فوائد منثورة في النكاح
18 نوفمبر 2016حقوق الزوجة على زوجها
18 نوفمبر 2016قيام الليل لذة المتقين
قيام الليل لذة المتقين
الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
وبعد، يقول الله تعالى في محكم التنزيل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {15} آخِذِينَ مَا ءاتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ {16}كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ {17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{18} (سورة الذاريات) ويقول النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: ” عليكمْ بقيامِ الَّليْلِ فإنَّهُ دأبُ الصالحينَ قَبلكمْ وإنَّ قيامَ الَّليْلِ قُربةٌ إلى اللَّهِ ومنهاةٌ عَن الإثمِ وتكفيرٌ للسَّيِّئاتِ ومطردةٌ للدَّاءِ عَن الجسدِ ” رواه الترمذي.
إعلم يا عبد الله الراغب في الترقي للمعالي وسلوك طريق المتقين الأخيار أن قيام الليل بأنواع العبادات وخاصة صلاة الليل هو عبادة عظيمة وهو لذة المتقين وسنة الأنبياء والمرسلين وهو منهج وطريق أولياء الله العارفين وعباده الصالحين.
وصلاة الليل هو سنة نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه،- دون أن يصل الأمر إلى حد الإضرار بالنفس – فقلت له: لم تصنع هذا يا رَسُول اللَّهِ وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ” أفلا أكون عبدًا شكورًا ” مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وقال النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم يوما عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:” نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ“ قَالَ ابنه سَالِـمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَنَامُ مِنْ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا”اهـ
ولقد قالت أم سليمان بن داود عليهما السلام وكانت من العابدات الصالحات تؤدي الواجبات وتجتنب المحرمات وتكثر من قيام الليل في طاعة الله عز وجل، قالت لابنها سليمان عليه السلام: ” يا بني! لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيرًا يوم القيامة “. رواه ابن ماجه.
إن المريد السالك الذي تنور قلبه بنور الإيمان والطاعات يعلم أن قيام الليل بأنواع الطاعات هو عبادة عظيمة، فهو قرة عين أحباب الله الولهين بطاعته، ولذة أرواح المتقين الموحدين، وبستان العابدين، وتجارة الفائزين، وثمرة نفوس الخاشعين المتبتلين، ومحك أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين، وهو طريق للمعالي ولنيل الدرجات العلى في جنات النعيم لأن فيه مجاهدة النفس ومخالفتها، فهذا العابد التقي الذي قام يتهجد في الليل وخاصة في الليالي الباردة يعبد ربه ويناجيه ويكثر من ذكره ويتضرع إليه بالدعاء وقد ترك لذة النوم بالليل وترك زوجته ولحافه وفراشه الوطيء المريح طلبا لما عند الله تبارك وتعالى من المثوبة، فعوضه الله في الآخرة خيرا مما تركه نعيما عظيما في جنات النعيم، قال الله تبارك وتعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {15} آخِذِينَ مَا ءاتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ {16}كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ {17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{18} (سورة الذاريات) وقال عز وجل: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {16} فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {17} (السجدة).
ويقول النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ ” رواه أحمد ورَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح، وابن ماجه والحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.اهـ
ومما يدل على فضل قيام الليل ما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” يَنْـزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ “اهـ
قال النووي في شرح صحيح مسلم(ج/ص: 6/37):
هذا الحديث من أحاديث الصِّفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء سبق إيضاحهما في كتاب الإيمان ومختصرهما أنَّ: أحدهما: وهو مذهب جمهور السَّلف وبعض المتكلِّمين: أنَّه يؤمن بأنَّها حقُّ عَلَى ما يليق باللَّه وأنَّ ظاهرها المتعارف في حقِّنا غير مراد ولا يتكلَّم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق. والثَّاني: مذهب أكثر المتكلِّمين وجماعات من السَّلف، وهو محكيٌّ هنا عن مالك والأوزاعيِّ: أنَّها تتأوَّل عَلَى ما يليق بها بحسب مواطنها، فعَلَى هذا تأوَّلوا هذا الحديث تأويلين: أحدهما: تأويل مالك بن أنس وغيره معناه: تنزل رحمته وأمره وملائكته، كما يقال: فعل السُّلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره. والثَّاني: أنَّه عَلَى الاستعارة، ومعناه: الإقبال عَلَى الدَّاعين بالإجابة واللُّطف، واللَّه أعلم.اهـ كلام النووي
قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري (3/31):
قوله: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) استدل به من أثبت الجهة وقال: هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز تعالى الله عن ذلك. وقد اختلف في معنى النزول على أقوال: فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة تعالى الله عن قولهم. ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة وهم الخوارج والمعتزلة وهو مكابرة، والعجب أنهم أولوا ما في القرءان من نحو ذلك وأنكروا ما في الحديث إما جهلا وإما عنادا. ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه وهم جمهور السلف، ونقله البيهقي، وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث وغيرهم. ومنهم من أوله على وجه يليق مستعمل في كلام العرب. ومنهم من أفرط في التأويل حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف، ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبا مستعملا في كلام العرب وبين ما يكون بعيدا مهجورا فأول في بعض وفوض في بعض، وهو منقول عن مالك وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد. قال البيهقي: وأسلمها الإيمان بلا كيف والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق فيصار إليه. اهـ ثم قال:
وقال ابن العربي: حكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث، وعن السلف إمرارها، وعن قوم تأويلها وبه أقول. فأما قوله ينزل فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني، فإن حملته في الحديث على الحسي قتلك صفة الملك المبعوث بذلك، وإن حملته على المعنوي بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة، فهي عربية صحيحة انتهى. والحاصل أنه تأوله بوجهين: إما بأن المعنى ينزل أمره أو الملك بأمره، وإما بأنه استعارة بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ونحوه. وقد حكى أبو بكر بن فورك أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا، ويقويه ما رواه النسائي، من طريق الأغر، عن أبي هريرة وأبي سعيد، بلفظ “إن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل، ثم يأمر مناديا يقول: هل من داع فيستجاب له ” الحديث. وفي حديث عثمان بن أبي العاص ” ينادي مناد هل من داع يستجاب له ” الحديث. قال القرطبي: وبهذا يرتفع الإشكال، ولا يعكر عليه ما في رواية رفاعة الجهني ” ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: لا يسأل عن عبادي غيري ” لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور. وقال البيضاوي: ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه، فالمراد نور رحمته، أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة.اهـ كلام الحافظ
لذا فليكن لك أخي المسلم حظ وافر من صلاة التهجد وقيام الليالي في مختلف أنواع الطاعات والعبادات كالصلاة وقراءة القرءان والذكر والاستغفار والدعاء وخاصة في الثلث الأخير من الليل ووقت السحر قبيل طلوع الفجر الذي هو وقت مبارك، فهو وقت صفاء الروح وتليين القلوب واستجابة الدعاء.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وأن الدعاء في ذلك الوقت مجاب، ولا يعترض على ذلك بتخلفه عن بعض الداعين لأن سبب التخلف وقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس أو لاستعجال الداعي أو بأن يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم، أو تحصل الإجابة ويتأخر وجود المطلوب لمصلحة العبد أو لأمر يريده الله.اهـ
واعلم أن أهل الله العارفين وأولياءه الصالحين لا يتركون في الغالب قيام الليل بطاعة الله تعالى لما يجدون فيه من أنس ولذة وسعادة وحلاوة في مناجاتهم لخالقهم بالذكر وقراءة القرءان قدوتهم في ذلك النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي كانت قرة عينه في الصلاة .
إن قيام الليل بالصلاة والذكر والدعاء والاستغفار لذة وسعادة المتقين وعباد الله الصالحين، لذلك يقول العارف بالله أبو سليمان الداراني: ” لأهل الطاعة في ليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا“.
وكان عبد الله بن عمر الذي هو عبد صالح كما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل ثم يقول لتلميذه نافع أسحرنا ؟ – أي دخلنا في السحر – فيقول له: لا، فيقوم لصلاته، ثم يقول: يا نافع أسحرنا ؟ فيقول: نعم، فيقعد فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر.
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقوم للتهجد إذا هدأت العيون في الليل، وكان يسمع له دوي كدوي النحل حتى يصبح.اهـ
وكان التابعي الجليل طاووس رضي الله عنه يفرش فراشه من العشاء ويصير يتقلب عليه ويئن إلى الصباح لا ينام وهو يقول: إن خوف جهنم أطار نوم العابدين.
وكان العابد الصالح عبد العزيز بن أبي داود يفرش له الفراش فيضع يده عليه ويقول: ما ألينك ولكن فراش الجنة ألين منك، ثم يقوم إلى صلاته فلا يزال يصلي إلى طلوع الفجر.
وكان بشر الحافي وأبو حنيفة ومالك بن دينار وسفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم رضي الله عنهم يقومون الليل كله على الدوام إلى أن ماتوا.
وكان أبو الأحوص يقول: أدركنا العلماء والعباد وهم لا ينامون الليل، وكنت إذا طفت بدار أو بمسجد في الليل سمعت فيه دويا كدوي النحل فما بال هؤلاء أهل زماننا يأمنون مما كان أولئك يخافون منه.
وكانت السيدة الجليلة رابعة العدوية رضي الله عنها تتوضأ كل ليلة وتتطيب وتقول لزوجها ألك حاجة ؟ فإن قال: لا، قامت إلى الصباح، وكانت تقول أول الليل: إلهي نامت العيون وغارت النجوم وأغلقت ملوك الدنيا أبوابها وبابك لا يغلق فاغفر لي. ثم تصف قدميها إلى الصلاة وتقول: وعزتك وجلالك هذا موقفي بين يديك – أي مناجاتك في الصلاة بالذكر وقراءة القرءان مع الخشوع – إلى الصباح ما عشت.
وكان ثابت البناني رضي الله عنه يصلي الليل كله ويقول لأهله: قوموا فصلوا فإن قيام الليل أهون من مكابدة أهوال يوم القيامة.
وكان المغيرة بن حبيب يقول: رمقت عيناي ليلة مالك بن دينار رضي الله عنه وقد انتصب من العشاء قابضا على لحيته فما زال يبكي ويقول يارب ارحم شيبة مالك إلى أن طلع الفجر.
وقال أيضا: رمقت عبد الواحد بن زيد رضي الله عنه شهرا فرأيته لا ينام من الليل شيئا وكان يقول لأهل الدار كل ساعة مضت من الليل: يا أهل الدار انتبهوا فما هذه دار نوم عن قريب يأكلكم الدود. يا من يرجو مقام الصالحين، وهو مقيم مع الغافلين، ويأمل منازل المقربين، وهو ينزل مع المذنبين، دع هذا الواقع. الصدق الصدق فيه تسلم، الجد الجد فيه تغنم، البدار البدار قبل أن تندم، هذا هو الدواء النافع، وصدق الله تعالى حيث قال: ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) (السجدة /١٦).
هكذا كان حال السلف الصالح في قيامهم الليل بمختلف أنواع العبادات والطاعات مع ما كانوا عليه في النهار من جهاد وورع ومسارعة في الخيرات والطاعات، فحاول أن تتشبه بهم في قيام الليل في مختلف وظائف الطاعات من صلاة وذكر ودعاء وتضرع واستغفار وقراءة للقرءان. ولتكثر في قيام الليل بأنواع الطاعات من التضرع والذكر والصلاة وقراءة القرءاة والاستغفار وخاصة وقت السحر، وناج ربك بلسان الذلة والاضطرار عن قلب متحقق بنهاية العجز وغاية الانكسار، وإياك أن تدع قيام الليل فيفوتك خير عظيم فلا يأتي عليك وقت السحر إلا وأنت مستيقظ قائم مستغفر مولاك، ذاكرا لله تبارك وتعالى.
قال الله تبارك وتعالى في وصف عباده الأخيار: ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون ) (الذاريات/17-18). يقول السيد الجليل إبراهيم الخواص: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرءان بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين “.اهـ
وكان السيد أحمد الرفاعي يقولُ رضي الله عنه ناصِحًا وواعِظًا أحدَ مُريديهِ:
عَوّد نفسَكَ القِيامَ في اللَّيل وسلّمها مِنَ الرّياءِ في العمَل وابكِ في خَلَواتِك وجَلَواتِكَ على ذنوبِكَ الماضية واعلَم أنَّ الدُّنيا خيَالٌ وما فيها زوَال، هِمّةُ أبناءِ الدُّنيا دُنياهُم وهِمَّةُ أبناءِ الآخِرَةِ ءاخرتُهُم، وإيـَّاكَ والتَّقرُّبَ إلى أهلِ الدُّنيا فإنَّ التَّقربَ منهُم يُقَسّي القلب، واشغَل ذِهنَكَ عنِ الوَسواسِ، واحذَر نفسَكَ مِنْ مُصاحَبَةِ صديقِ السّوء فإنَّ عاقبةَ مُصاحَبتِهِ الندامة والتأسُّفُ يومَ القيامِةِ كما قالَ اللهُ تعالى مُخبِرًا عمَّن هذا حالُهُ: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢۷) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً (٢٨)﴾ فبئسَ القرين، فاحفَظ نفسَكَ مِنْ القرينِ السّوء، يا ولدي تَمسَّك بسَببٍ لمعيشَتِكَ بطريقِ الشَّرعِ مِنْ كَسْبٍ حلال وأكثِر التردُّدَ لزِيارَةِ المتروكينَ مِنَ الفقراء، ووجّه قلبكَ لرسولِ الله، وعَمّر قلبَكَ بالذّكر وجَمّل قالَبَكَ بالفِكْر، واستعَن بالله وقُل على كُلِّ حالٍ الحمدُ لله، وأكرِم ضيفَك وارحَم أهلَك وولدَكَ وزوجتَكَ وخادِمَك “اهـ
فاحرص يا أخي المسلم الطالب للآخرة والدرجات العالية في جنات النعيم، والراغب في سلوك طريق السلف الصالحين على قيام الليل بالصلاة والذكر والعبادة والاستغفار.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده القائمين الراكعين الساجدين المتهجدين بالأسحار إنه سميع الدعاء.