بر الوالدين
18 نوفمبر 2016عذاب العاق لوالديه
18 نوفمبر 2016عقوق الوالدين من الكبائر
عقوق الوالدين من الكبائر:
عقوق الوالدين من الكبائر التي توعَّد الله فاعلَها بالعذاب الشديد في النار. ومعنى العقوق أن يؤذيَ والديه أذًى ليس بهيّن، ومع ذلك فإيذاء الوالدين سواء كان أذًى شديدًا أو خفيفًا فهو حرام. ومن الأمثلة على العقوق شتمُ الأم أو الأبِ أو ضربُ الأم أو الأبِ أو إهانتهما أو أحدهما.
ومن جملة العقوق أن يطيع الولد أمه على ظلم أبيه أو يطيع الولد أباه على ظلم أمه، ولا ينفعه عند الله تعالى إن أطاع أمه وظلم أباه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ونُصرةُ أحدِ الأبوين في ظلم الآخر حرام.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التعاون على الظلم، وورد في النهى عن الظلم أحاديث عدة، منها ما جاء عن أبي ذرّ الغِفاريّ رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فيها يرويه عن رّبه عزّ وجلّ أنه قال:”يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّمًا فلا تظَّالموا” رواه مسلم، ومعنى “إني حرّمت الظلم على نفسي” أي نزّهت نفسي عن الظلم، فربّنا منزّه عن الظلم.
فلا يُتَصَوَّرُ منه ظلم لأنَّ الظلم محال في حقّ الله قال الله تعالى{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}(سورة فصلت46/)
والظلم لغة وضع الشيء في غير محله، وهو مجاوزة الحدّ أو التصرف قي حق الناس بغير حق، وهذا مستحيل على الله، أي لا يجوز في حق الله لأن الله هو المالك المطلق يفعل في ملكه ما يشاء ويحكم ما يريد. أما نحن فإننا نملك أشياء مَلَّكنا الله أياها ولا بد أن نلتزم أحكامَ الشرع كما أمرنا الله.
عذاب العاق لوالديه:
ولْيُعْلَمْ أن عذاب عقوق الوالدْينِ المسلمَيْنِ عند الله تعالى عظيم حيث إن عاقَّهما لا يدخل الجنَّة مع الأوّلينَ، بل يدخلها بعد عذاب شديد مع الآخرين، وذلك لأنَّ هذا الذنب هو من كبائر الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة عاقٌّ” رواه البخاري ومسلم، أي لا يدخلها مع الأوّلين وليس المعنى أنه كافر محروم من الجنة.
وَما ذكرناه في أمر العقوق فإنه في حقّ الوالدْينِ المسلمَيْنِ أما إذا كان الأبوان كافرين أصلييْنِ فالله تعالى أَمَرَنَا بالإحسان إليهما من غير واجب ٍلكن لايطيعهما في كفرهما ولا في معاصيهما، وهذا معنى قوله تعالى{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}سورة لقمان15/و يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لا طاعة لمخلوق في معصية الله” رواه الإمام أحمد.
ثم إن كان الأبوان مسلمَينِ فقيرَينِ محتاجيْن ففرضٌ على الابن أن يُنفق عليهما فيطعهما ويكسوهما ويسكنهما.
كما أنه يجب على الابن المسلم أن يُزوّج أباه المسلمَ الفقيرَ إن كان محتاجًا للزواج وشقّت عليه العزوبة، فإن ترك الولدُ إعفافَ أبيه بالزواج مع كون الولد موسرًا وتأذّى الوالدُ أذًى شديدًا من العزوبة فإنه يكون عاقًا لأبيه.
والأحاديث التي وردت في الحثِّ على برِّ الوالدين والتي وردت في النهي عن عقوق الوالدين كثيرة، منها ما جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم أيّ العمل أحبّ إلى الله تعالى؟ قال:”الصلاة لوقتها” قلت ثم أي؟ قال:”برُّ الوالدين” رواه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:”من الكبائر شتمُ الرجلِ والديْهِ” قال:”يارسول الله وهل يشتم الرجلُ والديه؟” قال:”نعم، يسُبُّ أبا الرجل فيسبُّ أباهُ، ويسبُّ أُمَّه فيسبُّ أمه”رواه البخاريّ ومسلم
إن كثيرًا من الأبناء يعاملون ءاباءهم وأُمهاتهم معاملة غير حسنة، ويُغلظون لهم القول ولايعاملونهم بالأدب والأحترام، بل يصل بهم الأمر أحيانًا إلى حدّ الشتم و الضرب لمجرّد أن أباه لم يشترِ له سيارة جديدة أولم يُعطِهِ من المال ما يريده ليصرفه على ملذاته وطيشه، أو لمجرد أن أمَّه لم تنفّذ له طلبه على النحو الذي يُحبه ويهواه، مع العلم بأن الله فرض بِرَّهما وحَّرم عقوقهما، وقد كان الحريُّ به أن يقدّم لهما المساعدة ويعينهما على مواجهة المتاعب بدل أن يكون فظًّا معهما غليظ القلب بذيء اللسان.
روى البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إن الله حرّم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعًا وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال”.
خاتمة:
قال الله تعالى:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}سورة عبس الآيات من 34إلى 37.
ففي يوم القيامة الولدُ الذي ظلم والدهُ أو والدته، أو ظلم ابنه أو ظلم ابنته أو ظلم أخاه أو الوالد الذي ظلم ولده أو ابنته هؤلاء يفرّون من بعضهم يوم القيامة، أما الولد البارُّ بأمه وأبيه لا يفرّ منهما ولا يفرّان منه.
فليعلم كم للظلم من مساوىء وظلمات يوم القيامة، فاحرص على أن تكون بارًّا بأهلك، معينًا لزوجتك، محسنًا لأخيك ولابنك وابنتك، تكن فائزًا بإذن الله تعالى. وهذا كلُّه لا بدَّ له من العلم، فبعلم الدين تعرف كيف تصحّ منك العبادة، وبعلم الدين تعرف كيف تكون بارًّا بأمّك وأبيك، وكيف تربي أولادك التربية الصالحة، وكيف تكون من المتقين، قال تعالى:{الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}سورة الزخرف67/.
اللهم اجعلنا منهم وارزقنا العلم النافع والعمل به والحمد لله رب العالمين.