ مِنَ السّاعاتِ في *** فيء القصورِ العَالِيهْ

تُعقِبُها عُقوبَةٌ *** تُصلى بنارٍ حَامِيَه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *