اعتقادنا أن الله تعالى إذا عذّب العاصي فبعدله من غير ظلم، وإذا أثاب المطيع فبفضله من غير وجوب عليه، لأن الظلم إنما يُتَصَوَّر ممن له ءامِر وناه، ولا ءامر لله ولا ناهي له، فهو يتصرف في ملكه كما يشاء.
تبين من مجموع ما ذكرناه أن الله تعالى هو الذي يخلق الهدى والضلالة في قلوب من شاء من خلقه، فإذا أثاب المطيع فبفضله، وإن عاقب العاصي فبعدله من غير ظلم منه، لأنه تعالى يتصرف في ملكه كما يشاء.
يستحيل أن لا يحصل شىء أراد الله حصوله لقوله عليه الصلاة والسلام: (ما شاء الله كان) كما يستحيل أن يحصل شىء لم يرد الله حصوله لقوله عليه الصلاة والسلام (وما لم يشأ لم يكن).
إن من أصول عقيدتِنا الإيمانَ بالقدر كما نصّ على ذلك كتاب الله تعالى وحديث جبريل المشهور، ومعناه الاعتقاد الجازم بأن كل ما يحصل في هذا العالم إنما يكون بعلم الله عز وجل ومشيئته وقضائه وقدره وتخليقه.
قاد هؤلاء الهمج جهلُهم وإفكُهم إلى إطلاق التكفير جُزافًا بغير هدى ولا بصيرة ولا بينة، ابتداءً بالخوارج الذين كانوا أول فرقة شذّت في الاعتقاد عمّا كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.